Tuesday 25th february,2003 11107العدد الثلاثاء 24 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
لماذا؟
عبدالرحمن صالح العشماوي

سؤال يُطْرح كثيراً، وحُقَّ له أن يُطْرح، لأن دواعيَ طرحه موجودة، ولأنَّه يتعلَّق بمصير أمَّةٍ كاملة وحياتها وكيانها، ولأنه يجسِّد حالتها البائسة، في هذا العصر.
لماذا؟ علامة استفهام تبرز أمامنا كلَّ حين، تقف أمام أعيننا في بداية كل صفحة تكتب عن أمتنا، وفي مقدمة كلّ حوارٍ يدور حول واقعها، وكلِّ خطبةٍ تُلقى عن حالتها، علامة استفهام تكبر وتكبر حتى نراها لوحةً عظيمة تسدُّ الأفق، تنبِّه غافلنا، وتفتح أبوابَ التدبُّر والتذكُّر، وتُّطلق أصواتَ الإنذار لأمتنا.
لماذا الفُرْقةُ والشتات؟ ولماذا الحيرة والاضطراب؟ ولماذا الهزيمة والانكسار؟ ولماذا التَّضَعْضُعُ والانحسار؟ ولماذا هذا الشعور بالاضطراب في مواجهة الأحداث العاصفة؟
نعم، لماذا؟
هل يستطيع هذا السؤال بعلامات استفهامه الكبيرة أن يحظى بجواب؟
هل على بساط الرأي والفكر جوابٌ يمكن أن يزيح الستار عن الحقيقة التي تدور حولها علامات استفهام هذا السُّؤال؟!
فرقةٌ وشتات، وحيرة واضطراب، وحوارات ولقاءات، وأفكار شتَّى تتطاير أمام أذهاننا المتعبة، وأصواتٌ صاخبة تتوافد على آذاننا التي تكاثرت عليها ذَبْذبات الأصوات، كما تكاثرت الظباء على خراشٍ فظلَّ حائراً لا يدري ماذا يصيد، وإلى أيها يوجِّه السهام.
فرقة وشتات... و«لماذا؟»، تظلُّ تبرز أمام أعيننا من كل ناحية، وتهاجم مسامعنا من كلِّ زاوية، تثيرنا وتستثيرنا، وتحاول أن تقرأ في أعيننا وتسمع في نبرات أصواتنا، ما يريحها من هذا الوقوف الطويل، وما يُثلج صدر حروفها، ويُهدِّىء بال علامة استفهامها من جواب يَبُلُّ الصَّدى، ويشفي الغليل..
عذراً يا «لماذا؟» فقد طال بك الوقوف، أمام بوَّابة أمَّةٍ تحيط بها الحتوف، ولم تجدي جوابا لأن أكثر أهل زماننا غافلون عن الجواب، بالرغم من أنهم يملكون موارده ومصادره، ويعرفون أوائله وأواخره.
يقول تعالى: {وّأّطٌيعٍوا اللّهّ وّرّسٍولّهٍ وّلا تّنّازّعٍوا فّتّفًشّلٍوا وّتّذًهّبّ رٌيحٍكٍمً وّاصًبٌرٍوا إنَّ اللّهّ مّعّ الصَّابٌرٌينّ} هنا في هذه الآية الكريمة رَبْطٌ واضح قوي بين «طاعة الله ورسوله» وبين «اجتماع الشمل وعدم التنازع»، فنحن أمام معادلة ثابتةٍ تظهر جليّاً لمن يتأمل كتابَ ربِّه أحسن التأمُّل وأصدقَه «طاعة الله ورسوله» أساس كل خيرٍ، لأنها ترقى بالإنسان عن أهواء النفس وشهواتها، وتسمو بروحه عن عَرَض الدنيا الزائل الذي يكثر اختلاف الناس فيه، وتناحرهم وتنازعهم عليه، إذا أطاع الإنسان ربَّه عز وجل وأتَّبع رسوله صلى الله عليه وسلم أصبح فوق كل سواقط الدنيا التي تدعو إلى الفرقة والشتات، ونوازع النفس البشرية التي تقود إلى الخلاف والتنازع، وهنا يتحقَّق ما تتوق إليه عبارة الاستفهام الواقفة أمام أعيننا «لماذا؟»، وإذا لم تتحقق طاعة الله ورسوله وفق ما أمر به، فسوف يكون التنازع لا محالة، وإذا حدث التنازُع كان الفشل وذهاب الرِّيح، الفشل لأن التنازع يسُوق إلى الفُرقةِ والشَّتات، وإذا حصلت الفرقة والشَّتات حصل الفشل، وإذا حصل الفشل كان ذهابُ الرِّيح، والرِّيح هنا معناها القوة والمكانة والقيمة، وهذا ما نرى بأمِّ أعيننا أنَّ أمَّتنا الحبيبة تعاني منه في هذا العصر.
هنا تجد «لماذا؟» ما يشرح صَدْر علامة استفهامها، وكأني بها تصرخ وتستصرخ: لماذا أيها المسلمون لا ترتفعون إلى مستوى «طاعة الله ورسوله» حتى تزول هذه الفرقة، ويذهب هذا الشَّتات؟ النُّور في أيديكم فلماذا تسيرون في الغياهب؟!
إشارة


أمنت بالله، لا يأسي سينفعني
ولا قنوطي، فإنَّ الله أبقى لي

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved