Monday 20th January,2003 11071العدد الأثنين 17 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رجال التربية والتعليم والاعمال يتحدثون عن لقاء سمو ولي العهد وأهميته: رجال التربية والتعليم والاعمال يتحدثون عن لقاء سمو ولي العهد وأهميته:
الوليد بن طلال: الأمير عبدالله يواجه الأمور بصدق وحكمة ويجد لها الحلول المناسبة
الخلف: ما أجمل أن يُحدد الهدف ويُعرض من أهله وأصحابه

* الرياض - متابعة عبدالرحمن المصيبيح:
ثمَّن صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود رئيس مجلس إدارة شركة المملكة القابضة رعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني للندوة الكبرى التي تنظمها وزارة المعارف في الثامن عشر من الشهر الحالي بعنوان»: «ماذا يريد المجتمع من التربويين وماذا يريد التربويون من المجتمع» وقال في تصريح خاص للجزيرة: الكل يعرف صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز يواجه الأمور بصدق وحكمة ويجد لها الحلول المناسبة خاصة ان قطاع التعليم قطاع هام يسهم في اعداد هذه الكوادر البشرية لخدمة هذا الوطن ومواطنه ولاشك ان هذا اللقاء الكبير بين سمو ولي العهد ورجال التربية والتعليم الهدف منه خدمة المملكة العربية السعودية. وعلق سموه آمالاً كبيرة وقال إنه سيخرج بتوصيات وقرارات في صالح التربية والتعليم في بلادنا الغالية. الكل يتحدث عن هذا اللقاء المنتظر:
مازالت الجزيرة تستشف آراء المسؤولين والمختصين التربويين للحديث عن هذا اللقاء الهام برعاية سمو ولي العهد حفظه الله..
حيث تحدث الاستاذ عبدالرحمن الخلف فقال:سرني كثيراً عنوان: «ماذا يريد التربويون من المجتمع؟ وماذا يريد المجتمع من التربويين؟» ويعود سبب السرور إلى ان أفضل علاج وأنجحه هو الدقة في التشخيص حيث لايوجد مجال للتخبط أو التخمين ومما يزيد في السرور ان التربويين جزء من المجتمع والمجتمع بعضه من التربويين، فما أجمل ان يحدد الهدف ويعرض من أهله وأصحابه! وكل يتحدث من جانبه.حيث إن إرادة كل واحد منهما من الآخر عظيمة وأمانة كبيرة وبما أنني أحد العاملين في حقل التربية والتعليم ولما للمجتمع من حق علي أحببت المشاركة في هذا الموضوع فأقول وبالله التوفيق:
* أولاً: ماذا يريد التربويون من المجتمع؟
- أن يثق المجتمع بأبنائه التربويين وان يراهم قدوة والشعلة التي تضيء لهم الطريق وأنهم أهل لسماع مطالبهم.
- يريد التربويون مجتمعا ذا أرض خصبة ومجتمعا مستمعاً ومتفاعلا مشجعاً طموحا أفراده متعاونون من جميع الطبقات، فالمسؤول يشجع ويدعم، والمدير يثق، وأعضاء المجتمع يتفاعلون ويشجعون ولايثبطون قال الشاعر:
متى يبلغ البنيان يوما تمامه
إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم
- كما يريد التربويون تأمين ما يمكن تأمينه للمساعدة على نجاح الأفكار التربوية النيرة، لا أن تكون حبيسة الأدراج والأوراق إما لعدم إمكانية تطبيق الفكرة سواء ماديا أو قناعة فكرية وعلى المجتمع ان يعرف ان الفكر السليم والسلوك الحسن والأخلاق الفاضلة كلها أهم نواة توضع وما بعدها أسهل، قال الشاعر:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وما الفائدة إن كان المجتمع والأمة صناعية أو منتجة ولكن دون قيم أو أخلاق أو مبادئ؟ وحتى نستخدم ما حبانا الله إياه من ماديات فيما يعود علينا بالنفع؛ وما فائدة العلم دون أخلاق؟ وكانت رسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم إتمام الأخلاق، قال تعالى: {وّإنَّكّ لّعّلّى" خٍلٍقُ عّظٌيمُ } وقال صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وأقرب الناس منزلة للرسول صلى الله عليه وسلم أحاسننا أخلاقاً.
لذا ينبغي على أعضاء المجتمع: آباء وأمهات وأبناء ومسؤولين ان يركزوا على هذا المبدأ، لكونه موجودا ولله الحمد، يجب عليهم ان ينفضوا عنهم غبار الكسل والخمول، وان يكونوا ذوي انفس تواقة لمواصلة كل ما هو جديد ومفيد، قال الشاعر:
ومن يتهيب صعود الجبال
يعيش أبد الدهر بين الحفر
- كما يريدون من المجتمع وضع خطة مستقبلية شبابية تفيد الشباب وتعدهم وتواكب الأحداث والمستجدات وتصقلهم وتجعلهم أعضاء نافعين ومفيدين لأمتهم ومجتمعهم وأهليهم، وهي تشغل وقتهم وتقوي ذهنهم وبنيتهم الجسمية والصحية كما قيل: «العقل السليم في الجسم السليم».
- كما يريد التربويون ألا يقف المجتمع (محلك سر) بل يتطلع إلى كل جديد ومفيد والحذر من الأفكار الهدامة المستوردة فإن مجتمعنا فيه من الأخيار والأفاضل الكثير.
وينبغي ان يعطوا الثقة فهم أدرى وأعرف بما يصلح للمجتمع وأعضائه وهم أنقى عقيدة وأعظم أمانة وأدق هدفا وأصدق غاية.
* ثانياً: ما يريده المجتمع من التربويين؟
- يريد المجتمع منهم ان يكونوا قدوة صالحة ناصحة ومضرب المثل في ذلك لأن النفس البشرية جبلت على النظر إلى شخصية الآمر هل هو مطبق لما يأمر به ومجتنبا لما ينهى عنه قال تعالى: {لٌمّ تّقٍولٍونّ مّا لا تّفًعّلٍونّ} وكذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعده الصحابة والتابعون حيث قبل ان يأمروا بشيء يكونون قد سبقوا الناس إليه وإذا نهوا عن شيء كانوا أبعد الناس عنه، قال الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عار عليك إذا فعلت عظيم
- ويريد المجتمع منهم ان يكونوا علماء عاملين لا عاملين دون علم او عالمين بلا عمل ولابد من الاحتساب والتضحية والبذل والسلوك الحسن والأخلاق الفاضلة.
كما يريد ان يكون هو أول المجتمعات ببرهم ونفعهم وان يخططوا له تخطيطاً مستقبلياً مبنيا على أسس ثابتة لما هو أنجع وأنفع لأبناء المجتمع من الأمور الحديثة ونستفيد من النظريات والأفكار الجديدة المفيدة وتصب بقالب سليم خالٍ من الشوائب.
- ويريد المجتمع ألا يبخل التربويون بما لديهم ومن يرى في نفسه الكفاءة والشجاعة والقدرة ان يقدم نفسه قال تعالى عن يوسف عليه السلام {اجًعّلًنٌي عّلّى" خّزّائٌنٌ الأّرًضٌ} ويشرح مالديه لأنه قريب من الواقع ومن الميدان مدعوم بالخبرة والتجربة والدراية.
وإن المجتمع ليشكر كل تربوي فعال أعطى بصدق وإخلاص وأمانة وحماس وفتح المجال للآخرين ليبدعوا كما أبدع ويسهموا كما أسهم وليخدموا مجتمعهم كما خدم ولأن يخرج وهو مرغوب فيه ومرتاح الضمير محتسبا بذلك وجه الله خير من ان يخرج او يكون عالة ضد كل جديد ومفيد متشبثاً بكرسيه عاضاً عليه بالتواجد ومضحيا بكل شيء في سبيل البقاء مدة أطول.
- كما يريد المجتمع ان يراعي التربويون المتغيرات والمستجدات التي تحدث فيسدوا كل ثغرة ويدفعوا كل جبهة مع مواكبة مستجدات العصر وان يخاطبوا العقول فإذا استطاعوا التأثير عليها ملكوها ووثق بهم الآخرون ثم قدموا ما لديهم من آراء وأفكار مما ينعكس على سلوك مجتمعهم.
- كما يريد المجتمع منهم الصبر والحلم والأناة فالتعديل يحتاج إلى وقت وصبر ومصابرة وليعلم التربويون ان «ما لا يدرك كله لايترك جله» فالأمة مستهدفة وأخطر هدف هو هدم الفكر وهذا هو دور التربويين الصالحين المصلحين من جميع التخصصات ولابد من تضافر الجهود لنختصر المسافات وتبلغ الغايات بإذن الله.
والله الهادي إلى سواء السبيل.
كما أشاد الاستاذ نبيل محمد الحسن من مدارس المملكة بالدور الكبير الذي يقوم به التربويون فقال: بداية لابد ان نثمن عاليا الدور الفاعل الذي يقوم به التربويون من معلمين ومشرفين ومرشدين وكل من يقدم الخدمة والرعاية للافراد والجماعات على اختلاف مستوياتهم التربوية والتعليمية. ولاشك بأن الدور التربوي والتعليمي يحتاج منا جميعاً إلى جهود مخلصة وإلى تعاون بناء في جميع قطاعات المجتمع، هذا التعاون الذي يسهم في رفعة وتقدم الوطن بأبنائه وإيلاء العناية والرعاية من الأبناء للوطن.
إن كل ما يبذله التربويون ويقدمونه لأفراد المجتمع من تربية وتعليم وبناء للمؤسسات التربوية والتعليمية والصحية والاجتماعية لهو أكبر دليل على ولائهم لوطنهم وأمتهم وأفراد مجتمعهم والذي تتجلى صوره في شتى بقاع الأرض في هذه الصور الطيبة التي تجعل من الوطن مهبطا للناس في كل أسفارهم وترحالهم. إن هذه الصور الجميلة التي يرسمها التربويون للوطن إنما تعبر عن نية مخلصة وهدف سام للنهوض بأفراد مجتمعهم صغاراً وكباراً رجالاً ونساء من خلال تربيتهم وتعليمهم لاعداد جيل تربوي مسلح بالإيمان بالله ومن ثم بالعلم والمعرفة وقادر على النهوض بمدخرات الوطن واستثمار طاقاته وخبراته التي لا تنضب. كما ان لرجال التربية والتعليم دورهم المميز في صياغة الخطط التربوية والتخطيط للمستقبل وفق رؤى تربوية واجتماعية ونفسية تراعي عاداتنا وتقاليدنا الإسلامية. فهم يقومون باعداد المناهج الدراسية المختلفة وطباعة الكتب والإشراف عليها وبناء المدارس والمعاهد والجامعات ويضعون استراتيجيات التعليم المناسبة والشاملة التي تركز على صقل شخصية كل فرد من أفراد المجتمع وتنميتها بجميع أبعادها، لبناء مجتمع قوي مترابط يسود بين أفراده المودة والمحبة والتعاطف والتعاون الذي يكون أساساً في جلب السعادة والراحة للجميع. كما يعمد التربويون إلى توفير فرص التعليم الجامعي ومتابعة الدراسات العليا في شتى المعارف والعلوم وتوفير المنح الدراسية للطلاب المتفوقين وبناء المؤسسات التربوية التي تعنى بهم وتراعي حالتهم النفسية والاجتماعية وتدعم أداءهم وتعليمهم. كما يعنى التربويون بالفئات الخاصة من المجتمع وذوي الإعاقات وصعوبات التعلم ويبذلون كل مافي وسعهم في سبيل توفير الوسائل التعليمية الملائمة والمناسبة التي تحسن من أدائهم وترعاهم. كما يحرص التربويون على توفير فرص العمل المناسبة لجميع أفراد المجتمع بما يضمن العيش الكريم لهم ولأسرهم. هذه بعض الانجازات التي يأملها المجتمع من تربوييه وبالمقابل فإنه يجب ان يساهم أفراد المجتمع في دعم وتعزيز هذه التوجهات والإنجازات بحيث يقدم أفراد المجتمع كل الدعم والمؤازرة لهؤلاء التربويين وتزويدهم بالأفكار البناءة وان يكونوا لهم عوناً ومساعداً في صياغة المشاريع التربوية، وان يكونوا مخلصين لهم على كافة الأصعدة ويعملوا على تهيئة الجو النفسي المناسب للعمل والبذل والعطاء.
ولاشك بأن كل فرد من أفراد المجتمع مطالب بالمحافظة على خيرات هذا الوطن ومقتنياته فالطالب مثلا مطالب بالمحافظة على كتبه ومدرسته وان يحافظ على الكتاب ويوليه اهتمامه ورعايته والا يمزقه بمجرد الانتهاء من دراسته، لكي يتيح الفرصة لاخوانه الطلاب ان يستفيدوا منه كما ان المعلم مطالب بأن يكون مخلصا في رسالته التربوية فعليه ان يعلم طلابه بكل أمانة وصدق وان يعطي الطالب حقه من التربية والتعليم كما انه على جميع افراد المجتمع المحافظة على مباني المدارس والمؤسسات التربوية المختلفة وعدم الإساءة إليها سواء بالكتابة على الجدران أو تكسير الأبواب والأدوات والمرافق ولنتذكر جميعاً بان ذلك ملك للمجتمع وللجميع الحق في المحافظة عليه.
وأبرز الاستاذ الحسن دور أفراد المجتمع وقال: كما ان أفراد المجتمع مطالبون بإخلاص النية بالعمل والالتزام بضوابطه من حيث حضورهم وانصرافهم في الوقت المحدد، لأنهم بذلك يساهمون مساهمة فعالة في تحقيق الأهداف التربوية والخطط التربوية التي وضعها التربويون لتنظيم العمل وإدارة الوقت بما يفيد ويسهل أمور حياتنا اليومية.
كما انه يقع على عاتق أفراد المجتمع مسؤولية التنسيق المباشر مع التربويين في الإعداد للندوات والمحاضرات التربوية التي تتناول مواضيع تربوية هامة ربما يكون البعض غافلا عنها، حتى تتحقق الاستفادة للجميع ويكون عنصر المتابعة هو العامل المهم في صياغة وتقييم الأهداف التربوية من حيث كيفية تحقيقها والتعامل معها.
من هنا فإن عملية البناء التي يقوم بها التربويون يجب ان يقابلها عملية بناء من قبل أفراد المجتمع، فجميع الحلقات متكاملة، إذ كل واحد منا يدعم التوجهات الإيجابية للآخر لبناء وطن جميل يزهو بأبنائه ويسوده في جميع الظروف والأحوال جو من المحبة والتآلف والتقدير والاحترام.
كما تحدث الاستاذ هاشم البيك المدرس بمدارس المملكة فقال:
لم تشهد الحياة ثورة في المعرفة وتسارعا في الانجازات العلمية كما شهد القرن العشرون، وهناك تباين بين الأمم في هذا المضمار فبعضها يبدع ويبتكر، وبعضها يحاول اللحاق بالركب بكل طاقاتها وفكرها لأنها ستواجه مصاعب كثيرة ان لم تفعل ذلك، وقد بدأت الأمم بالتربية لتحقيق طموحاتها، شأنها شأن الأمم المتقدمة.
أهداف الأمم المتقدمة توضع أمانة بين يدي معلم ويطلب إليه تحقيقها واخراج الناس من المجهول إلى التفكير في المعلوم، وهذا الدور الذي يوكل إلى المعلم يتطلب منه ان يكون قد حظي بما يجعله قادرا على التكيف مع المتغيرات الحديثة.
فهو إنسان يهدي الحياة كل يوم معتمدا على عقله وروحه، وجهده كوكبة من الأدمغة المتطورة تثري الحياة في مجالاتها المتنوعة في كل مكان وموقع، وعلى ضوء هذا إن المعلم القادر على تحقيق الأهداف، القادر على الإبداع والعطاء في ظل حضارة متسارعة يحتاج إلى تقدير دوره الإنساني الفاعل ولايمكن لهذا التقدير ان يؤتي أكله إلا ضمن خطة محكمة، من شأنها الحفاظ على شخصية متوازنة قادرة على الانطلاق نحو واجباتها بحيوية متجددة، لا تجد نفسها بعيدة عن المشاركة الفاعلة فيما يختص بشؤونها، ولا تجد نفسها مشغولة بهموم حياة قد لا تشغل فئات أخرى من المجتمع.
ان التفكير بهموم المعلم المادية والاجتماعية أمر ضروري في كل زمان ومكان، وهو ضروري لكل أمة تريد ان تغير واقعها وتجد لها مكانا على الخريطة الحضارية المعاصرة ان هذه الأمم المتقدمة في شتى المجالات تعطي التربية والقائمين عليها اهتماماً بالغاً وتعود إلى خبرتهم كلما استشعرت خطراً.
ولعل كل ما ذكر غير قادر على جعل المعلم أهلاً لحمل الأمانة والمسؤولية إذا كان لا يملك الدافع الذاتي القوي والرغبة في التطوير، والمتابعة المتواصلة للجديد في حقول المعرفة الإنسانية المختلفة، والابتعاد عن الروتين الممل القاتل.
وقال الاستاذ حسن عوض مدرّس في مدارس المملكة:
لعلها فرصة رائعة ان يجد التربويون مساحة إعلامية يبثون من خلالها آمالهم وتطلعاتهم من المجتمع في كيفية مساهمته بالنهوض في العملية التعليمية وسأجعل حديثي مركزاً في قضية من أهم القضايا التربوية المعاصرة والتي صارت في الآونة الأخيرة الشغل الشاغل والحديث الدائم لمجتمع التربويين ألا وهي قضية دافعية التعلم لدى أجيالنا الصاعدة.
لن أسترسل كثيراً في الحديث عن أسباب انخفاض دافعية التعلم لدى تلاميذنا فالتربويون رصدوا وتعرفوا على الكثير من الأسباب، ولكنني أرى أن أهم هذه الأسباب هي التي تتعلق بالمجتمع هذا مع عدم اغفالي للأسباب التي تتعلق بالمؤسسة التعليمية بدءاً من البناء المدرسي وانتهاء بالمناهج التعليمية إلا أن أهمية الأسباب التي تتعلق بالمجتمع تفوق كثيرا الأسباب التي تتعلق بالمؤسسة التعليمية، ولعل العمل على إيجاد حلول للأسباب التي تتعلق بالمجتمع يكون وسيلة للمؤسسة التعليمية للتغلب على أسبابها.
ويبدأ دور المجتمع في المشكلة من بعده عن العملية التعليمية وإغفاله لهذا القطاع من المجتمع وتهميشه فكريا واجتماعيا واقتصاديا والعمل من بعض قطاعات المجتمع على استغلاله والاستفادة منه فقط بقدر منفعتهم المادية دون الالتفات لما يخدم هذه الشريحة من المجتمع علميا وثقافيا وتربويا وخلقيا. نعم من هنا تبدأ المشكلة فهذه الشريحة مستهدفة لما يخدم المصالح الذاتية والآنية لبعض قطاعات المجتمع الاقتصادية وسأرصد بعضا من هذه السلوكيات، ويبقى للقارئ الكريم تقصي بقية السلوكيات السلبية في حق هذه الشريحة من المجتمع، والتي عملت ومازالت تعمل على انخفاض دافعية التعلم عندهم.
وأول ما أبدأ به السؤال عن عدد المؤسسات التي جعلت المنهاج المدرسي وسيلة لمخاطبة هذه الفئة وأظن على الفور ستكون الإجابة قليلة بل نادرة فما يتعلمه التلميذ داخل حرم المؤسسات التعليمية قلما يجد له صدى في المجتمع ولذلك تسلل شعور إلى تلاميذنا ان ما يدرسونه في المدارس لا منفعة منه فالمجتمع في واد وما يتعلمه تلاميذنا في واد آخر وهذا الشيء للأسف يمتد على معظم مؤسساتنا سواء الخاصة أو العامة فالمؤسسات الإعلامية وهي أولى المؤسسات بالاهتمام بهذه الفئة قلما تلتفت لهم وإن التفتت إليهم فالتفاتة الناصح والموجه والمحذر بأسلوب بعيد كل البعد عن خصائص نمو هذا الجيل سواء نموا عقليا أو اجتماعيا أو نفسيا (فسيولوجيا وسيكولوجيا) فيرفض هذا الجيل الشكل والمضمون لهذه الالتفاتة والتي تأتي عرضا بين البرامج. وإذا طوينا كشحا عن المؤسسات الإعلامية والتفتنا إلى المؤسسات التجارية في المجتمع فهنا حدث ولا حرج بدءاً من مهرجانات التسوق وما تحويه من مسابقات وخلافه إلى مايعرض فيها من منتجات فكلها لا تمس المنهاج لا من قريب ولا من بعيد، وإن كان لي تساؤل فهو: ما المانع ان تكون مسابقات هذه المؤسسات مصدرها الهيئات التعليمية؟ وجوائزها فيما يخدم هذه الفئة ثقافياً وعقلياً؟ فيكون تفاعلاً ثقافيا وتربوياً بين مؤسساتنا التجارية وأجيالنا المدرسية فيستشعر التلميذ ان ما يدرسه في المدارس ليس خاصا بها إنما له فائدة اجتماعية بل ومحل تقدير من المجتمع فهاهو يقدره ويخاطبه ويكافئه.. هل أنتظر يوما أرى فيه إحدى الأسواق قد جعل برنامج مسابقات مهرجانه تدور حول المطالعة الحرة والتحدث بالعربية الفصحى والجائزة منحة تعليمية! أيأتي هذا اليوم! أظنه قريباً، بما أن هذه المساحة خصصت للتربويين لمخاطبة المجتمع بإذن الله. أيضا ننظر إلى مؤسساتنا الوطنية ودورها في التدريب المبكر لهم وتعريفهم بمجالات سوق العمل وطبيعته ومشاكله وتوجيههم الوجهة الصحيحة التي يمكن من خلالها خدمة هذا الوطن وخدمة أنفسهم حتى لايقع غدا تحت طائلة البطالة الذين أخذت همساتهم تتسرب إلى آذاننا فلسان حالهم يقول وبعد ان أحصل على الشهادة هل ستتلقفني المؤسسات الوطنية وتقنع بما أحمله من علم أمدتني به مؤسساتنا التعليمية الوطنية أم ستظل عقدة القناعة بالغير وبمناهج الآخرين؟ وستتلقفني البطالة؟! نعم تساؤل مشروع وحق لهم طرحه وبأعلى صوت، ولابد ان تجيب مؤسسات المجتمع عن هذا التساؤل إجابة عملية وتتحمل مسؤولياتها تجاه أبناء هذا الوطن.
نعم كل هذه عوامل إحباط أدت إلى قلة دافعية التعلم لدى تلاميذنا وهانحن معشر التربويين نقول: جاء الوقت الذي توجه فيه جميع الجهود لخدمة الأجيال الصاعدة ونحن الآن في أمس الحاجة لعونكم فقد أخذت كما قلت سابقا عوامل اليأس تتسرب إلى نفوس تلاميذنا، ونحن أقرب إليهم منكم، ولهذا زادت معاناتنا فنقولها بأعلى صوت: لاتدعونا في الميدان لوحدنا فنحن نحمل هم أبنائكم وأبناء أبنائكم فلابد من العون وتنسيق الجهود بيننا وبينكم ولابد من التفاتة حقيقية تخدم هذه الأجيال عقليا وثقافيا ونفسيا واجتماعياً وأيضا ماديا فهل من مجيب؟
وسأتركك أخي القارئ كما قلت لك سابقا ان ترصد معي هذه السلوكيات السلبية التي أضعفت دورنا كتربويين وأضعفت الدافعية لدينا كتلاميذ.
وقال الاستاذ أزهري أحمد الخضر من مدارس المملكة:
عنيت الأمم جميعها وعلى مر الأزمان والعصور بالتعليم، وعزت ما حققته من تقدم ونمو لنجاح تربياتها، بينما ردت أخرى هزائمها إلى فشل في نظامها التربوي.
ولا يمكن لهذه التربية ان تتحقق إلا بتضافر جهود التربويين والمجتمع. والتربويون وهم يحملون هم تعليم الأجيال، وتعديل السلوك في عالم يشهد انفجاراً معلوماتيا وسكانيا مطردا، يتطلعون إلى مجتمع يشاطرهم هذا الهم ويكون دوره مكملا لمهمتهم وليتحقق ذلك فإنه من الضروري:
1- ان يلم المجتمع بالأهداف التي يسعى التربويون لتحقيقها.
2- ان يسعى المجتمع للتواصل مع التربويين عبر مؤسسات التربية المختلفة.
3- ان يضاعف المجتمع دوره في دعم المشاريع التعليمية وتطوير أدائها، وان يسهم في تحقيق مشاريع مثل:
أ - مشروع التعليم عبر الحاسب المحمول.
ب - التعليم عبر الانترنت.
ت - تمويل ودعم ونشر القرص التعليمي cd والفيلم التعليمي.
ث - المسابقات العلمية.
ج - رصد الجوائز والحوافز للمتفوقين من الطلاب.
ح - رعاية المعلمين ماديا واجتماعيا.
4- رفع نسب القبول لكليات التربية، تأكيدا على ان أمر التربية يفوق شأن الطب والهندسة وغيرها.
5- ان يواكب المجتمع الحدث التربوي وان يساعد على تهيئة المناخ للتحصيل، فكم أعجبتني تلك القناة التلفزيونية وهي تكتب بين الفاصل والآخر.
عزيزي الطالب: إن الامتحانات على الأبواب، سنعيد هذا البرنامج بعد انتهاء الامتحانات.
6- ان يساعد المجتمع في توجيه الطلاب ليتخصصوا حسب قدراتهم، دون مؤثرات اجتماعية.
7- ان يقدر المجتمع ويثمن التعليم الفني، ويشجع العمل المهني.
8- ان تتبنى مؤسسات المجتمع البحث التربوي ودعمه.
9- ان يسعى المجتمع لتقليل الفارق الزمني بين إجازة البحث العلمي وتطبيقه، باستحداث مؤسسات فاعلة تهتم بتطبيق البحوث قبل ان توضع في الأدراج وتشيع إلى مثواها الأخير.
10- رفع درجة مشاركة القطاع الخاص في تطوير التعليم، وحثه على الاسهام فيه بتبنيه للمشاريع التربوية ودعمها.
* ماذا يريد المجتمع من التربويين؟
وليستكمل إطار التعاون بين المجتمع والتربويين وتقوى دعائمه فإن التربوي مطالب ب:
1- ان يكون قدوة في القول والعمل والسلوك.
2- ان يسعى لتطوير نفسه، ويعمل على رفع كفاءته المهنية والفنية، مواكباً لكافة التطورات في مجاله، مرتكزا على ثوابت أمته.
3- ان يعمل على تحقيق مارسم له من أهداف من خلال السياسة العامة للتعليم.
4- ان يكون عادلا وحليماً بين طلابه، رفيقا بهم.
5- ان يحقق أمل المجتمع في إعداد جيل نافع لأمته، قادر على البناء والتطوير والتطور.
6- ان يكسب طلابه أساليب التعلم الذاتي، والقدرة على التفكير.
7- ان يعلم طلابه أساليب حل المشكلات.
8- ان يعلم طلابه أساليب البحث عن الحقيقة العلمية في إطار من الحياد، بعيدا عن التعصب والانحياز.
9- ان يعلم طلابه مبدأ الشورى وقبول الرأي الآخر.
10- ان يتفاعل مع محيطه ويثري نشاطه العلمي والأدبي.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved