Thursday 6th february,2003 11088العدد الخميس 5 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الهجوم ببكتيريا الجدري كابوس تخشاه واشنطن الهجوم ببكتيريا الجدري كابوس تخشاه واشنطن
القوات الأمريكية تستطيع إسقاط صدام ولكن..!

روميش راتنيسار(*)
ضمن العديد من السيناريوهات الموضوعة للمواجهة المحتملة بين الولايات المتحدةالأمريكية والعراق هناك السيناريو الكابوس وهو على النحو التالي: بعد فترة قصيرة من غزو القوات الأمريكية للعراق يدرك صدام حسين أن النهاية قد اقتربت وأنه يواجه هزيمة ساحقة وربما يواجه الموت نفسه.
في هذه اللحظة يقرر صدام حسين تنفيذ خيار شمشون لهدم المعبد على رؤوس الجميع فيتصرف كما يتصرف الإرهابيون ويستدعي أحد عملائه المخلصين من أفراد أجهزة الأمن التابعة له ويحتال عليه ثم يقنع علماء الحرب البيولوجية العاملين لديه لحقن هذا العميل بأحد الأمراض القاتلة المعدية وليكن الجدري وفي هدوء يتم إخراج هذا العميل من العراق حتى يتمكن من ركوب طائرة تجارية تتجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية وعلى متنها عشرات الركاب الأمريكيين حيث يتم نقل عدوى المرض القاتل إليهم دون أن يعلموا عن هذا شيئا.
وبمجرد أن تصل القوات الأمريكية إلى العاصمة العراقية بغداد تبدأ أعراض الحمى والغثيان في الظهور على عشرات المدنيين الأمريكيين وهي أعراض الجدري والحقيقة أن كبار المسئولين في الإدارة الأمريكية يعتقدون أن حدوث هذا السيناريو بهذا التسلسل ممكن ولكن لا أحد يعرف على وجه اليقين ما إذا كان صدام حسين يمتلك بالفعل ميكروب الجدري ولا أحد يعرف على وجه اليقين ما إذا كان سيحاول استخدامه فالنظام العراقي يصر على أنه لا يمتلك أي أسلحة دمار شامل بما في ذلك الأسلحة البيولوجية ولكن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش تشعر بقلق كبير بشأن احتمال تعرض القوات الأمريكية التي ستقوم بغزو العراق لهجمات باستخدام ميكروب مرض الجدري لذلك أصدرت هذه الإدارة الشهر الماضي أوامرها بتطعيم نصف مليون شخص يعملون ضمن صفوف القوات المسلحة الأمريكية ورغم ثقة الإدارة الأمريكية في قدرتها على الانتصار السريع في حرب قادمة ضد العراق فإن هناك البعض الذي يشعر بالقلق من احتمالات وقوع أحداث كارثية أثناء عملية الغزو البري للعراق.
يقول أحد المخططين في القيادة المركزية الأمريكية انه لا شك في قدرة القوات الأمريكية على الإطاحة بصدام حسين ولكن السؤال هو هل نستطيع أن نفعل ذلك مع منعه من استخدام أسلحة الدمار الشامل التي في حوزته؟
الإجابة جاءت على لسان الابن الأكبر للرئيس العراقي صدام حسين وهو عدي الذي قال خلال الأسبوع الماضي انه إذا جاء الأمريكيون فسوف تصبح كارثة الحادي عشر من سبتمبر التي يعتبرها الأمريكيون كارثة كبرى ستصبح مجرد حادث بسيط مقارنة بما سيعانون منه، والرئيس الأمريكي جورج بوش وكبار مساعديه يؤكدون باستمرار على أن نزع أسلحة العراق هي محور الحرب ضد الإرهاب ولكن هذا يعني أن مخاطر شن هجمات انتقامية ضد الأمريكيين لن تقتصر على ساحة المعركة فقط وإذا كان صدام لم يعد يمتلك الصواريخ طويلة المدى التي يمكنها حمل الأسلحة الكيماوية والبيولوجية فقد يفكر صدام حسين في تزويد جماعات إرهابية مستقلة بهذه الأسلحة لاستخدامها خارج مسرح الحرب.
تقول مؤسسة «راند كورب» الأمريكية للأبحاث والتي تتمتع بصلات قوية مع وزارة الدفاع الأمريكية ان قيام فريق صغير من عملاء عراقيين بهجوم بكتيريا الجدري على عشرة مطارات عراقية كبرى يمكن أن يؤدي إلى إصابة ما بين خمسة آلاف إلى مائة ألف شخص.
وفي نفس الوقت فإن القوات الأمريكية ومسؤولي مكافحة الإرهاب يشعرون بالقلق من احتمال استغلال تنظيم القاعدة لأجواء الأزمة والاعداد لشن هجمات ضد إسرائيل وأهداف غربية أخرى بما في ذلك شن ضربات داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.
يقول مسؤول مخابراتي أمريكي كبير انه لو كان في مكان تنظيم القاعدة ولديه خطة حتى إذا كانت ناقصة لتنفيذ هجوم كبير فسوف أحاول الاسراع بتنفيذ هذه الخطة بأقصى سرعة ممكنة وعلى الرغم من سيطرة قدر كبير من القلق على الجلسات الخاصة للرئيس بوش وكبارمسئوليه فإنهم مازالوا مترددين في إصدار تحذيرات علنية حول احتمالات تعرض أمريكا لهجمات إرهابية انتقامية في حالة شن حرب ضد العراق.
هجمات القاعدة
ولكن المسئولين في الدول الأخرى يبدو أنهم أصبحوا أقل ترددا فقد قال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الأسبوع الماضي ان شن تنظيم القاعدة لهجمات إرهابية ضد بريطانيا أصبح أمرا حتميا وقد نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن مسئولين أمريكيين قولهم انهم يعتقدون أن العناصر المتطرفة الذين تم اعتقالهم في لندن في بداية العام الحالي ربما كانوا يعتزمون تلويث الإمدادات الغذائيةالتي يتم إرسالها إلى القوات البريطانية الموجودة في إحدى القواعد القريبة.
يذكر أن بريطانيا كانت قد أعلنت عن العثور على مواد سامة خطيرة في حوزة المعتقلين الذين ينتمون إلى شمال إفريقيا وفقا للتصريحات البريطانية ولما كانت مثل هذه الأخطار قريبة بهذه الدرجة فلا يجب التقليل من أهميتها لذلك فعلى المخططين الإستراتيجيين الأمريكيين أن يجيبوا عن الأسئلة التالية:
هل سيرد صدام حسين ردا انتقاميا على الهجوم عليه؟
ففي عشية حرب الخليج الثانية حذر وزير الخارجية الأمريكية الأسبق في ذلك الوقت جيمس بيكر نظيره العراقي طارق عزيز بأنه إذا حاول العراق استخدام أي أسلحة غير تقليدية ضد قوات الحلفاء فسوف تتقدم القوات الأمريكية وحلفاؤها نحو العاصمة العراقية بغداد لإسقاط صدام حسين وعلى الرغم من أن العراق استخدم الأسلحة الكيماوية ضد القوات الإيرانية أثناء حرب الخليج الأولى ثم ضد الأكراد العراقيين فإن وعد جيمس بيكر كان كافيا لإقناع صدام بعدم استخدام هذه الأسلحة أثناء معارك عاصفة الصحراء.
ولكن الإدارة الأمريكية الحالية تعلن بوضوح أن هدفها هو إسقاط نظام حكم صدام حسين لذلك فقد لا يجد صدام حسين مفرا أمامه من استخدام أسلحته القاتلة.
ويقول دبلوماسيون غربيون مراقبون للرئيس العراقي صدام حسين انه قد لا يلجأ إلى استخدام مثل هذه الأسلحة إذا تصور أنه يستطيع البقاء في الحكم والتغلب على الهجوم الأمريكي. يقول مسئول أمريكي ان البقاء على قيد الحياة هو هدف صدام حسين ولكن صدام حسين يدرك حاليا أنه إذا بدأت القوات الأمريكية هجومها ضد العراق فسوف يكون رأسه هو الهدف الأول لهذه القوات.
يقول مسئول كبير في المخابرات الأمريكية انه لا يوجد أدنى شك في أن الرئيس العراقي صدام حسين سوف يحاول كل الجبهات الإرهابية الممكنة في حالة تعرضه للهجوم.
السؤال الثاني: هل يستطيع الأمريكيون منع صدام من استخدام مثل هذه الأسلحة؟
بمجرد أن تبدأ الحرب فإن القوات الأمريكية سوف تضع كل المدن والسماوات والطرقات العراقية تحت الرقابة لمتابعة أي محاولة لاستخدام أسلحة غير تقليدية من جانب العراقيين وسوف تهاجم القوات الأمريكية أي قوة عراقية تحاول التحرك نحو المواقع المشتبه في احتوائها على أسلحة دمار شامل ولكن المسئولين في وزارة الدفاع الأمريكية يعترفون بأنهم سوف يحتاجون إلى المساعدة في العثور على مستودعات أسلحة الدمارالشامل لدى العراق قبل أن يستخدمها العراقيون.
يقول الجنرال ريتشارد مايرز رئيس قيادة الأركان المشتركة الأمريكية انه عندما يخفي شخص ما شيئاً فإنك تحتاج إلى من يأتي إليك ليخبرك بمكان إخفاء هذا الشيء ويأمل واضعو الخطط الأمريكيون في انشقاق العلماء والقادة العراقيين على الرئيس صدام حسين عندما يتأكد لهم أن الهزيمة حتمية وفي هذه الحالة يكشف هؤلاء العلماء عن أماكن هذه الأسلحة ويرفض القادة تنفيذ أوامر صدام حسين باستخدام هذه الأسلحة ولكن هذا يظل مجرد أمل. من ناحيته يؤكد دبلوماسي عربي أنه إذا اعتزم صدام حسين استخدام الأسلحة البيولوجية أو الكيماوية فلن تستطيع الولايات المتحدة منعه من هذا ويضيف هذا الدبلوماسي أن هذه الحرب سوف تتحول إلى حرب قذرة.
السؤال الثالث: ما حجم الخسائر التي يمكن لصدام حسين أن يلحقها بأمريكا؟
أولا نقول ان محاولة استخدام الأسلحة البيولوجية أو الكيماوية مجرد جزء وهنا كجزء ثان يتعلق بتوصيل هذه الأسلحة إلى أهدافها يمتلك العراق صواريخ قصيرة المدى ومدفعية تستطيع إطلاق ذخائر الدمار الشامل على القوات الأمريكية الغازية ولكن القوات الأمريكية المهاجمة ستكون مجهزة بكل وسائل الوقاية المطلوبة وربما تسيطر هذه القوات على المواقع العراقية بسرعة كبيرة وبالتالي تقلص كثيرا احتمالات وقوع خسائر كبيرة لذلك قد يحاول العراقيون ضرب أهداف أقل حماية مثل القوات الأمريكية في قواعدها أو المدن الإسرائيلية بصواريخ أطول مدى ولكن قد لا تنجح هذه المحاولة، أيضا يؤكد الخبراء العسكريون أن الرؤوس الحربية العراقية ليست متطورة بما يكفي لنشر محوياتها قبل الانفجار لأن انفجار الرأس الحربية يؤدي إلى قتل أغلب محتويات الرأس من الجراثيم ويتابع قادة قوات الحلفاء المحاولات العراقية لتحويل طائرات التدريب الخفيفة إلى وسيلة لحمل عبوات جراثيم الجمرة الخبيثة ونشرها فوق إسرائيل ويؤكد الخبراء العسكريون أن الولايات المتحدة وحلفاءها قادرون على إسقاط مثل هذه الطائرات البطيئة جدا قبل وصولها إلى أهدافها.
يقول جاري سامور مسئول ملف منع انتشار الأسلحة في مجلس الأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون ان أحد الأسباب التي تجعل الغزوالأمريكي حاليا للعراق أمرا إيجابيا هو أن العراق ضعيف جدا فالعراق لا يمتلك قدرات كبيرة لإيقاع خسائر جسيمة بالقوات الأمريكية ولكن القدرات القليلة لدى العراق مرعبة ويقول المسئولون الأمريكيون ان هناك آلاف الأطنان من المواد الكيماوية والبيولوجية لم يكشف العراق عن مصيرها وتشمل كميات هائلة من ميكروب الجمرة الخبيثة ومادة البوتلونيوم السامة وغاز السارين السام.
ويقول الجنرال مايرز ان الأسلحة البيولوجية والكيماوية يمكن أن تؤدي إلى سقوط خسائر في بعض الحالات أكبر مما تسببه الأسلحة النووية.
السؤال الرابع: هل ستثير هذه الحرب الارهابيين الآخرين؟
يقول بوريس هوفمان خبير مكافحة الإرهاب في مؤسسة «راند كورب» ان الجماعات الإهاربية تبحث دائما عن سياق أو طريقة لسرقة الأضواء خاصة في أوقات الأزمات الدولية.
ويتفق كل من مسؤولي المخابرات وأجهزة الأمن الأمريكية على أن الجماعات الإرهابية يمكن أن تستغل الحرب القادمة وما سيصاحبها من مشاعر سخط ضد أمريكا لشن هجمات جديدة ويمكن أن تقع هذه الهجمات في أماكن غير متوقعة فعلى سبيل المثال استغلت جماعة توباك أمرو اليسارية المتمردة في بيرو حرب أمريكا ضدالعراق عام 1991 لتفجير مطاعم كنتاكي الأمريكية في العاصمة البيروفية ليما.
والحقيقة أن قلق الأمريكيين حاليا أكبر من قلقهم في بداية تسعينيات القرن الماضي فمنذ أكتوبر الماضي تنفذ منظمة القاعدة وغيرها من الجماعات المسلحةعمليات اضرب واهرب ضد الأمريكيين في الشرق الأوسط مما أسفر عن مقتل سبعة أمريكيين في سلسلة هجمات متتابعة.
ففي الكويت فتح مسلحون النار على سيارة بالقرب من معسكر الدوحة الأمريكي مما أسفر عن مقتل أمريكي يعمل لحساب وزارة الدفاع الأمريكية كما أن هذه الجماعات الإرهابية قد تجد أن الفرصة مناسبة أمامها لشن هجمات ضد الأراضي الأمريكية في الوقت الذي تواصل فيه أمريكا حشد قواتها في منطقة الشرق الأوسط للإطاحة بصدام حسين ولكن الإدارة الأمريكية تصر على أن الإطاحة بصدام حسين يمكن أن تمثل أفضل وسيلة لمحاربة قوى التطرف في العالم الإسلامي.
ولكن المحللين العرب يتوقعون رد فعل مخالف تماما يتمثل في زيادة مساحة التطرف في العالم الإسلامي ردا على أي غزو أمريكي للعراق.
يقول دبلوماسي عربي ان هذا سيكون مجرد بداية وأن أمريكا تصب بذلك المزيد من الزيت على النار ويضيف أن الغزو الأمريكي للعراق سوف يدعم حجج المتطرفين الذين يقولون انه لا يوجد أي حل لمواجهة أمريكا سوى التشدد.
ويعتقد مسؤولو المخابرات الإسرائيلية أن أي حرب يمكن أن تدفع جماعتي حماس والجهاد لشن موجة جديدة من العمليات الاستشهادية.
السؤال الأخير: هل الأمريكيون مستعدون للأسوأ؟
على الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلت لدعم الأمن الداخلي الأمريكي منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 فإن شبكة الأمن الوقائي الأمريكية مازالت قاصرة وقد يحتاج الأمر إلى أعوام عديدة قبل أن يتم سد الثغرات الموجودة في هذه الشبكة.
وقد أعلنت الإدارة الأمريكية الأسبوع الماضي فقط عن خطط لنشر أجهزة استشعار بيئية في عدد من المدن الأمريكية. وهذه الأجهزة مصممة لرصد أي جراثيم غير طبيعية في الهواء ولكنها لا تستطيع الكشف عن ميكروب الجدري كما بدأت أجهزة الأمن الأمريكية في استجواب أكثر من خمسين ألف عراقي يقيمون في الولايات المتحدة بصورة شرعية بحثا عن خيوط أي مؤامرة إرهابية من جانب العراق ولكن المسؤولين الأمريكيين يعترفون أنهم لم يعثروا حتى الآن على أي خيط يمكن أن يقودهم إلى أي عملية إرهابية محتملة.
يقول أحد المسئولين ان هناك بالفعل بعض الأمور التي تثير القلق ويضيف أن هناك هدفاً آخر من هذه الاستجوابات وهو توصيل رسالة إلى هؤلاء العراقيين بأنهم تحت المراقبة.
والخلاصة أنه في الوقت الذي تقترب فيه ساعة الحقيقة بسرعة فإنه لا يوجد أمام الأمريكيين وقت لكي يفعلوا أكثر مما فعلوا لمواجهة الخطر المحتمل.

(*) عن مجلة تايم خدمة الجزيرة الصحفية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved