Friday 17th January,2003 11068العدد الجمعة 14 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الأندية الرياضية ما لها وما عليها الأندية الرياضية ما لها وما عليها
د. سلطان بن عبدالعزيز العنقري

أثبتت الدراسات التي عملت في الدول المتقدمة أن التمارين الجسمية تساعد الأشخاص المكتئبين على التخلص من الكآبة والضغوط النفسية والتو تر والقلق التي أصبحت من سمات عصرنا المتغير بعد أن دخلت الآلة وأحدثت اغتراباً وفجوة بين الانسان ونفسه وبين الانسان وعمله.
وطبقاً لتلك الدراسات فإن التمارين تمنع زيادة الهرمونات التي تفرزها الغدد الادرينالية، كما أنها تؤكد على أن للتمارين الرياضية نشاطا وقائيا وتدخلا علاجيا في الوقت نفسه، فالبحوث التي عملت تشير إلى أن الاكتئاب يقل عند الأشخاص الذين يمارسون التمارين الرياضية لأن تلك التمارين تقوم بتنبيه التغيرات الكيماوية الداخلية في الجسم وخاصة عند الأشخاص الذين يمارسون رياضة الجري باستمرار.
ومن التأثيرات المهمة للتمارين الرياضية أن لها علاقة بكمية الأكسجين التي تذهب إلى الخلايا في الجسم، فالتمارين المنتظمة تقوي العضلات حول القفص الصدري والذي بدوره يسمح بطرد الكربون وذلك لتمكين الرئتين لأخذ أكبر كمية ممكنة من الأكسجين، لهذه الأسباب فإن التمارين الرياضية تزيد قدرة الشخص الحيوية وتتسبب أيضاً في جعل الجسم يطلب أكسجينا أضافيا لانتاج خلايا حمراء وهيموجلوبين أكثر. كذلك تساعد التمارين في التغلب على التعب الذي ينتج عن فقدان للطاقة وذلك لنقص الأكسجين وتراكم الكربون، كما تشير لها تلك الدراسات.
ولكن في المقابل أنديتنا الرياضية التي أصبحت لديها المنشآت الضخمة لا تركز فقط إلا على لعبة في الغالب أو عدة ألعاب تعد على الأصابع ومنها كرة القدم التي سحرت مئات الملايين من البشر وأصبح لها مدربوها وخططها وغيرها.
وإذا كان الهدف من الرياضة بشكل عام هو تهذيب النفوس وبناء الجسم السليم الذي يترتب عليه عقل سليم عن طريق التمارين والأنشطة المختلفة إلا أنه في السنوات الأخيرة أخذت منعطفاً آخر هو احراز الكؤوس والدروع وأصبح كل ناد لا يقاس بما يقدمه من نشاطات رياضية متعددة وإنما بما يحصل عليه من تلك الكؤوس في لعبة كرة القدم وغيرها من الألعاب الشعبية القليلة وهذا في نظري شيء جميل ولكن يجب ألا يكون هدفاً في حد ذاته.
إننا لو تمعنا بأهداف تلك الأندية لوجدناها - كما هو متعارف عليها - هي «رياضي، ثقافي، اجتماعي» ولنأخذ الهدف الأول «الرياضي»:
إلى الآن لم تحقق معظم الأندية أو لم تصل إلى ذلك الهدف فهي مركزة على ألعاب - كما أسلفنا - تعد على الأصابع فمثلاً هل قامت تلك الأندية بتنظيم سباق المسافات القصيرة أو الطويلة »الماراثون»؟ لم نسمع إلا مرة واحدة، هل قامت بفتح أبواب مسابحها على مصراعيها للشباب ونظمت دورات في تعليم السباحة بأجر رمزي لطلبة المدارس سواء في أيام معينة أو أثناء الاجازات أو عطلة نهاية الأسبوع عملاً بالقول «علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل»؟ لا نريد هنا إلا السباحة.
هل قامت تلك الأندية بفتح مشاريع اقتصادية لها تجلب النفع للنادي لاستمرارية دعمه والنفع للمجتمع في الاستفادة من تلك الخدمات التي تقدمها الأندية ويدفع لها مبالغ طائلة ومثل تلك المشاريع هي فتح مراكز رياضية مصغرة فيها مضمار للجري وبرك سباحة وتنس وغيرها من الأشياء المفيدة في الأحياء المكتظة بالسكان وعمل اشتراكات رمزية حتى يتمكن صغار السن والشباب وكبار السن من الاشتراك بها وفي الوقت نفسه تحصل الأندية على مردود مادي مجز وكذلك توظف عدداً من أبناء البلد.
وبذلك نقضي أوقات فراغ الشباب خوفاً عليهم من الوقوع في أشياء لا تحمد عقباها.
هذا بالاضافة إلى كسر احتكار الفنادق للتمارين الجسمية من سباحة وساونا وألعاب قوى مختلفة وغيرها من الأجهزة التي تساعد على بناء جسم سليم، فالاشتراك في الفنادق في برنامج ما يسمى ب«الفتنس بروجرام» يكلف الشخص من 3 إلى 6 آلاف ريال سنوياً فلو قامت تلك الأندية ووضعت فئات للاشتراك لصغار السن والطلبة بمبلغ رمزي والموظفين والعاملين باشتراك لا يتجاوز 1500 ريال سنوي بحيث يستفيد أولئك الأشخاص من تلك المنشآت العديدة من برك السباحة ومضمار للجري وألعاب التنس وغيرها فإنه بحسبة بسيطة سوف يكون هناك دخل ثابت سوف يتجاوز عدة ملايين من الريالات نظير استخدام لمنشآت تلك النادي.حيث انه من الملاحظ أن البعض من الأندية تشتكي من الأزمات المادية لعدم وجود مردود مادي من قبل المنتمين للنادي وحيث ان غالبية دخل تلك الأندية من الاعانات الحكومية والمباريات لا تغطي نفقات طاقم التدريب الذين يحصلون على مبالغ طائلة جداً فإن الاستفادة من تلك المشاريع سوف تجعل هناك دخلاً ثابتاً يغطي جميع مصاريف الأندية ويزيد.
الهدف الثاني «ثقافي»:
وهذا الهدف أيضاً مفقود لدى تلك الأندية وليس هناك غير أندية محدودة جداً تقوم بنشاطات ثقافية من خلال ما تقوم به من عرض المسرحيات الهادفة وغيرها ولها نشاطات ثقافية متعددة، أما بقية الأندية فهي تغط في نوم عميق فليست لها أي مشاركات ثقافية وان وجدت فهي محدودة فمن المفترض أن تكون هناك مسرحيات هادفة تناقش مشاكل المجتمع وقضاياه ويستقطب نخبة من أساتذة الجامعات وغيرهم من المختصين لمناقشة قضايا عصرية لمشاكل الادمان والتنشئة الاجتماعية والطلاق وغيرها من القضايا التي تستحق الطرح والمناقشة وأن تكون تلك المحاضرات والندوات بشكل مستمر.
كما أن الأنشطة الثقافية سوف تنشط إذا دخل الصفوة في المجتمع من أساتذة الجامعات وغيرهم من المتخصصين في الأندية الرياضية فأعتقد أنها خطوة ذكية جداً لادخال المتعلمين في تلك الأندية حيث ان الإدارة في أي ناد هي القدوة التي سوف يمشي على نهجها المنتسبون للنادي من رياضيين ومشجعين وأعضاء شرف وغيرهم وهنا نبارك لبعض الأندية التي ضمت في عضويتها مؤخراً نخبة من حملة المؤهلات العليا الذين سوف يكون لهم بلا شك باع طويل في خدمة الرياضة والثقافة وفي توجيه سلوك اللاعبين أو المشجعين توجيهاً ايجابياً.
أما الهدف الثالث الاجتماعي: فهو أيضاً لم يحظ بذلك الاهتمام من تلك الأندية فلا نجد الأندية تقوم بمساهمات فعالة في المجتمع على سبيل المثال لا الحصر مساعدة الجمعيات الخيرية التي تلعب دوراً بارزاً في مساعدة المحتاجين المستحقين فعلاً وذلك عن طريق عمل مباريات والتبرع بدخلها لتلك الجمعيات الخيرية أو المستحقين لها. لا يستفاد من لاعبيهم المشهورين وتوظيف طاقاتهم في التوعية بأضرار المخدرات أو التقيد بأنظمة المرور أو المحافظة على نظافة البلد أو الامتناع عن التدخين أو غيرها كما أنه إلى الآن لا يوجد في تلك الأندية اختصاصيون نفسيون واجتماعيون لمساعدة المنتسبين لها بالتغلب على الصعاب والمشكلات النفسية والاجتماعية التي يتعرضون لها ومحاولة ايجاد الحلول لها، فمعظم الأندية العالمية لديها اختصاصيون نفسيون واجتماعيون إلا عندنا دورهم مفقود تماماً.فالأدوار التي يقوم بها الاختصاصيون النفسيون والاجتماعيون أدوار مهمة تتمثل في عمل تتبع نفسي واجتماعي وحل مشاكل المنتسبين الاجتماعية والنفسية وتذليل الصعوبات التي تعترضهم فلو قامت تلك الأندية بفتح تلك المراكز للخدمات النفسية والاجتماعية فإنها بلا شك سوف تساعد الشباب - وهم الأكثر عرضة للاحباطات والصراعات النفسية خلال المرحلة المتقلبة وهي مرحلة المراهقة - لتخطي تلك المرحلة بثبات بدلاً من الجنوح والانحراف وذلك لقلة التوجيه والنصح..
هذا ما نريده ونأمله من أنديتنا الرياضية لكي تتحقق الأهداف المنشودة منها.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved