دور للأمم المتحدة وسط صيحات الحرب

تبدو التصريحات متناقضة بشأن الحرب على العراق، فبينما لا يخُفي كولن باول وزير الخارجية الأمريكي عزم بلاده على ضرب العراق حتى في حال عدم وجود دليل على أن هذا البلد يمتلك أسلحة الدمار الشامل فقد أعلن خافيير سولانا منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي أن الحرب دون دليل غير مبررة، وهذا هو رأي كل دول العالم باستثناء بضع دول، فالعالم يتابع الآن باهتمام مهمة المفتشين الدوليين الذين يتحدثون عن تعاون ملحوظ معهم من الجانب العراقي أشاد به الأمين العام للأمم المتحدة.. ويفيد ذلك أن لا شيء يستوجب ضرب العراق مع تلك المعطيات التي تعكس التعاون والتجاوب بين بغداد والمفتشين.
وبالطبع فإن الدول التي تتطلع إلى تسوية الأمر سلمياً تدهشها التصريحات التي تتحدث عن حرب حتى بدون دليل. فمثل هذه التصريحات تعكس جبروت القوة وتشيع قدراً كبيراً من المخاوف وخصوصاً أن كبار العالم يُجيزون لأنفسهم التحدث بلغة تفتقر كثيراً إلى الكياسة وتسقط الهيبة التي يفترض أن تصاحب أفعال وأقوال الدول الكبرى.
ومع هذه التصريحات يصعب تبيُّن أية مسالك يمكن للدول التي تحاول بذل جهود خيَّرة أن تسلكها فالقول إن الحرب لا محالة واقعة.. يحبط مثل تلك الجهود الخيِّرة في مهدها.
ومع ذلك فإن الولايات المتحدة التي تكرر أنها لا تحتاج إلى دليل لضرب العراق، سرعان ما تتحدث في أحيان أخرى عن ضرورة استنفاد كل الوسائل السلمية، كما يقول مسؤولون في إدارة بوش، أحياناً إن الحرب غير حتمية.
ويبقى من المهم إفساح المجال أمام الأمم المتحدة حيث يقوم المفتشون التابعون لها بإنجاز المهمة الأساسية المتمثلة في البحث عن أسلحة الدمار الشامل، ومهما كانت النتائج فإن عمل المنظمة الدولية يكتسب قدراً من الحيادية وخصوصاً إذا تم بعيداً عن التدخلات، حيث من المهم إعطاء الفرصة للأمم المتحدة لأن إعادة صدقيتها سيقنع دول العالم بإمكانية الاحتكام إلى هيئة دولية تمثل العالم ككل بدلاً من الانجراف وراء صور التباهي بالقوة وعزل أعضاء كثر من الأسرة الدولية وتركهم في موقف المتفرج في شأن يهم العالم ككل.