Friday 17th January,2003 11068العدد الجمعة 14 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هل من نظرة جديدة لوظائف التعليم المدرسي؟! هل من نظرة جديدة لوظائف التعليم المدرسي؟!
مندل بن عبدالله القباع

نعني بالتعليم النظامي أنه التعليم المدرسي بمجالاته المتدرجة وانعكاسه للمحيط الذي يتواجد فيه وينتمي إليه ويعمل على فهم أوضاعه الحالية والمستقبلة. والتعليم بهذه الصورة يتأثر ويؤثر في تلك الظروف المحيطة به ويضع مرتكزات بنائه وتوجيهه.
وتتمثل قواه في المحافظة على ثقافة المجتمع وينقل ذلك من جيل إلى جيل باعتباره عاملا من عوامل تطوير المجتمع وتقدمه.
هكذا يبدو الترابط بين المجتمع والنسق التعليمي ويتحقق التوافق بينهما على ما يبثه التعليم من مفهومات علمية ومنهجية يتم ترجمتها في مناهج التعليم وأهدافه ونظمه. فما هي وظائف التعليم المدرسي؟ والإجابة عن هذا التساؤل يعني التمييز بين موقفين: الموقف التقليدي الذي نتج عنه العديد من الصعوبات. وهناك الموقف الجديد التقدمي الذي يحمل عوامل التصدي لهذه المشكلات.
ولمزيد من الإيضاح فإن منهجية التعليم التقليدي تدخلنا في صعوبة تلو صعوبة نتيجة ما يحمله في داخله من ثنائيات متباينة نذكر منها:
ما بين التعليم الأكاديمي وما يقابله من تعليم فني وفي ذلك يمكن القول بأن التعليم الأكاديمي التقليدي أصبح في منأى عن سد الحاجات والمطالب الاجتماعية والاقتصادية في الوقت الذي يعبر فيه المجتمع عن مدى عوزه إلى الفنيين ذوي الاختصاصات الفنية اللازمة لتطوير المجتمع وتنميته في نفس الوقت الذي يواجه فيه كلاهما التقدم في مجالات التقنية الحديثة في ميدان العمل مما يدعو إلى ممارسة الأفراد أعمالا متباينة في مهارات الإتقان كضرورة لممارسة المهنة بل قد يحتاج الأمر للتدريب التحويلي ليتوافق مع متطلبات سوق العمل وفي تكنولوجيا جديدة ومتطورة، يتبعها بالضرورة وظائف وأعمال تتوافق مع نواحي الطلب على تخصصات مهارية معينة.
وإزاء ذلك يبرز تحدٍ آخر يتمثل في الفوارق بين استراتيجية التدريب العقلي والتدريب التقني مما يدعو كل إشكالية العمل اليدوي أو الاستيعاب الثقافي في محيط التعليم الأكاديمي الذي يهتم بتخريج فئات مؤهلة للعمل الخدمي وممارسة الوظائف الإدارية.
أما التعليم والتدريب التقني فهو يختص بتخريج فئات متخصصة للدخول لميدان العملية التطبيقية.. فإذا لم يتم التنسيق بين هاتين الثقافتين لكان باعثاً على الاضطراب في مستويات التدريب العقلي والتدريب المهاري التطبيقي، وما ينتج عنه من تميز في المكانة الاجتماعية وأداء الدور، وما يصاحب ذلك من مشكلات التوازن مع التغيرات المتسارعة وعدم اللحوق بها تخلف في الاتجاهات أو التصور في النظرة الشاملة للواقع المعاش ومطالبة من النسق التعليمي أو المهاري، وعدم التجديد في الهدف الأساسي من العملية التربوية وتوجهه نحو هدف التكامل في الجوانب الثقافية.
ولما كان ثمة صلة بين التعليم الاجتماعي وحركة المجتمع وعلى الرغم من ذلك فإن المؤسسة التعليمية تبث معارف ومهارات ومفاهيم واتجاهات يتكرر تناقلها من جيل لآخر عن طريق المقررات الدراسية الذي يؤكد مبدأ التلقين الذي يحد من إمكانات التدبر والتأمل في حدود ما يتناسب مع تجديد وتطوير الأوضاع والظروف المتغيرة في المحيط الاجتماعي ويرجع هذا الاضطراب في المنظومة التعليمية ذات مغزى حيث تشير إلى تشكل عقلية الإنسان من خلال النظام التعليمي بما في ذلك ثقافته التي تساهم في وحدة الإنسان مع الذات والآخر المجتمعي في آن واحد.
إن التعليم النظامي الذي يعتمد في منهجيته على التلقين لا يتيح أية فرصة لإمكانات المناقشة وإقامة العلاقات الحوارية بين المتعلم والمعلم مما يجعل هذه العلاقات إيجابية ويبرز فرص الإبداع والابتكار والتجديد، الذي يدعم تحسين النمط الحياتي والمعيشي ويقيم أواصر المحبة والانتماء والعمل المرشد لخدمة المجتمعي والسعي لتطويره.
هذه المآخذ وغيرها في منأى عن التربية التقنية التي تهتم بتوسيع مساحة الأخذ بالتكنولوجيا الحديثة ومن الموقن أن دواعي التطوير تتطلب التعامل مع التكنولوجيا في مجالات التعليم المختلفة باعتبارها عملية اللحوق بالتطور الحادث في الدول المتقدمة والتي سبقتنا في هذا المضمار للتحول نحو السيطرة على الطبيعة بما يفيد الإنسان ومجتمعه مما يؤكد أهمية الأخذ بأساليب النشاط وحل المشكلات لإثراء النواحي العقلية والمعرفية. وليكن شعارنا في المجال التعليمي نعم للإتقان بديلا عن التلقين الذي لم يثبت جدواه إلا في بعض المواد التي تحتاج للاستظهار لما سبق حفظه في البعض وليس كل المقررات والمواد.
وفي ختام مقالنا هذا نقول إننا في حاجة إلى تعليم يخدم الكل الثقافي، وتعليم يعمل على النمو المتوافق للمتعلم، وتعليم يؤكد على الترابط بين جوانب الثقافة والتعليم جزء من أجزاء الثقافة، بل ومحتواه يعبر عن حالة الثقافة، فهل من نظرة جديدة لوظائف التعليم المدرسي؟

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved