Wednesday 1st January,2003 11052العدد الاربعاء 28 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
لا يجوز نقد التجار
عبدالله بن بخيت

اتصل بي صديق يزف لي التهنئة على مقالي يوم أمس الأول. ليس لأنه فتح الفتوح في المقالات الصحفية ولكن لأنه نجا بقدرة قادر من الرفض والشطب الذي يتعمده رؤساء التحرير عندما يكون المقال نقداً لرجل أعمال أو منشأة تجارية أهلية. لم نتعود حسبما قال صديقي على نقد رجال الأعمال أو المنشآت الأهلية إلا بالغمز واللمز وكأن هؤلاء التجار جزء من محرمات المجتمع التي يجب السكوت عنها.
في السنوات القليلة الماضية أصبح من حق الكاتب بل الأفضل للكاتب أن يكتب عن الدوائر الحكومية وأن يتعرض للمسؤولين الرسميين بالنقد والتجريح في بعض الأحيان دون أن يحاسبه أحد. بالفعل عندما أقلب مقالاتي ومقالات الزملاء الكتاب لا أتذكر أبداً أن أحداً كتب بوضوح وصراحة عن مصنع أهلي أوعن مستشفى أهلي أو مجمع تجاري بشكل واضح وصريح. لا أتذكر أن أحداً انتقد بوضوح ممارسات هؤلاء التجار علناً وبالاسم.. فالمقالات التي تتعرض لمثل هذه المنشآت إما أنها تتكلم بالرمز والغمز واللمز أو أن يصرح كاتبها بأنه يحتفظ باسم تلك المنشأة المعنية ليقدمها عند اللزوم. هذا يثير التساؤل.
أعزو هذا لعدة أسباب منها أننا لم نعتبر بعد المنشآت الرأسمالية جزءا من المفردات الثقافية للمجتمع. فما زالت تلك المنشآت ملكا لأصحابها والتعرض لها يعني التعرض لهؤلاء الناس. أي يدخل في باب القذف والتجريح والحسد. و السبب الثاني والأهم أن كثيرا من رؤساء التحرير يراعون التجار طمعاً في الإعلان.
في السنوات الأخيرة تحول دور رئيس التحرير في كثير من الصحف السعودية من رئيس تحرير إلى مدير إعلان وأصبحت الإعلانات هي الركيزة الأولى في الجريدة. ليس لأن هذه الإعلانات هي سبب استمرار الجريدة في الصدور ولكن لأن مجالس إدارات الصحف تركوا المبادئ التي قامت عليها الصحف والمجلات في البلاد وجلسوا على مقاعد أشد التجار جشعاً. وأصبح رئيس التحرير مندوب هؤلاء التجار لجمع الإعلانات المربحة لهم. فمجلس الإدارة لا يسأل رئيس التحرير عن الزيادة في عدد القراء والتوسع في الصفحات التحريرية وإنما يسأله عن الزيادة في الدخل أي الزيادة في الإعلان. والدليل أن الصحف السعودية هي الصحف الوحيدة في العالم التي ضحت تماما بالصفحتين الأولى والأخيرة، حيث أصبح الإعلان هو الأصل فيها. ومن السهل جداً على رئيس التحرير أن يحذف أي مادة صحفية مهما كانت أهميتها إذا ضايقت نشر إعلان لشامبو أولبطيخ. كما تلاحظ أن الإعلانات تربك المادة وتبويب الجريدة. وهذا يعني أن القارئ لم يعد له أي اعتبار. فالقارئ الحقيقي هو المعلن. وهناك عامل آخر لا يمكن تجاهله وهو الشفافية في معلومات توزيع الصحف. لا أحد يعلم من القراء أو من التجار كم توزع جريدة الجزيرة وكم توزع جريدة الرياض وعكاظ والمدينة. وكم توزع جريدة الجزيرة في بريدة مثلاً وكم توزيع جريدة عكاظ في نفس المدينة. فهذا التخبط خدم التجار وجعلهم يسيطرون على النشر. لا يستطع رئيس التحرير أن يعرض جريدته على المعلن بشكل تجاري أي بحجم توزيعها وبالمصلحة التي يجنيها التاجر من النشر فيها، ولكن بحجم التحبب والتودد والتنازل ليكسب الإعلان. وهذا السلوك انعكس على مجالس الإدارات التي تطورت من مجلس إدارة لمنشأة ثقافية إلى مجلس إدارة لمنشأة تجارية صرفة.
علماً أن قانون إنشاء الصحف في المملكة حدد دور الصحف بالدور الثقافي.
أعتقد أنه حان الوقت لفصل المسؤوليات في الصحف. فرئيس التحرير يجب أن يبقى رئيساً للتحرير أي أن يحاسب على زيادة عدد القراء، وليس على كمية الإعلان.
الشيء الثاني أن تفرض وزارة الإعلام على الصحف ودور التوزيع نشر بيانات دقيقة عن توزيع الصحف في المملكة بدقة.
وربما كان هناك أسباب أخرى وحلول أخرى ولكن الشيء المؤكد أننا في بلدنا من محبي تكريس التقاليد والتحريمات. وأخشى أن يأتي ذلك اليوم الذي يصبح فيه نقد التجار من الممنوعات العظيمة.
وحا حلها يا ابن سلوم

فاكس:4702164

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved