Saturday 8th february,2003 11090العدد السبت 7 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هل أخفق باول في كسب مجلس الأمن الدولي إلى جانبه؟ هل أخفق باول في كسب مجلس الأمن الدولي إلى جانبه؟
مايك مكارثي (*)

العرض الذي قدمه وزير الخارجية الامريكي كولين باول أمام مجلس الأمن مساء الأربعاء لا يبدو أنه أقنع الدول على الفور بالانضمام إلى الولايات المتحدة في السعي إلى عمل عسكري سريع ضد عراق لا يزال على موقفه المتحدي لعمليات التفتيش على الأسلحة.
فبعد أن قدم باول أدلة قال انها تظهر خداع العراق الواضح لمفتشي الأسلحة قالت فرنسا والصين وروسيا، وجميعها تملك حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي، ما كانت تقوله على الدوام وهو أن عمليات التفتيش يجب أن تستمر.
وحتى قبل أن يتحدث باول أكدت ألمانيا مجددا أنها لن تدعم خيارا عسكرياً أياً كان ما سيعرض أمام الأمم المتحدة.
وأعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا أن الوقت ينفد أمام عمليات التفتيش وأن الامر ربما يتطلب القيام بعمل عسكري قريباً لنزع أسلحة الدمار الشامل التي بحوزة نظام الرئيس العراقي صدام حسين.
ومجددا حذر باول الذي أخذ يتحول أكثر إلى صفوف الصقور في الأسابيع الاخيرة، من أن الولايات المتحدة ستتحرك إن لم تتحرك الأمم المتحدة، وبناء على ردود الفعل من جانب الأعضاء الأساسيين في مجلس الأمن فإن الولايات المتحدة ربما تجد نفسها قريباً تحشد ائتلافاً من صنعها هي لمهاجمة العراق.
فحتى أن عرض باول صوراً للأقمار الصناعية وتسجيلات لمحادثات هاتفية ومعلومات استخبارية جمعت من شهود عيان عراقيين لانتاج الأسلحة، فإن اللاعبين الأساسيين الآخرين في مجلس الأمن لا يبدو أنهم يتزحزحون عن مواقفهم.
وصرح وزير الخارجية الصيني تانج جياشوان الذي تمتلك بلاده حق الفيتو في مجلس الأمن «إن التوصل إلى تسوية سياسية للمسألة العراقية في إطار الأمم المتحدة وتحاشي الحرب إنما هي الرغبة العامة للمجتمع الدولي».
بل ان وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان ونظيره الروسي إيجور إيفانوف اقترحا تكثيف عمليات التفتيش وقالا ان بلديهما يمكن أن يقدما طائرات للمساعدة في هذا الجهد.
وقال إيفانوف ان على الولايات المتحدة أن تحيل الأدلة على الفور إلى المفتشين، بينما اقترح فيلبان مضاعفة حجم فرق التفتيش التي تقوم بالبحث عن الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية في العراق ثلاثة أضعاف حجمها الحالي.
وتساءل فيلب ان «لماذا الذهاب إلى الحرب بينما لا تزال هناك مساحة لم تستغل في القرار 1441؟»، مشيرا إلى قرار مجلس الأمن الذي صدر بالاجماع في الثامن من تشرين الثاني نوفمبر والذي حذر العراق من «عواقب وخيمة» في حالة عدم تعاونه.
بالاضافة إلى ما تقدم، فإنه يبدو أن حجة باول قد فشلت أيضا في جسر الهوة التي تفصل سياسة الولايات المتحدة من جانب عن سياسة ألمانيا وفرنسا في الجانب المقابل، وذلك في واحدة من أكبر النزاعات عبر ضفتي الأطلنطي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وتشعر الولايات المتحدة بالامتعاض على نحو خاص تجاه ألمانيا حيث استغل المستشار جيرهارد شرويدر المعارضة لعمل عسكري تقوده الولايات المتحدة في الاحتفاظ بالسلطة في الانتخابات التي جرت العام الماضي والتي فاز فيها بفارق ضئيل، برغم ضعف الاقتصاد الالماني وارتفاع معدلات البطالة.
كما أغضبت فرنسا الولايات المتحدة الشهر الماضي عندما أعلنت على نحو غير متوقع أنها لن تؤيد حرباً. وازدادت الخلافات اتساعاً عندما وصف وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد البلدين بأنهما «أوروبا العجوز» قائلا أن مركز الثقل في القارة يتحول إلى الشرق، حيث تنال الولايات المتحدة تأييداً أقوى للقيام بعمل عسكري.
فقد أعلنت عشر دول بوسط وشرق أوروبا يوم «الأربعاء» أنها تدعم الموقف الامريكي وانضمت إلى دول أخرى من بينها المجر وبولندا وجمهورية التشيك في الدعوة إلى التوحد مع الموقف الامريكي.
ولم تؤد تلك التطورات في أوروبا إلى تغيير ديناميكيات الحركة في القارة فحسب بل أظهرت كذلك عجز الاتحاد الاوروبي على الخروج بسياسة خارجية مشتركة كما أكدت على رغبة بعض دول القارة في الاحتفاظ بعلاقات مباشرة مع الولايات المتحدة.
وربما يؤدي عزوف أعضاء بارزين في مجلس الأمن عن التحرك بشكل أوثق باتجاه الموقف الامريكي إلى تقويض ثقة الرئيس جورج دبليو. بوش في باول الذي ينزع إلى التعددية والذي هو أحد أكثر الشخصيات في إدارة بوش احتراماً وشعبية وتمتعا بالثقة على الساحة الدولية.
وكان بوش قد وافق على السير على الطريق الذي رسمه باول والعمل مع الامم المتحدة وذلك رغم معارضة واسعة من جانب مسئولين كبار في إدارته مثل رامسفيلد ونائب الرئيس ديك تشيني.
فإذا ما أخفق باول، فإن مصداقيته وتأثيره لدى بوش سيتعرضان للتراجع وربما تجد دول أخرى أن الولايات المتحدة صارت أكثر رغبة في السير وحدها في قضايا أخرى حساسة من قضايا السياسة الدولية.

(*) واشنطن د ب أ.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved