Tuesday 25th february,2003 11107العدد الثلاثاء 24 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آت لما هو آت
اليوم معكم
د. خيرية السقاف

يتكرر الإنسان في الإنسان...!
وتتكرر بذلك مواقفه الشبيهة...، لكن؛ حين تنجو التَّفاصيل، فإنَّ ثمة تفرداً عبقرياً وراء ذلك التَّفرد...
هذا لكم...
وما هو لي... فأقول:
*** كتبت حنان خالد: «يا سيدتي: كيف أبكي عندكِ، وأنا لا ألتقيكِ إلاَّ على الورق؟
همومي كثيرة، وآلامي أكثر...، كلّي جروح ولابد أن أجد منكِ علاجاً لهمومي قبل آلامي، ولآلامي قبل جروحي، ولجروحي قبل أن أنفق كالدابة المذبوحة أتخبط في همومي وآلامي وجروحي.
يا سيدتي، وأنا أتقمَّصكِ فيما أكتب لأنَّني أقرؤكِ بقلبي وعقلي، وأفرح حدَّ الجنون عندما أكتب وأكتب، وفي الليل أقرأ بصوتي المرتفع ما أكتب، فيرتد إليَّ صوتي كأنَّما أفعل وأنا أقرأ ما تكتبين بصوتٍ مرتفع. استطعتِ يا كاتبتي أن تتسللي إليَّ من الوريد للوريد لذلك أقحمكِ داخل همومي وآلامي وجروحي. أتدرين لماذا ارتِّيها كذلك! لأنَّ الهموم أبلغ فهي سبب للآلام،والآلام حين تنتفي فإنَّ الجروح تصبح علامات لا تؤثر.
همي الأكبر زوجي، وألمي المضاعف عدم توافقنا، وجرحي البالغ الخوف من أقاويل الناس؟
ولأنَّ أقاويل الناس هي همُّهم، وجرحي، ولأنّ عدم توافقنا هو همي وهو زوجي. فإنَّ آلامي بين همي وبين جرحي. ما رأيك يا سيدتي إن تعسرت كافَّة السبل للتوافق؟
أوَ ليس الانفصال هو الباتر لكلِّ هم، وألم، ودامل لكلِّ جرح؟
أمَّا شقائي فهو أنَّني مطلوب منِّي أن أعيش في ضوء «الحاصل»، وضمن همي وألمي وجرحي... لأنَّ «العائلة» ترفض أن توسم ابنتها «بالمطلقة». أبقى متزوجة، ولكنِّني تعيسة. أمَّا هو فلا يلقي بالاً لذلك، لأنَّ في يده أوراقاً اجتماعية تؤهله من التجاوز وتضعه في كافَّة منافذ الفكاك من هم وألم وجرح ما بيننا.
أشرككِ في هذه الهموم والجروح والآلام، وأحاصر الجرح فيها بهمي، وألمي كي تفعلي ما تريدين بهذه الكلمات التي هي سكاكين وحراب منصوبة في وجهي».
*** ويا حنان...
بهذا الأسلوب الجميل والبليغ وأنت تتقافزين فوق السطور بهمِّكِ وألمكِ وجرحكِ...
تقيمين مقصلة الموت لنفي الحق المشاع والمشرَّع لكِ بالانفضاض من حياة تواجهينها بهذا العمق في الاحساس الذي بلا ريب هو منطلق للتفكير العميق في مشكلتكِ.
فبكلِّ مقاييس العقل، والدليل الشرعي، والأنظمة الإنسانية إذا تعذَّر التوافق، فإنَّ الانفصال هو الحل الأمثل، ولقد وعد تعالى بأنَّهما إن تفرَّقا فإنَّ اللَّه سوف يغني كلاً من سعته.. فإن أنتِ يا حنان درستِ كافّة جوانب مشكلتكِ، ولم تجدي لها حلاً، وتعذَّر عليك الوصول إلى ما يرضي الجانبين فإنَّ «الأهل» عليهم أن يتمثلوا لما يرضي اللَّه سبحانه وتعالى لا ما يرضي الناس، فالناس لن يجتمعوا على قول لا في حالة الاستمرار، ولا في حالة الانفصال...، فقافلة الناس بل قوافلهم تنام على أقوال، وتستيقظ على سواها، وتحمل ما يقال في الليل والنهار إلى الأنحاء وتلقي في كلِّ درب بشيء... أفلا يعلمون ذلك؟... وليست المطلقة عاراً على المجتمع بل هي نموذج لفشل «ما» لحق بمسيرة ما في حياتهما وليس في كلّ حياتها وحدها.
لذا، أنتِ وحدكِ من يقرر...
والولاة موجودون، والشرع يحكم لكِ...
ولكن متى؟... عندما يكون ذلك هو الحل الأمثل يا حنان...
ثمَّ ما رأيكِ أن تكتبي... وتكتبي... فإنّني أتوسم فيك مشروع كاتبة حفظك اللَّه تعالى.

** عنوان المراسلة: الرياض 11683 ص.ب 93855

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved