Saturday 8th february,2003 11090العدد السبت 7 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بشرى الحج بشرى الحج
د. زيد بن محمد الرماني /المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام

إن هناك علاقة لطيفة بين البشرى والعبادات التي افترضها الله عز وجل على المؤمنين.
فلقد عني الإسلام بأمر الصلاة عناية فائقة، وحضَّ عليها، ورغّب بمحاسنها، فهي مفتاح من مفاتيح الجنان، ومن خير الأعمال بعد شهادة الإيمان، وأول ما يحاسب عليه العبد بعد مفارقة الأهل والخلان، عندما يقابل ملائكة الملك الديان.
وقد جعل الله تعالى الصلاة صفة كريمة وحلية مباركة للمتقين المسلمين به، والمستسلمين له، {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} البقرة 2، فهؤلاء لهم رتبة مرموقة يوم القيامة، ومكانة محمودة لأنهم من فريق المفلحين {أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} البقرة 5.
وفي السنة النبوية دعوة مرغبة إلى أداء الصلاة في جماعة في سائر الأوقات، وخصوصاً في صلاة الصبح والعشاء، حيث جاءتهم البشرى بذلك، فعن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بشِّروا المشَّائين في الظُّلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة» أخرجه أبو داود في سننه.
والزكاة ركن مهم من أركان الإسلام، ودعامة من دعائم الإسلام، أداؤها عنوان على العمل بطاعة الله عز وجل، {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الحشر 9 ، فلما سمع المسلمون الأوائل هذه الدعوة المباركة {فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} الحج 78، إلى الانفاق فاضت أيديهم بالمعروف طلباً لرضوان الله سبحانه.
وقد حضَّ الإسلام على الصدقة لما فيها من الخير العميم والثواب العظيم {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} البقرة 277.
يقول تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} آل عمران 97.
إن الحج رحلة كريمة يتوجه فيها المسلم إلى البلد الأمين مكة ليؤدي هذه العبادة التي فرضها الله عز وجل.
وقد فرض الله سبحانه الحج على كل مسلم يملك الاستطاعة والحج فريضة يؤديها المسلم في العمر مرة، حينما تتوافر الاستطاعة من الصحة وإمكان السفر، وأمن الطريق. والحج مؤتمر المسلمين السنوي العام، يتلاقون فيه عند البيت العظيم الذي صدرت لهم الدعوة منه ذلك البيت الذي جعله الله أول بيت في الأرض لعبادته.
لذا، فإنه من يؤدي هذه الفريضة فإن له أحسن الجزاء.
وفي الحج، منافع عظيمة في الدنيا والآخرة، فيها الخير العميم من الله سبحانه للمؤمنين الذين يعظمون حرماته، ويبتعدون عن محارمه { )ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} الحج 30.
وفي أداء فريضة الحج غذاء روحي كبير، تمتلئ فيه جوانح المسلم خشية وتقوى لله، وعزماً على أداء طاعته، إذ تنمو فيه عاطفة الحب الصحيح لله عز وجل ولرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
وكذلك في الحج تأتلف مشاعر الاخوة الصحيحة في كل مكان ويعود الحاج من رحلته هذه وهو أصفى قلباً وأقوى عزيمة على الخير؛ لأنه قد حظي بالنقاء ونال البشارة بالقبول؛ لأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الحاج الذي أدى هذه الفريضة كاملة دون عوج في الأعمال والأقوال أنه مقبول عند الله تعالى، قد غُفر له، كأنه وُلد وليس عليه من ذنب، وفي المقابل قال صلى الله عليه وسلم: «من حج لله، فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه» صحيح مسلم.
وفي الحج بشائر عديدة ونفحات إيمانية حري بالمسلم ان يغتنمها.
إن البشرى والاستبشار خلق كريم من الأخلاق الإسلامية التي حضَّ عليها القرآن الكريم والسنَّة النبوية، بل إن البشرى جزء من الهدي النبوي.
فالمؤمن الذي خالطت بشاشة الإيمان قلبه من شأنه أن يكون مبشراً بالخير في كل حين ومبشراً بدعوة الحق في مكانها، ومستبشراً بين الناس.
والبشرى تلقي الضوء على ما يقوم به المؤمن من عمل، لأنه على ثقة من قبول هذا العمل.
وقد بيّن الله تعالى سرور وفرح الشهداء واستبشارهم عندما قال {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ )(آل عمران} آل عمران 170.
والبشرى والاستبشار مكانة سامية في سدة الفضائل، فقد أخبر الله تعالى بأنه هو الذي يُبشِّر من يستحقون البشرى ليكونوا من أهل الاستبشار، قال سبحانه {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ(20)يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ(21)} التوبة 20 - 21.
ومما لا شك فيه أن أهل البشرى سيلقون نعيماً وملكاً كريماً عند مليك مقتدر، فهم ضاحكو الوجوه مستبشرون بالنعيم وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ(38)ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ(39)} عبس 38 - 39.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved