Thursday 6th february,2003 11088العدد الخميس 5 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يتوهون قليلاً ويدعون كثيراً ويلملمون الحصى سريعاً يتوهون قليلاً ويدعون كثيراً ويلملمون الحصى سريعاً
قلق الضياع والأضرار الصحية يحاصر أطفال الحج ويربك الأجهزة الأمنية

* جدة خالد الفاضلي:
يحرص حجاج إفريقيا البيضاء ودول وسط آسيا على اصطحاب أطفالهم إلى المشاعر المقدسة في مواسم الحج، رغم ميل الجهات الصحية والدينية إلى تذكير الآباء بأن وجود الصغار في ازدحام الحجيج قد يتسبب لهم بمضار أو فقدانهم. فسنوياً يتم تسجيل مئات البلاغات لحالات «توهان» أطفال، مما دفع الحكومة السعودية لتأسيس مراكز إرشاد خاصة بأطفال يتسربون من بين أيادي أمهاتهم وآبائهم، وفي أحايين كثيرة يتأخر لم الشمل إلى نهاية موسم الحج؛ أو بعده بعدة أسابيع.
يأتي بعض الأطفال وهم لا يزالون دون السابعة، أو خرجوا للتو من مرحلة الفطام، ومع ذلك تجدهم يقضون أغلب ساعاتهم على أعناق آبائهم أو أيادي أمهاتهم، يتنقلون أينما حتمت عليهم متطلبات المشاعر، ويخضعون خلال أيام إلى إرهاق جسدي يصيب غالبيتهم بتوعك صحي ناتج عن سقوط الشمس على رؤوسهم المكشوفة مباشرة، وقلة النوم بسبب ضجيج تزاحم الحجيج داخل خيام غير عازلة للصوت.
يضطر الآباء لرفع أطفالهم على أعناقهم من أجل التقاط ذرات أكسجين نجت من أفواه بقية الحجاج، وكذلك خوفاً عليهم من الدهس تحت عشرات الأقدام بلمح البصر. في حين ترتسم على ملامح الحجاج الصغار تفاصيل براءة الدعاء الأبيض المتصاعد من قلوب تتسلق السماء لجذب دعاء للوالدين.
تتقلص ساعات المرح عند أطفال الحج في ساحات وخيام المشاعر، ولا يجدون ما يمكن تسميته بملاهٍ وألعاب إلكترونية، «لكننا نتوقع أنهم» يقضون أيام الحج ببصر وبصيرة مشغولتين بقراءة تفاصيل الإنسان والمكان، وحركة الباصات والسيارات، وأصوات التهليل والتلبيات. وبينما كثير من الأطفال يرفرفون بجوار آبائهم وأمهاتهم، يخضع أطفال آخرون لسماعة الطبيب وحقنة الممرضات، إما بهدف التطعيم وإما بسبب تعرضهم لأمراض خاطفة ناتجة عن دخولهم في غيمة مكروبات معدية، وقد يضطر بعضهم للالتصاق بالسرير الأبيض إلى نهاية موسم الحج.
من زاوية مختلفة، يُوجد في المشاعر «هذه الأيام» نوعية مختلفة من الأطفال، وهم من أبناء وبنات مدينة مكة المنشغلين هذه الأيام بإنعاش عادات قديمة تتمثل بقيام صغار مكة والقرى المجاورة بممارسة مهنة بيع مستلزمات خفيفة على الأرصفة المجاورة للحرم، وداخل ساحات مشعر منى.
ويقوم الصغار خاصة الفتيات بافتراش الأرض ثم ترتيب بضائعها على قطعة من القماش «تسمى محلياً بالبسطة» وتبدأ الصغيرات تحديداً بالتغريد بكلمات وأهازيج تدعو العابرين والحجاج للشراء، وكذلك ترتفع أياديهن عشرات المرات حاملة جزءاً من محتويات «البسطة» الصغيرة.
تلوح أجمل حالات الصغار وهم يلتفون ب«حراماتهم» متسلقين جنبات جبل عرفة، محاولين المزج بين طقس العبادة وشقاوة الطفولة. ثم بعد سويعات «ينسى» الصبية عظمة الموقف فتنقلهم أقدامهم الصغيرة إلى الباعة المتناثرين في الزوايا القريبة، يدفنون شفاههم الصغيرة في نوافذ علب المشروبات الغازية، ويسكبون بقايا المياه علي بعضهم بحجة تخفيف درجة الحرارة وبغاية اللهو، أو تجدهم يتبادلون مساحة من الأرض لا تتجاوز متراً في متر ينامون عليها بالتناوب حتى توشك شمس «يوم الوقفة» على إعلان غيابها وغياب ذنوب الواقفين في «يوم الحج العظيم» يعود الصغار مع ذويهم إلى منى، فتنطلق أصابعهم الصغيرة في لملمة «الحجر»، وهنا يسجلون مهارة وسرعة تفوق آبائهم، «فالمسألة بالنسبة لهم لهو وتنافس».
يدخل الصغار مرحلة الخطر مع أول أيام التشريق، عندما يجازف بعض الآباء في اصطحاب أطفالهم معهم إلى جسر الجمرات، ويبدأ الصغار كالريش في مهب مئات الألوف من الحجاج المتلهفين على إنجاز مناسكهم والعودة لديارهم، ويرتفع قلق الجهات الأمنية والصحية كلما اقتربت ساعة الذروة «أي عند منتصف نهار أول أيام الرمي»، بينما يجتهد مجموعة من الشباب بمحاولة إقناع الآباء بضرورة استبقاء الصغار في الخيام والرمي نيابة عنهم.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved