Thursday 27th february,2003 11109العدد الخميس 26 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مواقف الرجال في ذاكرة الطفولة مواقف الرجال في ذاكرة الطفولة
محمد الخناني (*)

تلبس مدينة طريف هذه الأيام أجمل حللها لتستقبل صاحب السمو أمير منطقة الحدود الشمالية الأمير عبدالله بن مساعد آل سعود. فمدينة طريف التي كانت قبل خمسين عاماً مجرد بلدة أو قرية كمثيلاتها من قرى المملكة آنذاك، فالمنازل الطينية والصنادق وبيوت الشعر المتباعدة بعضها عن بعض- والحياة الطبيعية التي تعود عليها أجدادنا من قبل كانت الأشجار الصغيرة والعشب يحيط بها وخاصة في المنخفضات والأودية، وتبعد عنها أهم المراكز الحيوية كالمطار والجمارك وشركة التابلاين والمستشفى بحوالي كيلومتر واحد، تتردد عليها من فترة لأخرى الحيوانات القادمة من الحرّة مثل الغزلان والوعول ومنها المفترسة كالذئاب والضباع.
وبمرور الوقت وسنة بعد أخرى.. اتسعت رقعة البناء وتحولت من الطينية إلى الإسمنتية.. واضمحل العشب بأنواعه حيث لا نجده إلا في مواسم الربيع.. حتى عام 1397هـ تقريباً حيث عاشت طريف فترة مزدهرة مقارنة بمدن المنطقة الشمالية، وهنا لنا وقفة.. وللمرء أن يقارن حيث اتسعت مساحتها إلى أكثر من 3 كيلو متر مربع وزاد عدد سكانها عن 12 ألف نسمة، وفي ذلك العام.. اعتقد البعض أن طريف أخذت بالعد التنازلي أو على الأقل ستظل على حالها.. لافتقادها منشأتين حيويتين هما:
انتقال الجمارك وتوقف شركة التابلاين عن العمل وما تبعهما من انتقال بعض الموظفين والعاملين منها طلباً للرزق.
ومع هذا خاب ظنهم.. ولاح الحظ لهذه المدينة حيث نجد هذه الأيام أن عدد سكانها يزيد عن 45 ألف نسمة وزادت مساحتها إلى أكثر من 12 كيلو متراً مربعاً تقريباً، ناهيك عن السفلتة والإنارة والمشاريع الأخرى.. أي إنها زادت وتوسعت أربعة أضعاف عمّا كانت عليه قبل 25 عاماً.
هذه الزيادة . أو بالأصح.. هذا التطور الذي شهدته وستشهده مستقبلاً تم بفضل من الله ثم بفضل خطط حكومتنا الرشيدة لتطوير مدن وقرى المملكة وتوفير الخدمات لسكانها.
وبمتابعة واهتمام سمو أمير منطقة الحدود الشمالية وهي بصمات سموه لتطوير مدينة طريف.
لقد أعادت زيارة سموه هذه .. مواقف الرجال.. إلى الأذهان فسجلتها براءة الأطفال وحماس الشباب ومشاعر رجل يبدأ سنته السادسة من عقده الخامس الذي لن يتمكن من سرد جميع المواقف لكن أبرزها في ذهنه لا زالت دروساً وعبراً.
فزيارته لطريف عام 1379هـ ، التي بقي فيها لأيام.. والتي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة إن شاء الله، فقد كان يستجيب لدعوات الأهالي والمسؤولين ويقوم سموه بزيارتهم في منازلهم.
كنا أطفالاً ننتظر ونراقب سموه.. وزاد الإعجاب والتقدير عندما كنا ندرس في مدرسة عرعر المتوسطة.
لقد باشر سموه عام 1382هـ الإشراف على إنقاذ ثلاثة مواطنين أو شكوا على الغرق بعد أن تعرضت سيارة البريد التي كانوا يستقلونها لحادث وبقوا لأكثر من ساعتين وسط شعيب.. بدنة.. الهائج بمياهه المتدفقة..
كنت وبعض الزملاء بالقرب من سموه ، تارة ننظر نظرة عطف وشفقة على المواطنين وهم يصارعون الموت وتارة ننظر لسموه نظرة تقدير وإعجاب وهو يوجه المنقذين شخصياً لعدم توفر الإمكانات في ذلك الوقت، وفي المحاولة الثانية للشيول الكبير طلب سموه من سائقه والمنقذ الثاني وهو رجل الأعمال المرحوم عبدالله الخضيري أن يأخذوا الحيطة والحذر لضمان أن يربط حبل وسط كل منهما ويتركوا طرف كل حبل على حافة الشعيب لمجموعة أخرى لضمان سلامتهم.
وبعد محاولات سائق الشيول العديدة تمكن من انتشالهم في اللحظات الأخيرة مع الخضيري وعاد بهم وعند نزولهم دوّى هتاف المواطنين المتواجدين وقتها والدموع تخون أغلبهم فرحاً بسلامتهم ولم يغادر سموه إلا بعد أن اطمأن عليهم.
لقد كان سموه يوصي هيئة التدريس بالمدرسة بمعاملة أبنائه أسوة بباقي الطلبة ومعاقبتهم كعقاب أي طالب دون تمييز، فلست الشاهد الوحيد فطلاب المدرسة المتوسطة والثانوية آنذاك شاهدوا.. واتضحت لهم دروس العدل والإنصاف وتأثروا بشخصية سموه كما تأثرت بها صغيراً وأعجبت به كبيراً.
وأخيراً - ورغم كل ما تحظى به طريف من تطور وخدمات فلن يتهمني أحد بالأنانية.. إن طالبت بالمزيد من المشاريع ومزيد من الخدمات لهذه المدينة الغالية.
اعذروني إنني أحد أبنائها .. فقد أحببت ترابها.. حتى قسوة شتائها.

(*)محافظة طريف

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved