Thursday 9th January,2003 11060العدد الخميس 6 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الحوار السوري - الأمريكي..ملفات ساخنة في دائرة النقاش الحوار السوري - الأمريكي..ملفات ساخنة في دائرة النقاش

* دمشق - الجزيرة-عبد الكريم العفنان:
وسط أزمة إقليمية يتصدرها الملف العراقي وتنسحب على التوتر في الأراضي الفلسطينية؛ إضافة لملف التسوية تنعقد جلسات الحوار السوري - الأمريكي بعيدا عن الإعلام وبريق العناوين الصحفية التي تستبق في كثير من الأحيان مجريات الأمور، لكن هذا الحوار يثير جملة من الأسئلة حول تعقيدات العلاقات بين واشنطن ودمشق، وتوقيت هذا الحوار الذي يبدو انه لا يبتعد كثيرا عن الجهود الدبلوماسية لإبعاد شبح الحرب عن المنطقة، فالضغوط الأمريكية التي تظهر عبر حشد القوات العسكرية، تترافق مع وضعية سياسية معقدة وبالغة الحساسية، لأن دمشق التي تعتبر عن هيئة الأمم المتحدة هي الهيئة المناسبة لحل الخلاف مع العراق، ترى في نفس الوقت أن تكثيف العمل إقليميا ودوليا يساعد الهيئة الدولية على القيام بعملها، وربما كان الحوار الأمريكي-السوري اليوم مجالا جديدا لهذه الدبلوماسية الساعية إلى تأسيس الاستقرار في المنطقة، ووفق ريتشارد ميرفي فإن مبدأ الحوار بحد ذاته يوحي بوضعية انفراج في العلاقات بين دمشق وواشنطن، فهو سيتطرق وفق ما قاله ميرفي للجزيرة الى كل الملفات الساخنة بدءاً بالعملية السلمية ومرورا بالإرهاب وانتهاء بأزمة العراق، كما سيبحث طبيعة العلاقات الثنائية وإمكانيات التعاون في المجالات الإعلامية والثقافية، فانفراج العلاقات حسب رؤية ميرفي ستلامس مجلسي الشيوخ والنواب، إضافة لما يمكن أن تحققه على مستوى العلاقات بين ثقافتين لهما أبعاد مختلفة.
إن هذا الحوار انطلق عمليا وسط أزمة حقيقية أثارها بعض أعضاء في الكونغرس الأمريكي لفرض عقوبات على سورية، وذلك ضمن مشروع قانون «محاسبة سورية»، وهو يدعم اليوم من بعض أصحاب القرار في الولايات المتحدة، لفتح حوار يستهدف تقريب وجهات النظر، والوصول إلى أرضية مشتركة يمكن عبرها التعامل مع كافة الملفات، وإخراج العلاقات بين الدولتين من حالتها الراهنة، ورغم ان فكرة الحوار الأمريكي- السوري ليست جديدة، حيث عقدت جلسة في حزيران الماضي في جامعة «رايس» في«تكساس». لكنها تأتي اليوم وعلى مدى ثلاثة أيام لتهيئ أجواء جديدة وسط حالة مشحونة بالمواقف على المستويين الثقافي والسياسي، وهي من جانب آخر تقدم مؤشرات لمستقبل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وربما لمستقبل المنطقة في ضوء التطورات التي يمكن أن تتيحها بعض السياسات الجديدة لواشنطن، ومن الواضح أن دمشق تعتبر الحوار بذاته نجاحا لدبلوماسيتها في احتواء ما يسمى باليمينيين الجدد داخل الكونغرس، وذلك لاعتبارين أساسيين:
- الأول ان الحوار على المستوى الثقافي والسياسي يؤسس لشكل جديد من العلاقة بين البلدين، فهو يرتكز إلى تكوين استراتيجي يحاول صياغة مصالح البلدين وفق توجه خاص.
- الثاني ان اللقاءات السياسية ضمن إطار الحوار تكون متحررة من المواقف المسبقة، والتي تحكم الآليات السياسية لواشنطن، فرغم أن نتائج الحوار ليست ملزمة للإدارة الأمريكية لكنها تقدم صورة واضحة لصانعي السياسة في أروقة الكونغرس.
عمليا فإن فكرة الحوار القائم حاليا تنطلق من نقطة أساسية: هي أن رؤية الطرفين لطبيعة العلاقة بينهما، حكمتها على امتداد السنوات حركة الصراع مع إسرائيل، ووفق ما قاله ميرفي للجزيرة فإنه من الصعب اليوم خلق عملية فصل بين الولايات المتحدة وسياسات إسرائيل، أو بين سورية ورؤية الخارجية الأمريكية للمنطقة ككل، لذلك يبدو الحوار محاولة جادة لفهم حقيقة السياسات وطبيعة التفكيرالاجتماعي، بغض النظر عن المواقف والتراكمات التي خلَّفتها مسألة الشرق الأوسط على مدى نصف قرن.لذلك فمن التعسف استباق نتائج هذا الحوار عبر صيغ مطلقة من «النجاح» إلى «الفشل» لأنه يحاول صياغة منهج التفكير داخل صانعي القرار في الولايات المتحدة، وفي نفس الوقت يضع السوريون عموما في الوضع المركب الذي يحكم مؤسسات القيادة في واشنطن.وبيَّن ميرفي أن التحضيرات للجلسة الثانية للحوار بدأت منذ زيارة مدير«مركز بيكر للسياسات العامة» السفير السابق «إدوارد دجيرجيان» إلى سورية.
وكان من المقرر عقد الجلسة الثانية من الحوار خريف العام الماضي، لكن نصائح عدد من المشاركين بينهم السيناتور «آرلن سبكتر» أدت الى تأجيلها إلى بداية هذا العام، وبشكل يسمح لعدد من النواب الجدد بالمشاركة في الحوار الذي اشترط فيه الجانبان ان يكون بعيدا عن الإعلام كي يكون صريحا ومفيدا وعميقا بهدف تقريب وجهات النظر حول قضايا عدة مثل الإرهاب وتمييزه عن المقاومة وشروط تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وكيفية تطوير العلاقات الثنائية.
ووفق مصدر سوري مطلع فإن هذه الحوارات تتم انطلاقا من قناعة السوريين بشكل خاص، وان الحاجة للحوار تكون أكثر إلحاحا عندما تظهر الخلافات وبين أن الاهتمام السوري بهذا الحوار ينطلق من قناعة دمشق بضرورة نقل حقيقة الموقف العربي إلى الرأي العام الأمريكي عبر محاور عدة، منها حوارات بين خبراء وأكاديميين ودبلوماسيين، وقيام مسؤولين سوريين بالكتابة عن الموقف السوري في وسائل الإعلام الأمريكية الكبيرة والمحلية، وهو ما تم فعلا من خلال عدد من المقالات للدكتورة بثينة شعبان، مسؤولة العلاقات الخارجية والإعلام في وزارة الخارجية، إضافة لضرورة قيام السفارة السورية في واشنطن بجهود في اطارالدبلوماسية العامة، والاتصال مع أعضاء الكونغرس والنافذين في الإدارة الأمريكية، ولكن السياسة السورية حسب نفس المصدر تعتبر أن هذا الحوار له حساسية خاصة لأن دمشق لا تريده أن يؤثر على مواقفها السياسية، لذلك فإن إقامته بعيدا عن الإعلام ليس لضمان نجاحه، بل أيضا لعدم استخدام النقاشات ووجهات النظر للضغط على سورية عبر وسائل الإعلام الأمريكية، كما ركز المصدر على أن الحوار يمثله من الجانب الأمريكي وزارة الخارجية وعدد من أعضاء الكونغرس مثل سبكتر وداريل عيسى يقف في طريقه تيار آخر يسعى الى فرض عقوبات إضافية على سورية، لذلك فلا بد من التعامل مع هذا الأمر بوضوح وتحديد لكي لا يتحول الحوار إلى نوع من استباق المواقف ضد السياسة السورية أو استخدام مداخلاتها في الحوار لتكريس رؤية مسبقة يسعى بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي لاستخدامها بشكل دائم ضد سورية.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved