Sunday 2nd march,2003 11112العدد الأحد 29 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

فيصل بن خالد بن عبدالعزيز لـ « واجهة ومواجهة » 1-2 فيصل بن خالد بن عبدالعزيز لـ « واجهة ومواجهة » 1-2
ليس لأميركا حقٌّ في توجيهنا لما نعمل
بعض المسؤولين يتقربون بالتملق..
استثمارات المؤسسة في أماكن أمينة..

  إعداد وحوار: إبراهيم بن عبدالرحمن التركي - متابعة: علي بن سعد القحطاني
***والمواجهة مستمرة الأحد القادم..
(1)
** أما الواجهة..
«ففارسٌ» لم يترجل، و«إنسانٌ» لم يتبدل، ورجلُ بر يعمل ويأمل..
** وأما المواجهة..
فتطوافٌ بانسياب.. وقراءةٌ في أسباب.. وموعدٌ فوق سرج السابح وبين أوراق الكتاب..!
***
(2)
** تلمس صفاءه..
وتتحسسُ نقاءه..
طيبته مساحة...
وحديثُه سماحة..
يبهرك بتواضِعه.. وهدوئه
فتألفه.. ويألفك..
وتحسبُ من أول لقاء..
أن لا «كلفة» ولا «مسافةَ»..
بل علاقة وإخاء...
***
(3)
** تراه في «خالد»
وترى فيه ال«خالد»..
يردد اسمه..
ويستعيدُ رسمه..
***
(4)
** ويمر شريط الذكريات
ممتلئاً بالمواقف والحكايات..
والإفاضات والإضافات..
وتقفُ أمام تاريخٍ يتجدد..
وبناءٍ يتمدد..!
***
(5)
** نأى عن العمل الرسمي..
وتفرغ للعملِ «التطوعي»..
وتحاور وتشاور..
أيكونُ سرّاً أم جهراً..
بغطاء.. أم فضاء..
وقدّر وقرر لأن الزمن مع العمل «العلني»
والأجر في الإخلاص لله عبر التوجه الوطني..!
***
(6)
** الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز
في الواجهة ومع المواجهة..
لا علاقة لأحداث 11 سبتمبر بتوجهنا إلى الداخل
***
***
إذا اكتفى فقراؤنا توجهنا إلى الخارج
***
***
نحن أول من تحدث عن الفقر بشفافية
الملك خالد خيمة أظلت الصغير والكبير
***
قال للأطباء
ليلة وفاته: سترتاحون مني..
11 سبتمبر
** لماذا الالتفات إلى الداخل في أنشطة الملك خالد الخيرية..؟ هل لأحداث 11 سبتمبر علاقة بالموضوع..؟
* بدءاً أرحب بكم في منزلكم الثاني، وإذْ سألتني: هل كان لأحداث 11 سبتمبر علاقة بأنشطة المؤسسة، أعتقد، بل ومتأكد أن ليس لها علاقة بها، لأن هذه الفكرة كانت موجودة قبل وقوع الأحداث، وحتى لو جاءت الفكرة بعدها فكنا سننفذها بهذه الصورة انطلاقاً من اقتناعات مبدئية متأصلة في فكر ووجدان القائمين على المؤسسة..
توجه
** المؤسسة حين اتجهت إلى الداخل تزايد الحديث عن دور الولايات المتحدة في ذلك..؟
* أخ إبراهيم.. أنا متأكد ليس لها دور أبداً ولا علاقة مباشرة أو غير مباشرة بذلك، وقد أصبحت مؤسسة الملك خالد مؤسسة رسمية بأمر ملكي، وللمعلومية فنحن لا نأخذ الأوامر من كائن من كان سواءٌ من قوة عظمى أو صغرى، وليس لنا علاقة بأميركا نهائياً، ولا نتلقى الأوامر من أي أحد، نتلقى فقط توجيهات ونصائح ولاة الأمر، وهذا منهج اختطيناه، وهو منهج الملك خالد -الله يرحمه- في حياته، وكان دائماً يحث على مساعدة المحتاجين في داخل المملكة، وأرجع وأقول لك: أميركا ليس لها علاقة نهائياً وليس لها حق في التوجيه..
دور
** إذن ليس للولايات المتحدة دور أو تأثير في هذا التوجه..؟
* لا.. ليس للولايات المتحدة أي تأثير، لأنها ليس لها أي علاقة في التوجهات الداخلية للمملكة وللمؤسسة..
تجفيف
** تجفيف منابع الإرهاب كما أسمته أميركا.. هل تتوقع أن يطال مؤسسة الملك خالد الخيرية مثلما طال مؤسسات خيرية كثيرة..؟
* لا أتوقع طبعاً، ولكن في التطورات الحالية تحدث أشياء لم تكن متوقعة، فأتمنى -إن شاء الله- ألا يحدث ذلك، واستثمارات مؤسسة الملك خالد في أماكن آمنة ولن تستطيع أميركا عمل شيء لنا..
الداخل
** إذن هل جاء توجه المؤسسة لأن في الداخل محتاجين لم يُلتفت إليهم، أو لأن لكم ملاحظات على الجمعيات والإعانات الموجّهة إلى الخارج..؟
* لا أستطيع -يا إبراهيم- أن أتحدث عن الجمعيات في الخارج فليس لي عتابٌ عليها.
عتاب
** لكن لك ملاحظات عليها إذن..؟
* دعني أتحدث بصراحة.. العتاب أو اللوم موجود، والتوجّه إلى الداخل لأن البلد بحاجة، وهذه ليس فيها شك، وقد رأينا زيارة سمو ولي العهد لأحياءٍ كثيرةٍ فقيرةٍ في الرياض وهذه الأحياء في العاصمة، فما بال المناطق الثانية..
أقرباء
** إذن «الأقربون أولى بالمعروف» من «الأبعدين» الذين تتوجه لهم جمعيات الخارج..؟
* الجمعيات التي تتوجه للخارج لها سياستها، لكن مثلما قلنا البلد أولى وخيركم خيركم لأهله -أو كما استشهدت- «الأقربون أولى بالمعروف» وهذه ليس فيها شك، أنا ألوم المؤسسات بدون تسمية أي مؤسسة طبعاً لأنهم ركزوا على خارج المملكة، وداخل المملكة للأسف تناسوه أو نسوه..
الخارج
** لكن ألا تعتقد أن المسلمين في الخارج -وقد أحاطت بهم المحن والفتن- محتاجون أكثر لمن يقف في جانبهم..؟
* والله.. أنا أحكي لك عن مؤسسة الملك خالد الخيرية، فالمؤسسة -في اتجاهها منذ أن ابتدأت وسوف تستمر- مخصصةٌ للمحتاجين في الداخل، أما عن المؤسسات الثانية فأقول: إذا اكتفينا واكتفى أهلنا يعني إذا صار الداخل ممتازاً جداً، وليس لدينا أحد محتاج يمكن أن يساعدوا الخارج، وأعتقد أن في كل بلد مؤسساتِها، وفي كل بلد رجال أعمالها والفقراء يملأون كل مكان، وهذه ليس فيها شك، لكن المعونات التي تذهب إلى جهات خارجية من المؤسسات الأهلية هنا، أخذها ناس الخارج وأنكروها، وأنكروا فضل المملكة عليهم نهائياً، ومرة أخرى أعتقد أنه إذا اكتفينا داخلياً ولم يعد لدينا فقير داخل المملكة، وهذه تحتاج إلى وقت طويل جداً حينها نلتفت إلى الخارج..
فلسفة
** فلسفت المؤسسة أنشطتها بالاتجاه إلى الجمعيات والتركيز على المهارات وعدم التركيز على الإعانات الفردية المباشرة.. لماذا..؟
* دعني أبدأ من الآخر، معروف عندنا الفقراء الذين يأتون إلينا في الشوارع وعند الأبواب والمساجد.. هؤلاء.. لا نستطيع أن نعرف المستحق من غير المستحق من بينهم بل إن غير المستحق يمكن أن يأخذ حق شخص محتاج، فالتوجه إلى الجماعات أو تنمية المهارات أعتقد أنها أفضل لأننا لا نريد من أحد أن يمد يده ويتسول، فعن طريق الجمعيات تكون المعونات منظمة، وكل جمعية تعرف منطقتها ودوائر خدماتها والأسر المحتاجة فيها، وأنا متأكد 100% أن أفراد الأسر العفيفة المحتاجة لا يمدون أيديهم، ولا يخرجون من بيوتهم أبداً فلا بد أن نبحث عن هؤلاء بمساعدة الجمعيات الداخلية في كل منطقة، إلى أن نعثر عليهم وبطريقة بسيطة يعني بسؤال إمام المسجد أو عمدة الحارة..
مهن
** وماذا عن تنمية المهارات..؟
* تجيء تنمية المهارات لأن ثمة أناساً يتعففون من أخذ المال مباشرة فندربهم على مهن بسيطة وأشغالٍ يدوية حتى يستطيع الواحد منهم أن يصنع أشياء ويستفيد فيها من مهاراته، ومن قدراته ومن المواهب التي يمتلكها دون أن نستثني أحداً بمن فيهم النساء الكبيرات ممن يحتجن إلى توجيه وهذا هو هدفنا الرئيسي وهذا -طبعاً- يأخذ سنوات طويلة جداً، لكننا مصممون على هذا المنهج..
مهارات
** بالنسبة إلى المهارات تحديداً.. هل في توجهاتكم إنشاء معاهد أو مراكز تدريب في مناطق المملكة المختلفة..؟
* بدون شك هذا أكيد، لكن لا أستطيع تحديد ذلك الآن لأن الدراسات لا تزال قائمة، غير أننا في المؤسسة أخذنا آراء الجمعيات الخيرية واقتراحاتها ومرئياتها في هذه الموضوعات كلها، وبدون شك المؤسسة في طريقها إلى إنشاء معاهد وإلى إنشاء مراكز وهذه إن شاء الله ستكون في وقت قريب جداً أي خلال أشهر، وأعتقد أن هذا أفضل شيء يمكن أن تقدمه المؤسسة..
بيروقراطية
** أنتم الآن تعملون في التنظيم الإداري للمؤسسة التي هي وليدة وناشئة وحديثة وأمامكم تجارب الجمعيات الأخرى التي تمارس أعمالها بكثير من البيروقراطية بمفاهيمها «السلبية» أي «التعقيد والروتين».. هل وضعتم في ذهنكم إبعاد هذه المؤسسة الناشئة عن هذا الداء الإداري لتكون جمعية متميزة مختلفة..؟
* إبراهيم.. نحن في الجمعية نحارب البيروقراطية، لأن البيروقراطية داء قاتل سواء في المؤسسات الأهلية أو الدوائر الحكومية، ونحن نحاول قدر جهدنا ولا أقول لك مئة في المئة أن ننأى عن ذلك.. لا إنسان منزهاً بالطبع.. لكن نحن نسعى إن شاء الله لأن نحارب البيروقراطية في تعاملات المؤسسة وفي أسلوب عمل المؤسسة الداخلي، لأن البيروقراطية - كما قلت لك- داء قاتل وأثّرت وتؤثرِّ على كل شيء سواء كان حكومياً أو خاصاً ولها تأثير ضار عليها كلّها..
صندوق
** إنشاء المؤسسة تأخر كثيراً ، وقد توفي الملك خالد - رحمه الله- منذ 21 عاماً أي أن الذين ولدوا بعد وفاته صاروا الآن في الجامعة أو ربما تخرجوا فيها.. فلماذا تأخر إنشاء المؤسسة الذي يهدف منه -ضمن أهدافه الأخرى- إلى تخليد اسم الراحل الكريم..؟
* لم يتأخر إنشاء المؤسسة، فنحن خلال أشهر -وبعد وفاة الملك خالد رحمه الله- أسسنا صندوق الملك خالد الخيري الذي عمل أشياء مهمة لا أحب أن أقولها وإنما أدع الأعمال تتحدث عن نفسها..
نماذج
** مثل ماذا..؟
* عملنا حاجات كثيرة، نرجو ثوابها عند الله، ونرجو أن تكون في موازين أعمال الملك خالد إن شاء الله، ولكن رأينا أنه من الضروري جداً أن تنشأ مؤسسة رسمية باسم الملك خالد ويتوج صدورها بأمر ملكي..
زمن
** كم استغرق ذلك..؟
* من يوم قدّمنا الاقتراح أو الطلب إلى المقام السامي أخذت سنة واحدة تقريباً، فالحمد لله، أما الصندوق فقد أنشئ بعد وفاته بأشهر قليلة وبالتالي المؤسسة تعدُّ امتداداً لهذا الصندوق.
صندوق
** من النقاط الإيجابية التي تحتسب لمؤسسة الملك خالد الخيرية أنها سبقت في الحديث عن المحتاجين في الداخل، لكن قبل زيارة الأمير عبدالله لبعض الأحياء الفقيرة لم يكن أحد يتكلم عن الفقر في المملكة بهذه الشفافية.. أنتم سبقتم الحقيقة في عملية التوجه للداخل على أساس «خيركم خيركم لأهله» و«الأقربون أولى بالمعروف».. سؤالي الآن ما دور المؤسسة في الصندوق الذي أعلن عن إنشائه بعد زيارة الأمير عبدالله..؟
* أرسل خطاب رسمي باسم المؤسسة إلى سمو سيدي الأمير عبدالله يؤكد أننا في خدمة الصندوق، وأرسلنا كذلك دراسة لخط الفقر ومستوى الفقر في المملكة، إلى المقام السامي وإلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ونحن جاهزون، نحن في الخدمة وتحت الإشارة..
شفافية
** لماذا بدأت الناس تتحدث عن ظاهرة الفقر دون تردد، كيف ترى هذه الشفافية التي ألغت «التلميع»، و«كل شيء ممتاز»، و«كل سعودي عنده مليون»..؟
* أراها ظاهرة إيجابية جداً فكما قلت.. كان الحديث منمقاً، وكل من رأينا في المقابلات التلفزيونية من المسؤولين والمختصين في هذا المجال كانوا يرددون الحمد لله وكل شيء زين، كل شيء طيب، الحمد لله لكن ليس كل شيء كما يتمنى ولاة الأمر وإن كانوا يسعون جاهدين إلى هذا الشيء، المهم نحن نفتخر بأننا أول من تكلم عن هذه الظاهرة وأول من تكلم بصراحة وشفافية تامة في اللقاءات التلفزيونية، نحن ما اكتشفنا هذا لكننا بيّناه فقط، أو أظهرناه إلى السطح، وإلا فالفقر موجود، ونحن أول من فتح الباب أو سلك الطريق، يعني - بصراحة- كانت فيه مجاملات، لكن الحمد لله أن هذه الظاهرة توشك أن تنتهي..
مصدر
** من أين ترى مصدر هذه المشكلة..؟
* من بعض المسؤولين أو بعض الوزراء الذين يعتقدون أنهم يتقربون إلى ولاة الأمر إذا قالوا لهم إن كل شيء زين، كل شيء ممتاز، كل شيء طيب، ما فيه شيء خطأ، وهذا بالعكس ليس تقرباً ولا خدمة وطنية.. بل هو تقرب مضر لأن المفروض من الواحد أن يَصْدُقَ ولاة الأمر الذين يسمعون الناس كلهم فإذا جاءهم واحد سألوه كيف الأحوال؟، كيف الأوضاع ؟، ما هي أحوال الناس ؟ أجابوا: الحمد لله..كل شيء زين، الحمد لله كل شيء طيب، دون ذكر للنقص والقصور الموجود في كل عمل بشري، أعتقد الآن أنه بعدما فتحت المؤسسة هذا الدرب وهذا الطريق لم يعد لنا عذر، الناس كان عندهم بعض التخوف، ولكن الآن صارت المكاشفة أمراً طبيعياً جداً ليس فيها أي نوع من الرهبة أو أنواع التخوف، وولاة الأمر -حفظهم الله- يحتاجون فقط إلى من يوضح لهم الأشياء الحاصلة على أرض الواقع..
علاقة
** ما زلنا أيضاً في مؤسسة الملك خالد والحديث لابد أن يتطرق إلى الملك خالد رحمه الله، فالملك خالد عُرف عنه أنه قريب من الناس، كيف كانت علاقته بالفقراء..؟
* كانت علاقته قوية، كان بسيطاً جداً، وكانت علاقته بالناس مباشرة، يعني ما فيه واسطة بينه وبين المحتاج أبداً، كان شخصاً بسيطاً جداً، وكان مؤمناً بالله، وكان يخاف الله فإذا وجد خوف الله في إنسان فاعتقد أن هذا من صالح الناس ومن صالحه هو نفسه، ولم يوجد حجاب بينه وبين المحتاجين، وماذا أقول لك.. كان حاكماً ولكنه يشعر بشعبه، ويشعر بنبض المواطن، يشعر بإحساس المواطن، فهذا من فضل الله عليه..
تفقد
** في هذا الإطار، هل كان يتفقد الفقراء بنفسه في جولات سرية أو يرسل مندوبين..؟
* كان يرسل، أكيد هذا ما فيه شك، يرسل دائماً إلى أحياء الفقراء، وكان يبحث عن الرجال الصالحين الطيبين ممن يثق بهم ويثق بذممهم لأن الذمّة هنا مهمة جداً، كان يرسلهم في كل أنحاء المملكة ليس في الرياض فقط، فأعتقد أنه -رحمه الله- وُفق في هذا الشيء، توفيقاً كبيراً لأنه يرسل الرجال الثقات الذين يُوثق في دينهم وصدقهم، الرجل إذا كان فيه دين اجتمع فيه كل شيء، الصدق، الأمانة، الحرص، الخوف من الله..
كتاب
** أيضاً من الأشياء التي تأخرت صدور كتاب عن الملك خالد وحينما صدر الكتاب صدر مع أضواء إعلامية مكثفة،والمثقفون -في الواقع- غير راضين عن هذا الكتاب، يرون أنه كتاب عادي كان يمكن أن يكتب عن أي شخص إلا أن يكون شخصاً بحجم الملك خالد وبحجم الحب الذي يحتفظ به الناس لهذا الرجل، يمكن أن يكون السبب عائداً إلى الطابع التجاري أو الارتجالي.. وأنا لا أتحدث عن أحد معين، لكن ليس هناك شك أن الناس لم تجد فيه ما يفي ويشفي.. فهو كتاب «تجميعي» لم يتجاوز ما نُشر في حياة وبعد وفاة الملك خالد، ولم يحاول قراءة شخصية الملك خالد بما احتوته من ملامح خاصة بها.. فهل أنت راض عن الكتاب..؟
* كل الرضا لا طبعاً، الكتاب كان توثيقياً فقط وكنا في حاجة إلى توثيق حياة الملك خالد، الكتاب كان سرداً للوقائع، مع بعض القصص التي تنبئ عن عطفه وشفقته وعن رحمته بأبناء شعبه لكن أكثر ما في الكتاب هو توثيقي فقط.
تصحيح
** ما الذي ستعملونه لتصحيح الوضع وإضافة النقص..؟
* إن شاء الله المؤسسة في صدد إصدار كتب وليس كتاباً واحداً، لكن هذه تحتاج إلى وقت ولا نريد عملاً ارتجالياً، لا يعطي المردود الذي نريده منه، ومثلما قلت لك، الكتاب هذا كنا بحاجة إلى أن يصدر بدايةً، وفي المستقبل القريب عندنا عروض كثيرة من مثقفين معروفين ومن أساتذة جامعات ومن أدباء لتأليف كتب عن الملك خالد رحمه الله، ولكننا لا نريد أن نغرق السوق حتى لا يمل الناس، في شيء إذا زاد عن حدّه انقلب إلى ضده، ولذا نحاول أن نضع فترة زمنية بين كل كتاب والذي يليه لكن إن شاء الله أتمنى في الكتاب القادم أن نتلافى جميع الأخطاء ولو أن رضا الناس غاية لا تدرك..
منهج
** عهدنا في كتابة السيرة التاريخية العربية والأجنبية سلوكها منهجياً علمياً ذا أُطرٍ مختلفة ولكن الكتاب افتقد ذلك.. هل جاء الكتاب لمجرد التذكير..؟
* الكتاب توثيقٌ وبداية ولهذا فإن المواصفات العلمية المنهجية لم تبدُ واضحة كما تفضلت، وهو ما سنتلافاه مستقبلاً إن شاء الله..
مراجعة
** أوضح في الكتاب أنه عُرض على بعض المتخصصين في الدراسات التاريخية.. إلا أنه لم يتضح لهم دور في ذلك..؟
* كان دور المراجِعَيْن محدداً بمراجعة مادة الكتاب دون أن يتدخلا في أسلوب تأليفه، وقد بذلا جهداً فائقاً يشكران عليه..
نوعية
** هل تفكرون في السلسلة القادمة أن تتطرق إلى جوانب معينة من حياة الملك خالد كالجانب الإداري والقيادي والشخصي والأسري.. إلى آخره..؟
* طبعاً هذا هو ما سنقوم به إن شاء الله..
شعر
** في أمسية شعرية قريبة للدكتور غازي القصيبي، ذكر أن الملك خالد -رحمه الله- عندما يريد أحد أن يلقي قصيدة بين يديه، يسأله: أهي طويلة أم قصيرة..
كيف كانت علاقة الملك خالد بالشعر ؟
* (يضحك).. أولاً أحب أن أشكر الدكتور غازي لأنه كتب مرثيات جميلة جداً عن الملك خالد، وكلما رأيته يقول: أنا مستعد لأي شيء تريدونه، مستعد أن أعمل في المؤسسة ومن أجلها أيّ شيء، يقول: أنا أود أن أخدم الملك خالد.. فهذه لفتة طيبة جداً ليست غريبة عليه لأنه من أسرة محترمة وعريقة جداً، أما الشعر مثلما قلت يا إبراهيم: الملك خالد - رحمه الله- يتذوق الشعر ولكن لا يحب القصيدة الطويلة، ولا يحب القصائد التي تمجده وتمدحه، وكان يحب القصائد الطريفة مثل قصائد الدكتور غازي القصيبي، ولا يحب أن شاعراً يأتي عنده ويمدح.. كان يحب أن يسمع قصائد من صدر الإسلام يُسمعها له الشيخ ناصر الشثري والدكتور غازي، والشعر الشعبي يحب أن يسمعه من خالي عبدالله الدامر -رحمهما الله- ومن أناس عندهم خبرة مِمّنْ مارسوا الحياة وتعاركوا معها وعركوها مثلما نقول، وكان -عموماً- يحب من الشعر العذب القصير..
قراءات
** طيب، ما طبيعة قراءات الملك خالد، أو ما الذي كان يُقرأ عليه..؟
* كانت قراءاته كلها دينية، وبعدما تولى الحكم لم يعد لديه وقت (أخذه الحكم حتى منا نحن أولاده)، فكان يقرأ الأخبار والتقارير والمعاملات والأوراق، ولكن قبل أن يصبح ولي العهد كانت كل قراءاته دينية، وأعتقد أن القرآن الكريم هو الكتاب الذي يقرأه دائماً وكذلك الأحاديث الشريفة..
صحافة
** كيف كان علاقة الملك خالد بالصحافة..؟
* يمكن أن تستغرب -يا إبراهيم- كان يحث رؤساء التحرير على كتابة كل شيء عن أي شيء، وفي وقته لم تكن المشكلات مثلما هي عليه الآن، لم تكن لدينا المشكلات السياسية الكبيرة حيث العالم يغلي الآن، وكان يحث رؤساء التحرير بحضوري الدائم ويقول لهم: اكتبوا حاجات الناس، اكتبوا كل شيء، وكان يحب الشفافية في وقت لم تكن هناك شفافية..
الفتنة
** في فترة حكم الملك خالد مواقف صعبة بل عصيبة كما في أزمة أو مشكلة الحرم.. هل تتذكر كيف كان شعور الملك خالد -رحمه الله-..؟
* كان مملوءاً بحزنٍ عميقٍ جداً، وكان يبكي ويقول: أنا أتمنى لو أن هؤلاء الجماعة عملوا أي شيء خارج الحرم، وطوال فترة مشكلة الحرم كان يقول أتمنى أنهم عملوا ذلك خارج الحرم أو في بيتي، ليتهم جاءوا واحتلوا بيتي أنا، لكن «الحرم»: لا، والله أنا سامعها منه يا إبراهيم: أتمنى أنهم احتلوا بيتي ولا احتلوا الحرم قالها كذا مرة لا مرة واحدة، فكان حزيناً طيلة تلك الفترة، حزيناً جداً، وكان يحاول عن طريق المباحثات إنهاء الموضوع سلمياً، وإلى آخر لحظة لم يكن يريد أن يحدث قتال في الحرم، لكن طبعاً: عقول متحجرة ولو كان فيهم ذرة من دين لم يستحلوا الحرم..
ثروة
** ماذا عن ثروة الملك خالد -رحمه الله-، وقد قيل: إنه كان ينفق في السر والعلن على وجوه الخير..؟
* كان -رحمه الله- رحوماً عطوفاً خيّراً، وكان ينفق الكثير في السر والعلن كما ذكرت وكل الناس يذكرون الخير الذي عم الجميع في حياته، ولن أعطي نفسي الحق في الإعلان عمّا كان يعطي في السر..
بكاء
** يروى أيضاً أنه كان بكّاءً شديد الخشية من الله.. وقد أثر ذلك في مواقف رسمية متعددة لم نقرأ عنها.. ولا يعرفها الجيل الجديد الذي ولد بعد وفاته -رحمه الله-.. ماذا عن بعضها..؟
* نعم، وأحد تلك المواقف كان عند زيارة المصابين في أحداث عام 1400هـ شاهد الجميع دموع الملك خالد رحمه الله على التلفزيون، وكانت تدمع عيناه إذا سمع عن مظلمة، فقد كان يخشى الحساب وهو ولي أمر المسلمين وكان يحزنه البؤس والمرض..
شراكة
** طيب، من الأشياء التي تذكر هنا: الشراكة الإسترتيجية التي كانت تجمع بينه وبين الملك فهد وهذه من العلامات المميزة في تاريخ الحكم والإدارة في المملكة.. هل تحدثنا عنها..؟
* كان الملك فهد ولي عهده وكانت بينهم مودة كبيرة جداً، وحب أكثر من حب الأخ لأخيه، وكانت شراكة إستراتيجية - مثلما قلت- في كل شيء، وكان يأخذ رأي الملك فهد طبعاً، ورأي الأمير عبدالله، ورأي الأمير سلطان وهؤلاء كانوا إخوانه القريبين منه، فكان يأخذ رأيهم في كل شيء لأنه دائماً يقول: رأي الأربعة أحسن من رأي الواحد، الرأي الواحد يمكن أن يخطئ، ولكن رأي الأربعة تكون نسبة الخطأ فيه قليلة جداً، ومثلما أنه كان الحاكم الفعلي فقد كان يحب أن يستشير إخوانه.
علاقة
** كيف كانت علاقة الملك خالد بأخيه الأمير محمد..؟
* الأمير محمد شقيقه الأكبر، يزوره في بيته كل يومين، هذه أذكرها، يوم يذهب إليه ويوم لا يذهب، وكان إذا دخل عليه وجاء معه الموكب يقول لهم: قفوا في الخارج، لا تدخلوا، أنا وأخي محمد فقط «ولا نبي أحد»، يدخل ويجلس معه بالساعات، ليس عندهم أحد أبداً، وإذا خرج من عنده قبّل يده وقبّل رأسه، وكان يجتمع معه بالساعات، وكان يستشيره في أشياء كثيرة لأن الأمير محمد -الله يرحمه- كان رجل رأي وقيادة وعاصر الملك عبدالعزيز مدة أطول فكلاهما عاصرا الملك المؤسّس، لكن الأمير محمد كان أكبر منه بسنتين أو ثلاث فكان أطول في ملازمة الملك عبدالعزيز، وكان على رأس الجيش الذي فتح المدينة المنورة بدون قتال، وكان الملك خالد يأخذ المشورة منه..
جيش
** الملك خالد أيضاً - أعتقد- أنه كان على رأس جيش توجه إلى إحدى المناطق..؟
* هو من وقع معاهدة اليمن التي عملت المعاهدة الأخيرة على ضوئها، فمعاهدة الطائف هو الذي وقعها، أما آخر غزوة فهي غزوة «الدبدبة»، وبعدها انتهت كل الحروب، مع أني لا أسميها حروباً، أسميها غزوات التطهير، أو نقول غزوات التوحيد، وشارك الملك خالد «في السبلة» وفي «الدبدبة»، وفي حصار جدة..
حِمْل
** ماذا عن علاقته بالملك فيصل..؟
* علاقته بالملك فيصل، كانت حميمة جداً، بل كانت أكثر من علاقته بجميع إخوانه، كانا دائماً معاً، سافرا في أثناء الحرب العالمية الثانية إلى أميركا وإلى بريطانيا، وإلى أماكن سواهما، واستفاد من الملك فيصل من دون شك، والملك فيصل -بثاقب نظره- هو الذي اختاره ولي عهد له، وكان الملك خالد -يوم وفاة الملك فيصل- يبكي بحرقة، ويقول: «الله يرحم فيصل، حمّلني حملاً كبيراً». وكانت علاقته مع الملك فيصل علاقة أخوة وصداقة، من يوم أن كانا صغيرين إلى أن استشهد الملك فيصل.. رحمهما الله..
غضب
** عرف عن الملك خالد بساطته وطيبته وبشاشته، فماذا عن الجانب الآخر.. هل كان الملك خالد يغضب..؟
* كان يغضب فيما يستحق الغضب، كان يغضب إذا أحس أنه وقع ظلم على أحد من الرعية، أو حدث تلاعب في المال العام، كان يغضب جداً، كان يغضب إذا أحس أن أحداً من الوزراء أو الموظفين الكبار لم يؤد واجبه على ما ينبغي..
رضا
** هل سبق أن أغضبته أو هو غضب منك..؟
* لا.. كنت حريصاً جداً على رضائه، أنا والحمد لله لم أغضب أبي ولا والدتي..، والدتي إلى الآن لم تغضب علي في يوم من الأيام، ووالدي يرحمه الله - طوال حياته- لم يغضب مني وأنا كنت أتحمل أي شيء في سبيل رضا الوالدين..
حديث
** كيف تنظر إلى ردود فعل الناس حين يأتي الحديث عن الملك خالد..؟
* كان خيمة ظللتهم صغيراً وكبيراً في حياته وبعد مماته، وأشعر أن كل من عرفة أو عاش في عصره يشاركني الشعور نفسه..
أبناء
** وماذا عن علاقة الملك خالد بأبنائه..؟
* علاقة حنو، علاقة مودة كبيرة جداً.. حيث يراهم يومياً على الغداء وعلى العشاء، فكل واحد من أبنائه وبناته ومن أزواج بناته إذا لم يحضر عند الغداء أو العشاء «يا ويله» (يضحك).. يصير عنده حالة طوارئ ذلك اليوم، وكان ينادي أحفاده بالاسم..
برنامج
** كيف كان برنامجه اليومي..؟
* كان غداؤه الساعة 30:2 ظهراً.. لأنه كان يداوم مبكراً (الساعة التاسعة)، وإذا عاد يكون الغداء جاهزاً، وكلنا حاضرون، وكان رحمه الله دقيقاً جداً حيث يرتاح قليلاً في غرفته بعد الغداء وإذا صلّى العصر خرج إلى المجلس الخارجي، وعشاؤه كان كل يوم مع المواطنين، العشاء مفتوح ليلاً للمواطنين كلهم، وكان يستقبل أخواته -بنات الملك عبدالعزيز- ليلاً كذلك، وكان يخرج من المجلس إلى غرفته الساعة العاشرة بالضبط، والساعة الحادية عشرة ينام - وهذه المعلومات أخذتها من الوالدة- ويقوم عند صلاة الفجر ولا ينام إلا لفترة بسيطة قبل صلاة العصر..
** كيف علاقتك بالوالدة..؟
* بالتأكيد علاقة حب واحترام وتقدير فإخواني الكرام بندر وعبد الله مقيمان في جدة، وإذا حضرا إلى الرياض يزورانها يومياً، وأنا بطبيعة الحال موجود عندها في الرياض وتحت خدمتها..
كأس
** لاحظت أنك أهديت كأس الكؤوس للوالدة..؟
* (يضحك).. هذا أقل ما يمكن..
وفاته
** حينما توفي الملك خالد في الطائف، قرأنا أن الأطباء كانوا قد حاولوا أن يمنعوه من السفر.. هل كنت معه..؟
* أنا كنت في الطائف، سبقته إلى الطائف مع الوالدة، أنا سافرت مع الوالدة من الرياض إلى الطائف قبله بيوم وكان المفروض أنه يسافر من الرياض إلى جدة، لكن أمر الله طبعاً.. و{لٌكٍلٌَ أّجّلُ كٌتّابِ}.. {وّمّا تّدًرٌي نّفًسِ بٌأّيٌَ أّرًضُ تّمٍوتٍ}.. حيث غيّر -في آخر لحظة- وجهة السفر من جدة إلى الطائف، وكان متعباً لكن لم يكن متعباً بشكل كبير جداً فكان لديه ضيق في النفس، وكان يتعب في العادة أكثر من هذا التعب، وقد جاء إلى الطائف وقالوا لي: إنهم وضعوا له في الطائرة أوكسجين فبسبب الارتفاع، ونزل بشكل عادي من السلم، وصافح كل المستقبلين وجاءَ إلى البيت وجلس وقال: «مالي نفس» أتعشى الليلة، طلب فواكه وتحديداً بطيخ -والله إني أذكر ذلك الآن - أكل من البطيخ فقط، ثم قام ومشى بشكل عادي وصعد إلى غرفته، بعدما التفت إلى الأطباء وقال: «أنا أتعبتكم» أدري، لكن سترتاحون مني (أنا سامعها منه والله يا إبراهيم)، وطلع وأخبرتنا الوالده أنه قام لصلاة الفجر كالعادة وصلى الفجر وبعد صلاة الفجر دخل الحمام وتحمم حماماً كاملاً على غير عادته حيث كان معتاداً أن يأخذ الحمام -كما تقول الوالدة- قبل أن ينزل الساعة التاسعة، المهم أنه دخل الحمام بعد صلاة الفجر وغسل كلّ جسمه ثم نام نومته الأخيرة، والحمد لله فقد توفي أسهل وفاة وهو نائم على فراشه..
لحظة
** هل كنت موجوداً لحظتها..؟
* أنا صعدت إلى الغرفة بعدما توفي رحمه الله وكان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد -الله يطول عمره- والأمير عبدالله والأمير سلطان جالسين على الكراسي مقابل السرير، طبعاً حالتهم حزينة، فقد فقدوا أخاهم.. والحمد لله على كل شيء.
تأثر
** ألاحظ تأثرك ونحن نتحدث عن الوفاة..؟
* الحديث مؤثر عن الملك خالد الذي تظلّ الناس تذكره بالخير وذلك بإجماع نادر إذ قلما اجتمع الناسُ على حب شخص معين، الحمد لله الإجماع هذا من محبة ربي له إن شاء الله، وفي الأثر أنه إذا أحب الله عبده حبب الخلق فيه..
تعازي
** هنا أسألك عن اهتمامك الشخصي بتعزية الناس حين يتوفى لهم أحد.. هل هذه مشاركة حقيقية أم عملية علاقات عامة أو واجهة إعلامية/إعلانية ووجاهة اجتماعية كما هي العادة في كثير من ممارسات هذه الأيام..؟
* لا.. لا.. أبداً، أنت تقول واجهة إعلامية، أنا أربأ بنفسي عن استخدام الواجهة الإعلامية في أحزان الناس، أنا بالعكس، من يكون في الرياض وأنا في الرياض أذهب لهم طبعاً وأكتب لهم خطابات تعزية والذي في خارج المدينة وأنا خارج الرياض أو لا أقدر على زيارتهم أكتب لهم أنا، وليس المكتب أبداً، المكتب لا يكتب إلا ما أرسله لهم فأنا يا إبراهيم متأكد جداً أنه ليس عملاً روتينياً أو كل ما رأى الواحد خبر وفاة يكتب له تعزية.. لا طبعاً، مشاعر الناس لا يمكن أن تصير عملية علاقات عامة...
تواصل
** الحقيقة أنني لاحظت ذلك فيكم حيث وصل للوالد - حفظه الله- تعزيات منكم في وفاة أخته ثم أخيه وكان ممتناً وكان يود أن يرد لولا عدم وجود عنوان وقد قلت له إن الأمير فيصل لا يحتاج إلى رد بطريقة (ون وي) أو اتصال من جانب واحد..؟
* ما يحتاج أبداً الله يسلم الوالد ويحفظه.. والله يرحم أمواتنا وأمواتكم وأموات المسلمين وكلنا على الدرب سائرون.. وصدقني أنني لا أنتظر الردود مِمّن أُعزيهم سواء بشكل شخصي أو من خلال الإعلان الصحفي..
بندر
** الأمير بندر بن خالد.. كيف هي علاقتك فيه..؟
* علاقة احترام وهو أخي الأكبر، وأعتبره في مقام أبي الآن، وعلاقتي به علاقة ود وحب بل علاقة الأخ الصغير بالأخ الكبير التي لا تشوبها أي شائبة..
عضوية
** الناس يتساءلون لماذا هو ليس عضواً في المؤسسة..؟
* بصراحة كان عند أخي بندر توجهات أخرى، فما كان في اقتناعاته أن نعمل مؤسسة، وأن تأخذ شكلاً رسمياً، كان يعتقد أن الأوجب أن يتم ذلك بشكل سري، ونحن طبعاً نأخذ منه التوجيهات، وقد حاولنا إقناعه ولم يقتنع حفظه الله ولم نحاول أن نضغط عليه بل هو الذي يضغط علينا، ولا يزال يرى أن العمل الخيري يجب أن يكون سرياً ونحن وافقناه على اقتناعاته، ولكن أن تكون المؤسسة رسمية فهذا أفضل مع بقاء بعض أعمالها بعيدة عن الإعلام، وإلى الآن نرجع للأمير بندر في كل صغيرة وكبيرة ونتلقى توجيهات منه بشأن المؤسسة وغيرها..
إشادة
** الحقيقة بعد إنشاء المؤسسة والافتتاح الرسمي للقاء الجمعيات الخيرية، رأينا الرضا والثناء عند الناس وإشادة سماحة المفتي بكلمتكم..؟
* إشادة المفتي -الله يسلمه- أعتبرها تاجاً على رأسي، لأن المفتي من خيرة الناس وكل الكلمات تعجز عن وصف تأثير مكالمته في الليلة نفسها وثنائه عليّ وإطرائه كلمتي والحمد لله..
إضافة
** هل ثم أشياء تحب أن تضيفها حول الملك خالد أو المؤسسة قبل أن ننتقل لموضوع آخر..؟
* لدي أشياء كثيرة طبعاً حول الملك خالد تأخذ مجلدات، وعلى كل حال سأعطيك (والزميلين علي وفتحي) نسخة من الكتاب الذي اعتقد -مثلما قلت أنت- أن فيه شيئاً من النقص، ولكنها البداية، والخطوة الأولى لا تجيء كاملة، فالمؤلف حاول بكل استطاعته، وأشكره على جهوده وعلى تعبه على تنقله للقاء معاصري الملك خالد الذين كانوا لصيقين به، فأنا أشكر الأخ أحمد الدعجاني مرة ثانية وأتمنى له التوفيق.
يرون أنه كتاب عادي كان يمكن أن يكتب عن أي شخص إلا أن يكون شخصاً بحجم الملك خالد وبحجم الحب الذي يحتفظ به الناس لهذا الرجل، يمكن أن يكون السبب عائداً إلى الطابع التجاري أو الارتجالي.. وأنا لا أتحدث عن أحد معين، لكن ليس هناك شك أن الناس لم تجد فيه ما يفي ويشفي.. فهو كتاب «تجميعي» لم يتجاوز ما نُشر في حياة وبعد وفاة الملك خالد، ولم يحاول قراءة شخصية الملك خالد بما احتوته من ملامح خاصة بها.. فهل أنت راض عن الكتاب..؟
* كل الرضا لا طبعاً، الكتاب كان توثيقياً فقط وكنا في حاجة إلى توثيق حياة الملك خالد، الكتاب كان سرداً للوقائع، مع بعض القصص التي تنبئ عن عطفه وشفقته وعن رحمته بأبناء شعبه لكن أكثر ما في الكتاب هو توثيقي فقط.
تصحيح
** ما الذي ستعملونه لتصحيح الوضع وإضافة النقص..؟
* إن شاء الله المؤسسة في صدد إصدار كتب وليس كتاباً واحداً، لكن هذه تحتاج إلى وقت ولا نريد عملاً ارتجالياً، لا يعطي المردود الذي نريده منه، ومثلما قلت لك، الكتاب هذا كنا بحاجة إلى أن يصدر بدايةً، وفي المستقبل القريب عندنا عروض كثيرة من مثقفين معروفين ومن أساتذة جامعات ومن أدباء لتأليف كتب عن الملك خالد رحمه الله، ولكننا لا نريد أن نغرق السوق حتى لا يمل الناس، في شيء إذا زاد عن حدّه انقلب إلى ضده، ولذا نحاول أن نضع فترة زمنية بين كل كتاب والذي يليه لكن إن شاء الله أتمنى في الكتاب القادم أن نتلافى جميع الأخطاء ولو أن رضا الناس غاية لا تدرك..
منهج
** عهدنا في كتابة السيرة التاريخية العربية والأجنبية سلوكها منهجياً علمياً ذا أُطرٍ مختلفة ولكن الكتاب افتقد ذلك.. هل جاء الكتاب لمجرد التذكير..؟
* الكتاب توثيقٌ وبداية ولهذا فإن المواصفات العلمية المنهجية لم تبدُ واضحة كما تفضلت، وهو ما سنتلافاه مستقبلاً إن شاء الله..
مراجعة
** أوضح في الكتاب أنه عُرض على بعض المتخصصين في الدراسات التاريخية.. إلا أنه لم يتضح لهم دور في ذلك..؟
* كان دور المراجِعَيْن محدداً بمراجعة مادة الكتاب دون أن يتدخلا في أسلوب تأليفه، وقد بذلا جهداً فائقاً يشكران عليه..
نوعية
** هل تفكرون في السلسلة القادمة أن تتطرق إلى جوانب معينة من حياة الملك خالد كالجانب الإداري والقيادي والشخصي والأسري.. إلى آخره..؟
* طبعاً هذا هو ما سنقوم به إن شاء الله..
شعر
** في أمسية شعرية قريبة للدكتور غازي القصيبي، ذكر أن الملك خالد -رحمه الله- عندما يريد أحد أن يلقي قصيدة بين يديه، يسأله: أهي طويلة أم قصيرة..
كيف كانت علاقة الملك خالد بالشعر ؟
* (يضحك).. أولاً أحب أن أشكر الدكتور غازي لأنه كتب مرثيات جميلة جداً عن الملك خالد، وكلما رأيته يقول: أنا مستعد لأي شيء تريدونه، مستعد أن أعمل في المؤسسة ومن أجلها أيّ شيء، يقول: أنا أود أن أخدم الملك خالد.. فهذه لفتة طيبة جداً ليست غريبة عليه لأنه من أسرة محترمة وعريقة جداً، أما الشعر مثلما قلت يا إبراهيم: الملك خالد - رحمه الله- يتذوق الشعر ولكن لا يحب القصيدة الطويلة، ولا يحب القصائد التي تمجده وتمدحه، وكان يحب القصائد الطريفة مثل قصائد الدكتور غازي القصيبي، ولا يحب أن شاعراً يأتي عنده ويمدح.. كان يحب أن يسمع قصائد من صدر الإسلام يُسمعها له الشيخ ناصر الشثري والدكتور غازي، والشعر الشعبي يحب أن يسمعه من خالي عبدالله الدامر -رحمهما الله- ومن أناس عندهم خبرة مِمّنْ مارسوا الحياة وتعاركوا معها وعركوها مثلما نقول، وكان -عموماً- يحب من الشعر العذب القصير..
قراءات
** طيب، ما طبيعة قراءات الملك خالد، أو ما الذي كان يُقرأ عليه..؟
* كانت قراءاته كلها دينية، وبعدما تولى الحكم لم يعد لديه وقت (أخذه الحكم حتى منا نحن أولاده)، فكان يقرأ الأخبار والتقارير والمعاملات والأوراق، ولكن قبل أن يصبح ولي العهد كانت كل قراءاته دينية، وأعتقد أن القرآن الكريم هو الكتاب الذي يقرأه دائماً وكذلك الأحاديث الشريفة..
صحافة
** كيف كان علاقة الملك خالد بالصحافة..؟
* يمكن أن تستغرب -يا إبراهيم- كان يحث رؤساء التحرير على كتابة كل شيء عن أي شيء، وفي وقته لم تكن المشكلات مثلما هي عليه الآن، لم تكن لدينا المشكلات السياسية الكبيرة حيث العالم يغلي الآن، وكان يحث رؤساء التحرير بحضوري الدائم ويقول لهم: اكتبوا حاجات الناس، اكتبوا كل شيء، وكان يحب الشفافية في وقت لم تكن هناك شفافية..
الفتنة
** في فترة حكم الملك خالد مواقف صعبة بل عصيبة كما في أزمة أو مشكلة الحرم.. هل تتذكر كيف كان شعور الملك خالد -رحمه الله-..؟
* كان مملوءاً بحزنٍ عميقٍ جداً، وكان يبكي ويقول: أنا أتمنى لو أن هؤلاء الجماعة عملوا أي شيء خارج الحرم، وطوال فترة مشكلة الحرم كان يقول أتمنى أنهم عملوا ذلك خارج الحرم أو في بيتي، ليتهم جاءوا واحتلوا بيتي أنا، لكن «الحرم»: لا، والله أنا سامعها منه يا إبراهيم: أتمنى أنهم احتلوا بيتي ولا احتلوا الحرم قالها كذا مرة لا مرة واحدة، فكان حزيناً طيلة تلك الفترة، حزيناً جداً، وكان يحاول عن طريق المباحثات إنهاء الموضوع سلمياً، وإلى آخر لحظة لم يكن يريد أن يحدث قتال في الحرم، لكن طبعاً: عقول متحجرة ولو كان فيهم ذرة من دين لم يستحلوا الحرم..
ثروة
** ماذا عن ثروة الملك خالد -رحمه الله-، وقد قيل: إنه كان ينفق في السر والعلن على وجوه الخير..؟
* كان -رحمه الله- رحوماً عطوفاً خيّراً، وكان ينفق الكثير في السر والعلن كما ذكرت وكل الناس يذكرون الخير الذي عم الجميع في حياته، ولن أعطي نفسي الحق في الإعلان عمّا كان يعطي في السر..
بكاء
** يروى أيضاً أنه كان بكّاءً شديد الخشية من الله.. وقد أثر ذلك في مواقف رسمية متعددة لم نقرأ عنها.. ولا يعرفها الجيل الجديد الذي ولد بعد وفاته -رحمه الله-.. ماذا عن بعضها..؟
* نعم، وأحد تلك المواقف كان عند زيارة المصابين في أحداث عام 1400هـ شاهد الجميع دموع الملك خالد رحمه الله على التلفزيون، وكانت تدمع عيناه إذا سمع عن مظلمة، فقد كان يخشى الحساب وهو ولي أمر المسلمين وكان يحزنه البؤس والمرض..
شراكة
** طيب، من الأشياء التي تذكر هنا: الشراكة الإسترتيجية التي كانت تجمع بينه وبين الملك فهد وهذه من العلامات المميزة في تاريخ الحكم والإدارة في المملكة.. هل تحدثنا عنها..؟
* كان الملك فهد ولي عهده وكانت بينهم مودة كبيرة جداً، وحب أكثر من حب الأخ لأخيه، وكانت شراكة إستراتيجية - مثلما قلت- في كل شيء، وكان يأخذ رأي الملك فهد طبعاً، ورأي الأمير عبدالله، ورأي الأمير سلطان وهؤلاء كانوا إخوانه القريبين منه، فكان يأخذ رأيهم في كل شيء لأنه دائماً يقول: رأي الأربعة أحسن من رأي الواحد، الرأي الواحد يمكن أن يخطئ، ولكن رأي الأربعة تكون نسبة الخطأ فيه قليلة جداً، ومثلما أنه كان الحاكم الفعلي فقد كان يحب أن يستشير إخوانه.
علاقة
** كيف كانت علاقة الملك خالد بأخيه الأمير محمد..؟
* الأمير محمد شقيقه الأكبر، يزوره في بيته كل يومين، هذه أذكرها، يوم يذهب إليه ويوم لا يذهب، وكان إذا دخل عليه وجاء معه الموكب يقول لهم: قفوا في الخارج، لا تدخلوا، أنا وأخي محمد فقط «ولا نبي أحد»، يدخل ويجلس معه بالساعات، ليس عندهم أحد أبداً، وإذا خرج من عنده قبّل يده وقبّل رأسه، وكان يجتمع معه بالساعات، وكان يستشيره في أشياء كثيرة لأن الأمير محمد -الله يرحمه- كان رجل رأي وقيادة وعاصر الملك عبدالعزيز مدة أطول فكلاهما عاصرا الملك المؤسّس، لكن الأمير محمد كان أكبر منه بسنتين أو ثلاث فكان أطول في ملازمة الملك عبدالعزيز، وكان على رأس الجيش الذي فتح المدينة المنورة بدون قتال، وكان الملك خالد يأخذ المشورة منه..
جيش
** الملك خالد أيضاً - أعتقد- أنه كان على رأس جيش توجه إلى إحدى المناطق..؟
* هو من وقع معاهدة اليمن التي عملت المعاهدة الأخيرة على ضوئها، فمعاهدة الطائف هو الذي وقعها، أما آخر غزوة فهي غزوة «الدبدبة»، وبعدها انتهت كل الحروب، مع أني لا أسميها حروباً، أسميها غزوات التطهير، أو نقول غزوات التوحيد، وشارك الملك خالد «في السبلة» وفي «الدبدبة»، وفي حصار جدة..
حِمْل
** ماذا عن علاقته بالملك فيصل..؟
* علاقته بالملك فيصل، كانت حميمة جداً، بل كانت أكثر من علاقته بجميع إخوانه، كانا دائماً معاً، سافرا في أثناء الحرب العالمية الثانية إلى أميركا وإلى بريطانيا، وإلى أماكن سواهما، واستفاد من الملك فيصل من دون شك، والملك فيصل -بثاقب نظره- هو الذي اختاره ولي عهد له، وكان الملك خالد -يوم وفاة الملك فيصل- يبكي بحرقة، ويقول: «الله يرحم فيصل، حمّلني حملاً كبيراً». وكانت علاقته مع الملك فيصل علاقة أخوة وصداقة، من يوم أن كانا صغيرين إلى أن استشهد الملك فيصل.. رحمهما الله..
غضب
** عرف عن الملك خالد بساطته وطيبته وبشاشته، فماذا عن الجانب الآخر.. هل كان الملك خالد يغضب..؟
* كان يغضب فيما يستحق الغضب، كان يغضب إذا أحس أنه وقع ظلم على أحد من الرعية، أو حدث تلاعب في المال العام، كان يغضب جداً، كان يغضب إذا أحس أن أحداً من الوزراء أو الموظفين الكبار لم يؤد واجبه على ما ينبغي..
رضا
** هل سبق أن أغضبته أو هو غضب منك..؟
* لا.. كنت حريصاً جداً على رضائه، أنا والحمد لله لم أغضب أبي ولا والدتي..، والدتي إلى الآن لم تغضب علي في يوم من الأيام، ووالدي يرحمه الله - طوال حياته- لم يغضب مني وأنا كنت أتحمل أي شيء في سبيل رضا الوالدين..
حديث
** كيف تنظر إلى ردود فعل الناس حين يأتي الحديث عن الملك خالد..؟
* كان خيمة ظللتهم صغيراً وكبيراً في حياته وبعد مماته، وأشعر أن كل من عرفة أو عاش في عصره يشاركني الشعور نفسه..
أبناء
** وماذا عن علاقة الملك خالد بأبنائه..؟
* علاقة حنو، علاقة مودة كبيرة جداً.. حيث يراهم يومياً على الغداء وعلى العشاء، فكل واحد من أبنائه وبناته ومن أزواج بناته إذا لم يحضر عند الغداء أو العشاء «يا ويله» (يضحك).. يصير عنده حالة طوارئ ذلك اليوم، وكان ينادي أحفاده بالاسم..
برنامج
** كيف كان برنامجه اليومي..؟
* كان غداؤه الساعة 30:2 ظهراً.. لأنه كان يداوم مبكراً (الساعة التاسعة)، وإذا عاد يكون الغداء جاهزاً، وكلنا حاضرون، وكان رحمه الله دقيقاً جداً حيث يرتاح قليلاً في غرفته بعد الغداء وإذا صلّى العصر خرج إلى المجلس الخارجي، وعشاؤه كان كل يوم مع المواطنين، العشاء مفتوح ليلاً للمواطنين كلهم، وكان يستقبل أخواته -بنات الملك عبدالعزيز- ليلاً كذلك، وكان يخرج من المجلس إلى غرفته الساعة العاشرة بالضبط، والساعة الحادية عشرة ينام - وهذه المعلومات أخذتها من الوالدة- ويقوم عند صلاة الفجر ولا ينام إلا لفترة بسيطة قبل صلاة العصر..
** كيف علاقتك بالوالدة..؟
* بالتأكيد علاقة حب واحترام وتقدير فإخواني الكرام بندر وعبد الله مقيمان في جدة، وإذا حضرا إلى الرياض يزورانها يومياً، وأنا بطبيعة الحال موجود عندها في الرياض وتحت خدمتها..
كأس
** لاحظت أنك أهديت كأس الكؤوس للوالدة..؟
* (يضحك).. هذا أقل ما يمكن..
وفاته
** حينما توفي الملك خالد في الطائف، قرأنا أن الأطباء كانوا قد حاولوا أن يمنعوه من السفر.. هل كنت معه..؟
* أنا كنت في الطائف، سبقته إلى الطائف مع الوالدة، أنا سافرت مع الوالدة من الرياض إلى الطائف قبله بيوم وكان المفروض أنه يسافر من الرياض إلى جدة، لكن أمر الله طبعاً.. و{لٌكٍلٌَ أّجّلُ كٌتّابِ}.. {وّمّا تّدًرٌي نّفًسِ بٌأّيٌَ أّرًضُ تّمٍوتٍ}.. حيث غيّر -في آخر لحظة- وجهة السفر من جدة إلى الطائف، وكان متعباً لكن لم يكن متعباً بشكل كبير جداً فكان لديه ضيق في النفس، وكان يتعب في العادة أكثر من هذا التعب، وقد جاء إلى الطائف وقالوا لي: إنهم وضعوا له في الطائرة أوكسجين فبسبب الارتفاع، ونزل بشكل عادي من السلم، وصافح كل المستقبلين وجاءَ إلى البيت وجلس وقال: «مالي نفس» أتعشى الليلة، طلب فواكه وتحديداً بطيخ -والله إني أذكر ذلك الآن - أكل من البطيخ فقط، ثم قام ومشى بشكل عادي وصعد إلى غرفته، بعدما التفت إلى الأطباء وقال: «أنا أتعبتكم» أدري، لكن سترتاحون مني (أنا سامعها منه والله يا إبراهيم)، وطلع وأخبرتنا الوالده أنه قام لصلاة الفجر كالعادة وصلى الفجر وبعد صلاة الفجر دخل الحمام وتحمم حماماً كاملاً على غير عادته حيث كان معتاداً أن يأخذ الحمام -كما تقول الوالدة- قبل أن ينزل الساعة التاسعة، المهم أنه دخل الحمام بعد صلاة الفجر وغسل كلّ جسمه ثم نام نومته الأخيرة، والحمد لله فقد توفي أسهل وفاة وهو نائم على فراشه..
لحظة
** هل كنت موجوداً لحظتها..؟
* أنا صعدت إلى الغرفة بعدما توفي رحمه الله وكان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد -الله يطول عمره- والأمير عبدالله والأمير سلطان جالسين على الكراسي مقابل السرير، طبعاً حالتهم حزينة، فقد فقدوا أخاهم.. والحمد لله على كل شيء.
تأثر
** ألاحظ تأثرك ونحن نتحدث عن الوفاة..؟
* الحديث مؤثر عن الملك خالد الذي تظلّ الناس تذكره بالخير وذلك بإجماع نادر إذ قلما اجتمع الناسُ على حب شخص معين، الحمد لله الإجماع هذا من محبة ربي له إن شاء الله، وفي الأثر أنه إذا أحب الله عبده حبب الخلق فيه..
تعازي
** هنا أسألك عن اهتمامك الشخصي بتعزية الناس حين يتوفى لهم أحد.. هل هذه مشاركة حقيقية أم عملية علاقات عامة أو واجهة إعلامية/إعلانية ووجاهة اجتماعية كما هي العادة في كثير من ممارسات هذه الأيام..؟
* لا.. لا.. أبداً، أنت تقول واجهة إعلامية، أنا أربأ بنفسي عن استخدام الواجهة الإعلامية في أحزان الناس، أنا بالعكس، من يكون في الرياض وأنا في الرياض أذهب لهم طبعاً وأكتب لهم خطابات تعزية والذي في خارج المدينة وأنا خارج الرياض أو لا أقدر على زيارتهم أكتب لهم أنا، وليس المكتب أبداً، المكتب لا يكتب إلا ما أرسله لهم فأنا يا إبراهيم متأكد جداً أنه ليس عملاً روتينياً أو كل ما رأى الواحد خبر وفاة يكتب له تعزية.. لا طبعاً، مشاعر الناس لا يمكن أن تصير عملية علاقات عامة...
تواصل
** الحقيقة أنني لاحظت ذلك فيكم حيث وصل للوالد - حفظه الله- تعزيات منكم في وفاة أخته ثم أخيه وكان ممتناً وكان يود أن يرد لولا عدم وجود عنوان وقد قلت له إن الأمير فيصل لا يحتاج إلى رد بطريقة (ون وي) أو اتصال من جانب واحد..؟
* ما يحتاج أبداً الله يسلم الوالد ويحفظه.. والله يرحم أمواتنا وأمواتكم وأموات المسلمين وكلنا على الدرب سائرون.. وصدقني أنني لا أنتظر الردود مِمّن أُعزيهم سواء بشكل شخصي أو من خلال الإعلان الصحفي..
بندر
** الأمير بندر بن خالد.. كيف هي علاقتك فيه..؟
* علاقة احترام وهو أخي الأكبر، وأعتبره في مقام أبي الآن، وعلاقتي به علاقة ود وحب بل علاقة الأخ الصغير بالأخ الكبير التي لا تشوبها أي شائبة..
عضوية
** الناس يتساءلون لماذا هو ليس عضواً في المؤسسة..؟
* بصراحة كان عند أخي بندر توجهات أخرى، فما كان في اقتناعاته أن نعمل مؤسسة، وأن تأخذ شكلاً رسمياً، كان يعتقد أن الأوجب أن يتم ذلك بشكل سري، ونحن طبعاً نأخذ منه التوجيهات، وقد حاولنا إقناعه ولم يقتنع حفظه الله ولم نحاول أن نضغط عليه بل هو الذي يضغط علينا، ولا يزال يرى أن العمل الخيري يجب أن يكون سرياً ونحن وافقناه على اقتناعاته، ولكن أن تكون المؤسسة رسمية فهذا أفضل مع بقاء بعض أعمالها بعيدة عن الإعلام، وإلى الآن نرجع للأمير بندر في كل صغيرة وكبيرة ونتلقى توجيهات منه بشأن المؤسسة وغيرها..
إشادة
** الحقيقة بعد إنشاء المؤسسة والافتتاح الرسمي للقاء الجمعيات الخيرية، رأينا الرضا والثناء عند الناس وإشادة سماحة المفتي بكلمتكم..؟
* إشادة المفتي -الله يسلمه- أعتبرها تاجاً على رأسي، لأن المفتي من خيرة الناس وكل الكلمات تعجز عن وصف تأثير مكالمته في الليلة نفسها وثنائه عليّ وإطرائه كلمتي والحمد لله..
إضافة
** هل ثم أشياء تحب أن تضيفها حول الملك خالد أو المؤسسة قبل أن ننتقل لموضوع آخر..؟
* لدي أشياء كثيرة طبعاً حول الملك خالد تأخذ مجلدات، وعلى كل حال سأعطيك (والزميلين علي وفتحي) نسخة من الكتاب الذي اعتقد -مثلما قلت أنت- أن فيه شيئاً من النقص، ولكنها البداية، والخطوة الأولى لا تجيء كاملة، فالمؤلف حاول بكل استطاعته، وأشكره على جهوده وعلى تعبه على تنقله للقاء معاصري الملك خالد الذين كانوا لصيقين به، فأنا أشكر الأخ أحمد الدعجاني مرة ثانية وأتمنى له التوفيق.
***والمواجهة مستمرة الأحد القادم..

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved