Monday 3rd march,2003 11114العدد الأثنين 30 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دقات الثواني دقات الثواني
ديكتاتورية النخبة وديموقراطية الشعوب
عائض الردادي

كانت وما زالت النخبة السياسية والثقافية والإعلامية في أمريكا وأوروبا تغازل أبناء شعوب العالم الثالث بمعسول الوعود بأن أنظمة الغرب المسيحي تحقق للإنسان كل مبتغاه في حياة كريمة توفر له كل لذائذ الحياة وسعادتها، وكان أبناء العالم الثالث بين فريقين أحدهما هام بأوروبا وبأنظمتها وهم من يتطلعون لحياة موعودة ممن لم يغادروا بلدانهم أو من ساقتهم ظروف الدراسة أو العمل للعيش هناك وثانيهما هم عقلاء العالم الثالث الذين كرروا كثيراً أن العالم كله تحكمه ظروف المصالح سواء أكانت سياسية أم دينية أم اقتصادية أو إعلامية وأن ما يكرره الغربيون من الحياد ليس إلا ذرّاً للرماد في عيون أبناء العالم الثالث أو وعوداً خدَّاعة حتى يحين زمن الانقضاض على الفريسة والحال يصدق المقال.لكن الفضيحة الكبرى هو ما حصل يوم السبت 15/12/1423هـ الموافق 16/2/2003م حيث ثبت لشعوب الغرب أنهم مخدوعون أيضاً من النخبة مثل الشعوب المتخلفة سواءً بسواء، ذلك أن هذه الشعوب انطلقت في مظاهرات حاشدة شارك فيها الملايين في القارات الخمس لتقول: لا، لذبح شعب العراق ثم شعوب المنطقة حوله، ولم يشهد العالم احتجاجاً على اعتزام أمريكا احتلال العراق عبر حرب بمثل تلك المظاهرات التي شملت نيويورك ولندن، وكانت أضخم تلك الحشود في المدن الأوروبية وهي ترفع شعار «لا للحرب» في تصويت لم يسبق له مثيل في العالم، فأيهما أصدق تصويتاً: مظاهرات بالملايين تعلن رأيها دون حملة إعلامية خدَّاعة للمرشح، أم صناديق اقتراع معلوم ما ينشر عنها بعد الانتخابات من تزييف أو حيل للحصول على الأصوات أو ضم أصوات أو غيرها مما لا يختلف فيه الأمر بين العالم المتقدم والآخر المتأخر إلا بقبول النتائج عند الأول وإنكارها عند الثاني من طرف وإعلانها بنسبة 9 ،99 من الطرف الفائز.
وإذا كانت أصوات الجماهير قد قُبلت في وصول رئيس لكرسي الحكم، فلماذا تُرفض عندما تعبر عن رأيها في ايقاف حرب تدمر شعوباً آمنة، لا ذنب لها إلا أن تحت أقدامها احتياطياً بترولياً.
ليقدِّر العرب تلك الأصوات الصادقة التي لم يطلبوا منها أن تندفع في مظاهرات لمنع الحرب، وليصفعوا بني جلدتهم الذين يضعون أيديهم في يدي المحارب الأمريكي والبريطاني والإسباني والإيطالي لإعادة احتلال العراق حتى لو كان تحت ايصال عميل لسدة حكم لن يهنأ بها بعد انتهاء دوره، فالعميل أشد بلاءً من الظالم المستبد.
شتان بين ديموقراطية الشعوب التي عَبَّرت عن رأيها في سلامة شعب العراق وديموقراطية النخبة التي تكتنفها المصالح لتحورها حسب ما يخدمها، وشتان بين أصوات الشعوب عندما تُطلب من أجل الوصول للحكم وركلها عندما تدعو للسلام، فالأولى ديموقراطية والثانية ديكتاتورية حتى لو سُميِّت ديموقراطية.
وإلى إخوتنا الذين يعتلون المنابر ويوسعون شعوب العالم دعاءً عليهم، ليفرقوا بين الدعاء على المحارب القاتل بالهلاك والدعاء للداعي للسلام بالهداية والسلام كما أحبه لغيره.

للتواصل: ص.ب 45209 الرياض 11512-الفاكس : 4012691

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved