جبهة دولية عريضة ضد الحرب

رفض الحرب هو القاسم المشترك بين دول المنطقة باستثناء إسرائيل التي تتلهف إليها، والحرب مرفوضة أيضاً في كل أنحاء العالم وحتى داخل البيت الأمريكي، ومع ذلك فإن تعاظم التوجه نحو الحرب نابع بصفة أساسية من القوة العظمى التي تحرك هذا التوجه وهي الولايات المتحدة.
وتمثل اجتماعات اسطنبول بمشاركة المملكة وكل من تركيا ومصر وسوريا والأردن وإيران الشكل العملي لنزوع قوي من أجل تجنيب المنطقة الحرب، وهذا هو العنوان الأساسي لهذا اللقاء.
ولا يدخل ضمن هذا العنوان تكهنات عديدة تتحدث عن مساعٍ لإقناع الرئيس العراقي بالتخلي عن الحكم وترتيب منفى له، إذ نفت سائر أطراف اجتماع اسطنبول أن يكون الغرض من الاجتماع البحث في إطاحة الرئيس العراقي، فهذا أمر يدخل مباشرة في باب التدخل في شؤون الآخرين، وقد أوضح سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، بهذا الصدد، أن سياسة المملكة واضحة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد وأن الشعب العراقي هو الأقدر على اختيار قادته.
ولأن رفض الحرب حالة دولية، فإننا نشير إلى مواقف كلٍّ من ألمانيا وفرنسا بضرورة الالتزام بالمساعي السلمية لتسوية النزاع، وقد انضمت كندا، الجارة الشمالية للولايات المتحدة، إلى هذا الموقف وطالبت بإعطاء المزيد من الوقت للمفتشين الدوليين.
غير أن الموقف الفرنسي الألماني دفع وزير الدفاع الأمريكي إلى القول إن البلدين ليسا كل أوروبا وإنهما يمثلان فقط أوروبا القديمة، معبِّراً بذلك عن الاستياء تجاه هذه المواقف.
وفي داخل الولايات المتحدة تتزايد المعارضة للحرب، ووفقاً لاستطلاعات الرأي، فقد تراجع التأييد للحرب بنسبة 57 بالمائة وأعرب الكثير من الأمريكيين عن الحاجة إلى أن تقدم إدارتهم أدلة مقنعة تبرر شن هذه الحرب.
إن التجاوب مع الرغبة العالمية الرافضة للحرب يسهم في تعزيز النزوع السلمي للتسوية ويشجع الكثيرين على ابتكار الحلول، وعلى العكس من ذلك فإن تجاوز هذه المواقف الدولية يكرس مبدأ الانفراد بالقرار الدولي وهو أمر يجرد الأسرة الدولية من أهم عناصر التعاطي فيما بينها والمتمثل في التعاون وكل ذلك يفسح المجال لعمل أدوات الهدم في عالم تعصف به أصلاً عوامل عدم الاستقرار.