Tuesday 25th february,2003 11107العدد الثلاثاء 24 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الشركات العالمية تفضل الحرب بدلاً من التوتر بالخليج الشركات العالمية تفضل الحرب بدلاً من التوتر بالخليج

* نيويورك طارق عبد الغفار أ ش أ:
رغم المخاوف المتزايدة بشأن التداعيات السلبية التي قد تنجم عن الضربة الأمريكية المحتملة ضد العراق أكدت شركات عالمية على أن حالة الحذر والترقب السائدة حاليا بمنطقة الخليج تضر بالاقتصاد العالمي وتلحق خسائر فادحة بمصالحها وخططها.
وترى شركات أوروبية وأمريكية ويابانية أن التوتر الحالي بمنطقة الخليج يعرقل تدفق الاستثمارات ويضر بالمنافسة الحرة في العديد من الأسواق الدولية مشيرة إلى أن انتصار الولايات المتحدة السريع في الحرب المحتملة سوف يعيد الاستقرار بالسوق العالمية ويدعم نمو الناتج المحلي الاجمالي على المستوى الدولي.
وقال عدد من رؤساء الشركات الأمريكية الكبرى ان الحرب السريعة سوف تضر بالاستثمارات العالمية على المدى القصير مشيرين إلى أن الاستثمارات قصيرة المدى تأثرت بشدة نتيجة الوضع المتوتر بالمنطقة وانقسام الدول الكبرى إلى فريق مؤيد لضرب العراق وآخر معارض لها.
وأوضح ممثلو 180 شركة من الشركات متعددة الجنسيات «خلال اجتماع عقد الأسبوع الماضي في فلوريدا» أن نجاح الولايات المتحدة في استصدار قرار من مجلس الأمن يخول لها استخدام القوة ضد العراق نتيجة عدم إذعانه لقرار مجلس الأمن الدولي سوف يسهم في إعادة الاستقرار لبيئة الأعمال بالولايات المتحدة والعالم.
وأكد ممثلو الشركات الامريكية ان استمرار حالة الترقب الحالية دون تحديد موقف واضح تجاه الحرب سوف يقوض مؤشرات النمو المتوقع في النصف الثاني من عام 2003.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه الأحتياطي الفيدرالي بفلاديلفيا أن عدداً كبيراً من رجال الأعمال ورؤساء الشركات الأمريكية يرفضون ضخ استثمارات جديدة في ظل حالة الترقب والحذر الحالية وغموض الموقف الحالي بشأن الحرب بمنطقة الخليج.
وقال «تشاد هوليدي» المدير التنفيذي بشركة «ديوبنت» ورئيس مجلس الأعمال الأمريكي أن حالة الترقب والحذر الحالية التي تسود السوق العالمية ربما تدفع شركته إلى تأجيل تنفيذ خططها المتعلقة بزيادة رأسمالها واستثماراتها خلال العام الحالي.
وفي المقابل تسود نفس حالة الترقب والحذر في أوساط الشركات الأوروبية التي تخشى من التداعيات الخطيرة للحرب الطويلة على استثماراتها وأرباحها.
وقال كارلو دي بنديت نائب رئيس المائدة المستديرة لرجال الصناعة الأوروبيين ورجل الأعمال الإيطالي المعروف أن تداعيات الحرب المحتملة ضد العراق ونتائجها سوف تنعكس على مناخ الأعمال في أوروبا والعالم.
وتوقع دي بنديت استمرار حالة الترقب والحذر بعد الحرب المحتملة بالخليج مشدداً على ان الحرب المحتملة سوف تؤدى إلى اتساع نطاق العمليات الإرهابية في بقاع عديدة من دول العالم.
ويرى مسؤولون بشركة «بي ايه اي سيستيمز» البريطانية ان النتائج المترتبة على حرب الخليج المحتملة سوف تنعكس سلباً على أداء الشركات العالمية بسبب حالة عدم الاستقرار التي سوف تسود السوق العالمية.
وانخفضت أسعار أسهم شركة بي ايه سيستيمز البريطانية في أعقاب مقتل أحد مديريها التنفيذيين بالسعودية الأسبوع الماضي في الوقت الذي تصاعدت مخاوف الشركات البريطانية من تأثر معاملاتها التجارية مع دول الشرق الأوسط نتيجة التداعيات المتوقعة للحرب المحتملة.
ومن جانبه قال ايان ماكافرى كبير الخبراء الاقتصاديين باتحاد الصناعات البريطانية ان عدداً كبيراً من الشركات البريطانية اضطرت إلى تأجيل القرارات الحيوية المتعلقة بزيادة الاستثمارات ورأس المال بسبب تداعيات الحرب المحتملة مشيراً إلى أن حالة الترقب والحذر الحالية أدت إلى تدهور بيئة الأعمال.
وتخشى الشركات الألمانية والفرنسية من تراجع مبيعاتها بالسوق الأمريكي نتيجة الخلاف الحالي بين الدولتين من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى.
واضطرت الشركات الألمانية إلى زيادة إنفاقها الإعلاني بوسائل الإعلام الأمريكية للحفاظ على معدلات المبيعات بالسوق الامريكي في ظل التباين الحالي في موقف برلين وواشنطن تجاه حرب العراق.
وقال عدد من البنوك الأمريكية التي تتولى عملية بيع وشراء السندات التي تصدرها شركات فرنسية أنهم لمسوا مشاعر غير إيجابية من جانب المستثمرين الأمريكيين بسبب الموقف الفرنسي المناهض للحرب بمنطقة الخليج.
وأشار بنديت إلى أن حالة الترقب والحذر الحالية والمخاوف من الحرب أدت إلى إلغاء قرارات استثمارية كبيرة من جانب الشركات الامريكية والاوروبية.
وقال دي بنديت ان شركة «ايرباص» عملاق صناعة الطيران الأمريكية باتت تخشى فقدان السوق الأمريكي نتيجة للمعارضة الفرنسية والألمانية للحرب مشيراً إلى ان الشركة سوف تضطر «في حالة هبوط مبيعاتها بالسوق الأمريكي» إلى مطالبة الحكومات الأوروبية لتعويضها مالياً خشية الإفلاس.
إلا ان ليو مولين «الرئيس التنفيذي لشركة دلتا ايرلاينز للطيران» استبعد تدهور العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية المعارضة لحرب الخليج المحتملة مشيراً إلى ان التحالف بين الشركات الفرنسية والألمانية والأمريكية قوي لدرجة أنه يستطيع الصمود أمام أي خلاف سياسي.
وتخشى مؤسسات اقتصادية غربية مثل «ميريل لينش وطومسون فاينانشيال» من حدوث أزمة في إمدادات النفط حال نشوب الحرب المحتملة بمنطقة الخليج واحتمال تعرض أبار النفط للتدمير وهو ما سوف ينعكس بصورة سلبية على النمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي والعالمي.
وأعلن المعهد الأمريكي للنفط «وهو من أبرز المؤسسات الأمريكية المعنية بدراسات النفط» ان احتياطي النفط الخام التجاري بالولايات المتحدة انخفض بنحو 50 مليون برميل حيث بلغ 3 ،268 مليون برميل العام الحالي مما أثار المخاوف من احتمال حدوث أزمة في الطاقة في حالة نشوب الحرب بمنطقة الخليج واستمرار تناقص احتياطي النفط إضافة إلى أن المعروض النفطي تناقص بنحو 20 بالمائة العام الحالي بسبب اضراب عمال النفط بفنزويلا وتخفيض منظمة الدول المصدرة للنفط لإنتاجها للمحافظة على مستويات الأسعار.
وقال جاي سودرز «خبير شئون النفط بدويتش بنك» ان تناقص الأحتياطي النفطي الامريكي يعتبر أمراً خطيراً في ظل الحرب المحتملة بمنطقة الخليج وتراجع صادرات فنزويلا بنحو 50 بالمائة.
وقال خبراء نفط أمريكيون أن ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من 35 دولار يعكس الحاجة الماسة إلى وجود شبكة أمان في مواجهة أزمات الطاقة المستقبلية.
وأوضحت «امي مايرز» خبيرة شئون النفط بمعهد جيمس بيكر للشئون العامة ان الوضع السائد في سوق النفط أسوأ من الوضع الذى كان سائداً إبان حرب تحرير الكويت عام 1991 مشيرة إلى أن المملكة العربية السعودية وايران ضختا حوالي 110 ملايين برميل من النفط خلال الأسبوع الأول لغزو العراق للكويت في أغسطس1990.
وأضافت مايرز أن الدول الصناعية الكبرى سوف تضطر إلى اللجوء إلى الاحتياطي الاستراتيجي لمواجهة أي أزمة محتملة في امدادات النفط حال اندلاع الحرب بمنطقة الخليج.
وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة «التي تسيطر على الاحتياطيات النفطية الاستراتيجية بالدول الصناعية» ان الاحتياطي النفطي الاستراتيجي بالدول الصناعية يكفي لمواجهة أزمة تعادل في حجمها تداعيات الثورة الاسلامية الايرانية عام 1978 / 1979.
ومن ناحية أخرى رسم مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية الأمريكي سيناريوهين للأوضاع النفطية العراقية حال اندلاع الحرب بالخليج في ضوء اهتمام الشركات الأمريكية المتزايد بالحصول على نصيب الأسد من عقود إعادة تأهيل البنية التحتية البترولية بالعراق بعد الحرب المحتملة.
ويتمثل السيناريو الأول في نجاج الولايات المتحدة في تحقيق انتصار سريع وانهيارالمقاومة العراقية في غضون أسابيع.
ووفقا للسيناريو الأول سوف تظل أبار البترول العراقية سليمة حيث لن ينجح الرئيس صدام حسين في إحراقها في الوقت الذى سوف يتوقف إنتاج النفط الخام العراقي لمدة ثلاثة أشهر يتم بعدها استئناف الانتاج ببطء وبكميات أقل من المعدل الحالي.
وسوف تصل تكلفة إعادة تأهيل البنية النفطية العراقية وفق ذلك السيناريو حوالي خمسة مليارات دولار وتنفذ خلال عامين.
ويتوقع أنصار السيناريو الأول ارتفاع أسعار النفط خلال فترة الحرب وخلال الأشهر الثلاثة التي تليها إلى نحو 36 دولاراً للبرميل الواحد . إلا أنهم توقعوا انخفاض سعرالبرميل إلى 20 دولاراً بحلول الربع الثالث من عام2004.
ويتمثل السيناريو الثاني للحرب المحتملة بالخليج في استمرارالحرب المحتملة لمدة طويلة بفضل المقاومة القوية من جانب العراقيين واتساع نطاق المواجهات لتشمل تورط اسرائيل في الحرب.
ووفقا لذلك السيناريو فإن الرئيس صدام حسين سوف يتمكن من تخريب آبارالنفط العراقية لإحداث أزمة في سوق النفط العالمية نتيجة التناقص الحاد في المعروض النفطي في تلك الحالة.
ويتوقع أنصار ذلك السيناريو ارتفاع تكلفة إعادة تأهيل وتشغيل البنية النفطية العراقية حوالي 20 مليار دولار وتنفيذها على مدار سنوات عديدة، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة سوف تضطرالى استهلاك جزء من احتياطياتها النفطية الإستراتيجية لمواجهة الفجوة الواسعة في العرض والطلب بالسوق العالمية حيث سترتفع أسعارالنفط إلى حوالى 80 دولاراً للبرميل الواحد إلا أنها ستهبط إلى 40 دولاراً للبرميل الواحد بحلول عام 2004.
وقال البنك المركزي «في تقرير له» ان التوتر السائد حالياً في منطقة الشرق الأوسط والضربة الأمريكية المحتملة ضد العراق تزيد من احتمالات حدوث زيادة كبيرة في أسعار النفط بالأسواق الدولية وهو ما سوف يؤدي إلى تباطؤ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في دول منطقة اليورو الأثنتي عشرة.
ويتوقع خبراء اقتصاديون أوروبيون إقدام البنك المركزي الأوروبي على خفض معدل الفائدة التي تبلغ حاليا 7 ،2 بالمائة لدعم النمو بمنطقة اليورو في ضوء زيادة العجز في الموازنة الألمانية.
وأضاف الخبراء الأوروبيون أن البنك المركزي الأوروبي ربما يضطر إلى تخفيض توقعاته السابقة بشأن معدلات النمو المتوقعة بدول اليورو والتي أعلنها منذ حوالي 10 أسابيع في ضوء التطورات الحالية في منطقة الشرق الأوسط وارتفاع أسعار النفط.
ومن ناحية أخرى توقع ماتي فانالي «محافظ البنك المركزى الفنلندي «وجون هورلي» محافظ البنك المركزي الأيرلندي انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بدول منطقة اليورو بسبب المتاعب التي يواجهها الاقتصاد الألماني وتداعيات الحرب المحتملة بالخليج.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved