Thursday 27th february,2003 11109العدد الخميس 26 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في الاقتصاد في الاقتصاد
اقتصاديات الخليج ومتغيرات غير عادية
د. سامي الغمري

يشهد الاقتصاد الخليجي متغيرات دولية غير عادية، متأقلماً بمقدراته مع الأحداث المتقلبة المجاورة له التي لا تعرف الهدوء ولا الاستقرار ممتدة لأكثر من عقدين زمنيين. بدأت بحربها الأولى التي اقترنت بها موجات عنف وتوتر في منطقة الشرق الأوسط متتابعة لم تقف قط حتى اشتعلت نار الحرب الثانية التي بدورها صاحبتها حملات إرهابية متتالية وانتقلت معها إلى فترة غير مستقرة بحملات أمريكية مضادة ضد الإرهاب العالمي في وسط آسيا وقرن أفريقيا، ويشهد حالياً أيام قلق لا تعرف اقتصاديات الخليجي مدى ما تحمله لها آتون الحرب الثالثة المحتملة من تداعيات سلبية سواء للمدى القريب والبعيد، كلها متغيرات غير عادية نراها زادت حدة وقسوة بعد أن تدهورت معدلات أداء أسواق المال العالمية التي أصبحت سمتها التراجع المتواصل في استثماراتها وعائداتها. أسواق عالمية غير مستقرة دفعت أسواق الأسهم الخليجية على فقدان جزء من قيمتها وإفلاس خروج صغار مستثمريها.
وضاعف من سلبياتها انخفاض قيمة الدولار الواضح تقلبات أسعار الصرف الدولية دافعاً محاور الثلاث الاقتصادية الكبرى (أمريكا واليابان والمجموعة الأوروبية المشتركة لعامي 2001/2002م) إلى ركود وانكماش عام وخاص وللمنتج والمستهلك إلا أنه يمكن القول انه بالرغم من كل المتغيرات الدولية غير العادية تمكنت دول المجلس التعاون من التكيف والتأقلم المناسب واصرارها وعزمها لإنجاز كل خططها ماضية بخطوات ثابتة. إنها استطاعت أن تحقق إنجازات اجتماعية واقتصادية خففت من حدة آثار الاضطرابات الخارجية عليها مسخرة إمكاناتها المحلية المتينة. فهي من ناحية دول تتميز بانفتاح اقتصادي عالمي مرتبط باتفاقيات دولية ومواثيق تجارية جيدة. وهي من ناحية أخرى تحتفظ بموارد بترولية تعد عصب الحياة الحديثة لها ما يقارب من ثلثي الاحتياطي البترولي العالمي، وتتمتع بمقدور عال في التحكم في أسعار النفط الخام مبرهنة على ذلك بأسعار النفط في عامي 1997/1998م وعلى حالات التعافي الاقتصادي التي مرت بالخليج رغم هبوط أسعاره في فترة التسعينيات الميلادية إلى أن تحسنت أسعار النفط من بداية عام 2000م وهو الأمر الذي شجع دول أخرى من خارج منظمة الأوبك إلى التعاون الإيجابي واتخاذ إجراءات تخفيضات إنتاجية للنفط مطلوبة آنذاك.
وقد حافظ انتاج النفط لسقف محدد على رفع متوسط سعر سلة أوبك في منتصف عام 2000 إلى 24 دولاراً أمريكياً للبرميل مما كان له الأثر الجيد في تخفيض عجز موازناتها السنوية حيث إن كل الموازنات تعتمد على إيرادات النفط العامة، ومع أن ظاهرة الاعتماد على الاقتراض المباشر من المصارف المحلية أو الخارجية لبعض دول مجلس التعاون آخذ في التزايد إلا أنها قروض تهدف في مضامينها إلى متابعة مشاريع المسيرة التنموية تم توظيفها في مشاريع الكهرباء والبنى الأساسية التحتية.
وقد أشار التقرير الاقتصادي الخليجي إلى أن هناك أكثر من 32 مشروعاً في دول مجلس التعاون تحتاج إلى تمويل مصرفي بحدود 15 مليار دولار أمريكي.
نعتقد أن التطورات المتقلبة أفادت دول المجلس بطريقة غير مباشرة خاصة عندما عادت رؤوس الأموال الخليجية من الخارج وبحثت عن فرص الاستثمار في مواطنها، لقد قدر بحوالي 300 مليار دولار عادت إلى الخليج الذي يعتبر نموذج التطور الإيجابي الذي تمثل في قيامها بتحسين مستويات أداء أسواق المال الخليجي فيها السنة الماضية. إن عودة رؤوس الأموال من الخارج وإن كان نتيجة تراجع عائداتها الربحية لمستثمريها أو كان بسبب انخفاض معدلات الفوائد المصرفية إلى أدنى مستوى لها منذ أربعة عقود (25 ،1%) أو كان بسبب الخوف من تجميد حسابات بعض المستثمرين الخليجيين ضمن إجراءات مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة ودول غرب أوروبا، إلا أن قدومها من الخارج حرك قطاعات أخرى كالعقار والتشييد والبورصات في عام 2002م. هذا حال ومتانة اقتصاد دول مجلس التعاون أمام المتغيرات الدولية السلبية. نتساءل اذن: ما هو حاله في غيابها؟

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved