Tuesday 11th february,2003 11093العدد الثلاثاء 10 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

حوار شعري مع المؤامرة الكبرى حوار شعري مع المؤامرة الكبرى
محمد عباس خلف

في الجزيرة الحبيبة وفي الصفحة الثالثة والأربعين ليوم الأربعاء السادس والعشرين من ذي القعدة الحالي جاءت قصيدة.. بل معلقة.. بل خريدة الأستاذ صالح بن حمد المالك تحت عنوان المؤامرة الكبرى.
أخي الشاعر الأستاذ صالح.. لقد أوجعت قلبي، لقد زلزلت عمق كياني.. لقد آلمتني بهذا الهم الثقيل الذي حملتني إياه في قصيدتك «المؤامرة الكبرى» وأنت بهذا النزف الدامي..وبهذا الدمع الهامي تبعدنا عن الراحة والهناء.. كنت أتوقع أن تكون قصيدة غزل، أو مديح، أو وصف، لكنها مؤامرة كبرى.. وشكراً.
لك على أنك كشفت سير هذه المؤامرة الكبرى.


عجبت فصدقاً تركت الغزل
وجئت بدمع همى وانهطل
تركت الغرام وما قد حوى
من الحب، عدت لماض أطلّ
ذكرت الأماجد في أمتي
وعشت اللجيعة لما تزل
أصبت الفؤاد بسهم مضى
بنزف الجراح ولم يندمل
كتبت الحقيقة صدق المقال
وقلت الحقيقة دون الأول
فهذا يداهن في شعره
وهذا يحاول حث الدول
ولكنك القلب لم يتسع
فهاج وماج ولم يحتمل
فقلت الصراحة في واقع
«تداعى العدو لأكل الحملْ»
عماليق نحو بكوفة قد
تنادوا وبصرة منذ الأزل
قواعدهم خير ثبت لنا
وللضاد حصن قوي العضل
فلا لن تضيع العراق فما
حصن الحضارة يوماً نزل
ويا شعراء هناك علا
صوت القصيد بكل الأمل
صديقي «صالح» أنت هنا
عود الزمان وعهد أطل
فشكراً لصدق له أهله
وشكراً لشعرك قلبي وصل
شعرت بحزن عميق فما
ذكرت بصدق المقل
أصالح حقاً جميعاً هنا
تركنا العدو ككلب أضل
يهود القرود لهم لوثة
يهود السفاح وعار حمل
يريدون كل البلاد لهم
يريد طمساً لكل الشعل
كما هم حيارى بماض لهم
طموح انتقام لماضي الوحل
يريدون كلاً بل موطن
وهم وحدهم في جميل الفلل
ولكنهم في غباء الحمير
ولا يفهمون كتاباً حُمل
قريباً سيمضي الزمان بهم
ضياعُ الشراذم ليس محل
وتيه جديد وتشريدهم
وما وعد الله حتما حصل
علينا انتظار لأمر الإله
فربي دوماً بحق عدل

والبقية فيما بعد:
أيها الشاعر الشاعر..
أستأذنك أولاً أنني كتبت هذه الأبيات في عجالة من أمري، فقد جرني الشعر إلى الكتابة، وتوقفت لأني لست قادراً على مجاراتك في دفقات شعورك الهادرة المتوقدة ولأنك قلت كل شيء، ولم تبق للشعراء غيرك في هذه القضية أي شيء.
اخترتَ المؤامرة الكبرى.. ويا لك من ذكي ألمعي.. قلت «مؤامرة» وتفسر المعاجم المؤامرة بالمشورة، وحقاً إنهم يتشاورون كما قلت على أن يمكنوا الذئب من أكل الحمل.. لكن سوف يهب الفارس العربي ليطعن الذئب.. فليس هناك في بغداد أو فلسطين حمل كما يتوقعون.. فكلهم فرسان..وكلهم أسود.
اخترت عنوان معلقتك «المؤامرة الكبرى» وكأنك اطلعت على عنوان «أجندة» الأعداء..وما أكثر الأعداء، فهم يكتبون على أجندات أسرارهم «المؤامرة الكبرى» ، ووصفك بالكبرى يطابق الواقع.. فليست هناك طامة أكبر،ولا مؤامرة أعظم، ولا خطر أدهى، ولا حال أمر، ولا وقت أصعب وأنكى مما نحن فيه الآن.. لكن حتماً يجيء الفجر ثم تشرق الشمس، ويعم الضياء. بعد هذا الليل فما دام ليل.. ولا استمر ظلم.. ولا انتصر طاغوت، ولا تفوق ظالم متجبر، لكن الذي يؤلمنا أن دم الشعر النازف لا يجدى عند قوم لا شعور لهم، ماذا يفيد دم الشعراء الذي ينزف كما ينزف دم أطفال فلسطين، وهناك من القوم من يقدم هذا الدم كؤوساً للعدو.. صدقت يا شاعري:


وصرنا نجامل أعداءنا
وعن حقنا نرتضي بالأقل
ومنا الذي لاذ في صمته
كأن فلسطين لم تستحل

يا شاعري..
نظراتك في الصورة المصاحبة تنبئ عن شيء كثير في داخلك، أرى براكين موارة تكاد تتفجر من عينيك كما تفجرت آلامك في قصيدتك.. أي ثورة مكتومة في وجدانك تكاد تنطلق مرة أخرى كما انطلقت في أبياتك.
*ه8ه*}
أنا مثلك أثق في أن الليل قريباً سينجلي.. وأن الغمام الأسود سوف ينقشع، وقريباً يجيء الصباح.. ويظهر النور.. وتعلو راية الإسلام وصوت العرب عالياً في كل مكان.
علمنا التاريخ أن الطغاة كلما زاد طغيانهم وتجبرهم اقتربت نهايتهم وحاق بهم ما كانوا يعملون.
إني مثلك متفائل.. لن يكون إلا النصر للحق.. لن يكون إلا دمار الظلم الأسود.. إن الغطرسة الطاغية التي أعمتها القوة القاتلة قدعموا عن رؤية الحقيقة، لمن ضلوا السبيل، لانهم لا يعلمون أن الله قادر على كل شيء.. وكما دمر الطغاة من قبلهم..وهو قادر على تدميرهم..فليسوا بمعجزين.
ينطلق هذا عندي من قولك:


ومن عاش براً بأوطانه
فحق له أن يحلّ المقل
وعاشت قيادتنا كلها
تسير بنا نحو عالي النُزُل
وعاشت بلادي لصد الأعادي
وهذي العباد لخير الملل
ورد إلهي لاعدائنا
مكائدهم كلها في عجل

لقد جاءت لغتك صادقة التعبير، وجاءت صورك ناطقة بالشعور الذي انطقها.. وأنت قبل ذلك صادق الإيمان، وهو الوقود الذي يشعل فيك صدق اليقين وصدق القريض، ولك تحياتي.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved