Monday 3rd march,2003 11114العدد الأثنين 30 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ضياع الحقائق في الحرب ضد العراق ضياع الحقائق في الحرب ضد العراق
دون ويليامز (*)

هل جربت أن تتعرض للخداع لدرجة جعلتك تشعر بأنك كنت مغفلا؟ على كل مواطن أمريكي أن يسأل نفسه هذا السؤال قبل أن يدين أولئك الذين يعارضون قصف العراق و غزوها و احتلال أراضيها، فكثيرا ما خدعت الحكومة الأمريكية مواطنيها، وهي ليست المرة الأولى التي تكذب فيها حكومة أمريكية بما في ذلك الرئيس الأمريكي نفسه من أجل تسويغ أو تبرير الحرب، فذاك أمر شهدته أجيال عديدة من قبل. فمما يذكر أن الولايات المتحدة خاضت حربا ضد أسبانيا طيلة قرن مضى بسبب ما أخذ الكثيرون من المسؤولين الحكوميين يرددونه في وسائل الإعلام ترديدا ببغائيا بأن الأسبان هم الذين نسفوا السفينة الحربية Maine في كوبا، ولكن اتضح بعد ذلك خطأ هذا الزعم وأن ما رددوه لم يكن أكثر من كذبة كبيرة، وأثناء الحرب العالمية الأولى تم تصوير الألمان على أنهم برابرة متوحشون يقصفون أظافر الأطفال الرضع ويقتلعون أعينهم.
كذلك وصفت الحرب العالمية الأولى بأنها حرب إنهاء الحروب، إلا أنها لم تنه الحروب بل قادت تلك الحرب إلى قرن لم يشهد العالم له مثيلا في دمويته، إذ قادت مباشرة إلى الحرب العالمية الثانية وإلى صعود نجم الشيوعية و إلى حرب باردة.
وقد لا يتذكر العديد من صقور وقتنا الحاضر قرار خليج تونكين، نظرا لأنهم كانوا في ذلك الوقت صغار السن، فذلك القرار الذي كان هو الآخر كذبة كبرى هو الذي أغرق الولايات المتحدة في مستنقع فيتنام في الستينات، وإذا تقدمنا في الزمن طالعتنا مسألة إيران كونترا، أو بمعنى أدق تلك الشبكة من الأكاذيب التي ساهمت في تشكيل الورطة الكئيبة التي بتنا نواجهها اليوم، وإيران كونتراهي العملية الخفية التي قامت بها إدارة ريجان - بوش في الثمانينات والخاصة ببيع صواريخ إلى الحكومة الإيرانية الردايكالية المتشددة في مقابل الحصول على مساعدة هذه الحكومة في تحرير الرهائن الأمريكان الذين تم احتجازهم فيلبنان.
وعلى هذا تعاملت حكومتنا مع «الإرهابيين» واستخدمت الأموال التي تحصلت من بيع تلك الصورايخ لإيران في تسليح ثوار نيكاراجوا في أمريكا الوسطى، والذين كان البعض يطلق عليهم هم أيضا إرهابيين، ولكنهم كانوا إرهابيين يخصوننا، ومن ثم أطلقنا عليهم «محاربين من أجل الحرية».
في عام 1990 أدين جون بوينديسكر مستشار الأمن القومى في إدارة ريجان بتهم عدة تمثلت في: التآمر والكذب على الكونجرس والاحتيال على الحكومة وتدميرالأدلة الخاصة بفضيحة إيران - كونترا، وألقى به على أرض المكان الذي كان يضمن له الحصانة ضد اتخاذ إجراءات قانونية ضده، أي الكونجرس الذي كذب عليه،و لكن الشيء الذي لا يمكن تصوره أن بوينديسكر يعمل الآن مديرا لمكتب الوعي الإعلامي التابع للبانتجون والذي يتطفل على تنقلات الأمريكيين العاديين، وتوالى الكذب الذي ارتبط بالمزيد من الكذابين، فبينما كان بوينديسكر وأوليفرنورث وغيرهم يرسلون الأسلحة إلى إيران، كانت حكومتنا على الجانب الأخر تساند عدو إيران اللدود أي العراق. فكانت الولايات المتحدة تبيع للعراق القنابل العنقودية والمواد الكيميائية اللازمة لصنع أسلحة الدمار الشامل، وأخذت حكومتنا- بما في ذلك رامسفيلد وغيره ممن يحيطون بالرئيس جورج دبليو بوش - تلعب على نحو وقح على كلا الجانبين، وذلك طيلة عقد الثمانينات، إذ أخذت تروج لحرب الخنادق والتي خلفت وراءها في النهاية مليون شخص ما بين قتيل وكسيح وجريح من كلا الجانبين العراقي والإيراني.
كذلك كذبت العصبة التي كانت محيطة ببوش الأب على الأكراد وغيرهم من أعداء صدام حسين، حينما وعدوهم بأن الولايات المتحدة سوف تحررهم إذا ما هبوا لمعارضة هذا الطاغية، أي صدام حسين. ولكن بدلا من تحريرهم كما وعدناهم تم ذبح الأكراد بواسطة المروحيات العراقية التي أخذت تفترسهم على إثر انسحاب قوات الولايات المتحدة، ربما تكون الولايات المتحدة قد حمت الأكراد من انتقام عراقي أشد ضراوة،
ولكن الأكاذيب ظلت تتوالى سواء علينا نحن الأمريكيين أوعلى الأكراد.
وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته جريدة «التايمز» أن 42 بالمائة من الأمريكيين يعتقدون أن صدام حسين مسؤول عن هجمات 11 سبتمبر 2001، وهو الانطباع الذي ساهمت الحكومة الأمريكية في خلقه في إطار سعيها الحثيث إلى تغيير نظام الحكم في العراق، إذا كان هناك مواطن أمريكي يحب أمريكا كما أحبها فيجب عليه أن يسعى وراءالحقيقة وأن يرفض تلك الأكاذيب التي يسوقها زعماء أمريكا عمدا، فعلى مدارالتاريخ لم تكف الحكومات عن الكذب ولكن شعوب العالم أصبحت على درجة من الذكاء تمكنها من فضح تلك الأكاذيب.
وربما يفسر ذلك لماذا خرج العالم في أكبر مظاهرات داعية للسلام في التاريخ لتعلن رفضها لحرب لم تبدأ بعد في الوقت الذي أخذ فيه المتحدثون في وسائل الإعلام مثل «السي إن إن» و«الإيه بي سي» يتحدثون عن كيفية تمهيد وزير الخارجية كولين باول الطريق للحرب ضد العراق بما معه من صور خاصة بالشاحنات والجرافات إلى جانب حقيبته الصغيرة المملوءة بمسحوق مزيف للجمرة الخبيثة و شرائط مسجلة.
إن الحرب لن تقوم إلا إذا ضاعت الحقيقة.

(*) المصدر: موقع Knoxnews.com

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved