Tuesday 25th february,2003 11107العدد الثلاثاء 24 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إضاءة إضاءة
شهيد الواجب
شاكر سليمان شكوري

الحادث الأثيم الذي راح ضحيته الدكتور حمد عبدالرحمن الوردي، وكيل إمارة منطقة الجوف «يرحمه الله» قبل أيام، يعيد إلى الأذهان واقعة اغتيال قاضي الجوف من قبل لاعتراض القاتل على حكم شرعي أصدره القاضي ولم يصادف هوى في نفسه، وفي الواقعة الأخيرة، فإن الوردي قد اغتيل لأسباب شخصية كما يُعتقد! ولقد قدر لي أن أتعرف على الفقيد عن قرب، فوجدته رجلاً فاضلاً، وأخاً مخلصاً، وصاحباً يعتز به الصحاب، ومن هذا المنطلق فإنني أنأى به أن يكون له بين العقلاء خصوم، ناهيك أن يكون طرفاً ظالماً في خصومة.
إنها الأمراض«القلبية» والإحن الجاهلية التي تعصف بعقول البعض، تزين له تصفية من يعترض طريقه ظالماً كان أو مظلوماً، وهي التي تدفع هؤلاء السفهاء للخلاص من الرموز التي ارتضاها المجتمع للحفاظ على كيانه القيمي طبقا للشريعه الإسلامية التي هي دستوره الوحيد ومن المؤسف أنه في الوقت الذي يتخلص منه المجتمع من عضو فاسد، بتطبيق الحد الشرعي على القاتل الأثيم، فإن هذا المجتمع يخسر مع كل حادثة على تلك الشاكلة واحداً من ابنائه البررة، الذين يتفانون في خدمته بكل الجد والإخلاص، والنزاهة والحيدة، وما أبشع أن يحصد منجل الشر زروع الخير على هذا النحو الغاشم!
(أّقّتّلًتّ نّفًسْا زّكٌيَّةْ بٌغّيًرٌ نّفًسُ لَّقّدً جٌئًتّ شّيًئْا نٍَكًرْا} [الكهف: 74]،
والعقل السليم لابد أن يحتكم في خلافاته مع الآخرين إلى القنوات الشرعية المتدرجة والمكفولة للجميع، بدلاً من التصفية الجسدية لمن يخالفه الرأي أو الهوى. وإنني إذ أدين هذه الجريمة النكراء وأثق في أن أجهزة الأمن في بلدي ستظل كما هي دائما أمينة على دماء هؤلاء الشهداء، بالقبض على قاتليهم وتقديمهم للشرع، لأنعى إلى الأمة فارساً نبيلاً آخر يمضى شهيداً للواجب، وأعزي نفسي وأسرة الشهيد ومحبيه بحكاية تروى عن الحجاج بن يوسف الثقفي، وكان من الجبارين كما هو معروف، أنه أشرف يوماً على الغرق فأنقذه واحد من أشد مناوئيه ومبغضيه، وما أن نجا إلى البر حتى طالع في منقذه بدهشة شديدة لم تخفها كلماته، فعاجله الرجل بقوله: «والله ما أنقذتك حبا فيك ولكن كرهت لك الشهادة» فالقاتل الذي خسر دنياه وآخرته، قد أهدى الوردي- دون أن يقصد- نعمة الشهادة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved