Wednesday 29th January,2003 11080العدد الاربعاء 26 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

جبل الجليد.. وكذلك الأنهار المجاورة ! جبل الجليد.. وكذلك الأنهار المجاورة !
م. صالح بن محمد بطيش

سبق ان كتبت مقالاً في «الجزيرة» العدد 11053، صفحة الرأي، بتاريخ 29/10/1423هـ بعنوان «مشروع جبل الجليد مبادرة.. ألا تستحق الاهتمام؟!!»، بعد ذلك قرأت ما كتبه الأخ صالح عبدالرحمن التويجري في «الجزيرة» العدد 11064 بتاريخ 10/11/1423هـ مبدياً عدم ترحيبه بما جاء في المقال، ويرى من الأسهل جلب المياه من أنهار الدول المجاورة، بداية أود أن أشكر الأخ الكريم على متابعته وقراءته وتفاعله مع المقال فإن ذلك أكثر ما يسعد أي كاتب، إذ بدون ذلك تفقد الكتابة أهميتها ويفقد الكاتب دوره في المجتمع، إلا ان الكبار لا يتذمرون من الرأي الآخر، يحسنون التعامل معه ويرحبون به، بل ويسعون إليه ويحفزون عليه، لعلهم يجدون ضالتهم فيه، مع ذلك أرى ان المساحة التي يعطاها الكاتب في الجريدة ليست ملكا له بل للأمة والقراء وينبغي عدم التعدي عليها، بل استخدامها للتوعية وخدمة مصلحة الأمة، فالكلمة أمانة يستحق ان يحملها كل ذي قلم نزيه يخدم وطنه ومواطنيه.وعليه أود توضيح الآتي:
أولاً: ما كتبته، استعرضت فيه بكل تقدير، جهود سمو الأمير محمد الفيصل في مجال المياه، ولخصت بتفاؤل ما توصل إليه العلماء والمتخصصون بشأن فكرة سحب جبل الجليد من القطب الجنوبي إلى شواطئ المملكة لتوفير المياه العذبة الصالحة للشرب وتلطيف الجو، أعرف انه قد يضيق البعض من هذا الطرح، ولقد ضاق مجتمع العالم الإيطالي جاليليو جاليلي منه واجبروه ان يعترف بخطأ نظرية دوران الأرض، وهي مستمرة في الدوران وتدرس النظرية في جميع مدارس وجامعات العالم وأساس الكثير من التطبيقات والنظريات التي تخدم البشرية. إن الكثير من مظاهر التنمية في المجتمع واجهت العديد من أشكال الرفض بنية حسنة وباخلاص، ثم أصبحت فيما بعد مألوفة ومطلوبة ومرغوبة وأساسية وضرورية في المجتمع، لقد كان الهدف من المقال إضاءة ملف المبادرة وتحفيز الحوار لنعطي القوس لباريها ولفتح آفاق المناقشة حولها، في حوار قد لا يكون هادئاً ولكنه بالتأكيد علمي ومنهجي مع المختصين والمتخصصين والمتمكنين منها، نسأل فيجيبون، ونعترض فيوضحون، وقد يعدلون من رأيهم، وقد نقتنع بذلك الرأي، تبرئة للذمة ومساهمة في المسيرة، كجزء من هذا البنيان المرصوص، لا يمنعنا إكبارنا للرجال وحبنا لهم من الجدل الموضوعي الهادف في أي موضوع فكيف هو الحال عندما يكون الماء هو موضوع النقاش في بلد مثل بلدنا «المملكة»، حتى لا نلغي الحوار ونجهض المبادرة ولكي تنضج المناقشة والأفكار، علينا تحرير العقول من الأفكار والنماذج المحتلة لها، وان ننزع الهوى من رؤوسنا، ولا نكون شلليين وإمعات في مواقفنا من أجل عرض من الحياة الدنيا، وأن نلغي من الأجندة تزكية النفس أو محاولة الدفاع عن وجهات النظر بسبب كبر يزهو في أنفسنا أو شهوات تعربد في جوانبنا، الاجتهاد والحرص والاخلاص والوطنية كلها أمور مطلوبة ومرغوب فيها ومرحب بها، ونصر عليها، ولكن بدون علم أو من انصاف العلماء قد تكون كارثة على المجتمع، لقد أخذ المجتمع نصيبه كاملاً غير منقوص من مآسي وآلام وعنت هذه الفئة بسبب تمسكها ببعض النماذج والمواقف تحت غطاء الوطنية، لذلك مطلوب في هذه المرحلة البعد عن الجمود والتخشب والتحجر، وان تكون القرارات والمشاريع التنموية منطلقها الموقف الفني والاقتصادي وتحكيم الميزة النسبية والتنافسية» Comparative And Competitive Advantage.
ثانياً: نظرية أو نموذج الاكتفاء الذاتي من القمح أفرزت آلاماً يعاني منها المجتمع الآن وستستمر المعاناة منها لأجيال قادمة أيضاً، بسبب استنزاف الموارد المائية وكذلك تبذير موارد مالية ضخمة صرفت في إنتاج قمح بتكلفة مبالغ فيها، جزء منه كان يستورد بثمن بخص دراهم معدودة، وقد نشرت دراسات ومقالات حول هذه المرحلة، أثبتت عدم جدواها الاقتصادية، وتتصادم مع نظرية الميزة النسبية والتنافسية التي يقوم عليها الاقتصاد، مما دفع الدولة إلى التخلي عن سياسة التوسع في زراعة القمح.
ثالثا: اتفق مع الأخ التويجري بشأن الانفتاح على العالم العربي والإسلامي والدولي والاستفادة بما حباهم الله من ميزات نسبية وتنافسية في تأمين المياه بأي وسيلة، كلما كان ذلك متوفراً وممكنا فنيا واقتصاديا، وان لا نحرم الأجيال القادمة من ثروتها في سبيل محاولة اثبات نماذج وشعارات تجاوزها الزمن!.
رابعاً: يتفق الجميع ان خيار التحلية مكلف جداً، طرحت فكرة تصنيع قطع غيار محطات التحلية محلياً منذ سنوات عديدة، وتمت دراستها ومناقشتها مبدئياً، ومبادرة محمودة ومشكورة من الأخ صالح التويجري لإحياء هذه الفكرة، لعل القطاع الخاص يتبنى استثمارها في هذه المرحلة التي يزدهر فيها نشاط القطاع الخاص.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved