Monday 3rd march,2003 11114العدد الأثنين 30 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هل يفقد بوش ماء وجهه إن جنح للسلم؟! هل يفقد بوش ماء وجهه إن جنح للسلم؟!
هوارد لافرانشي (*)

عندما يصرح الرئيس بوش بأنه سوف ينزع أسلحة صدام حسين «بحرب أو بدون حرب»ربما لن يشكك أحد في كلامه إلا القليلون حول العالم، ولكن جملة «بدون حرب» تبدو أنها أقل احتمالا، فلا يزال هناك سيناريوهات بديلة تدعم التوصل إلى عملية نزع أسلحة العراق بدون استخدام القوة عن طريق الدولة العظمى الوحيدة في العالم، ولكن الباب أمام ذلك يغلق سريعا يوما بعد يوم، وقد استشهد الخبراءعلى ذلك بثلاثة أسباب:
أولا: ان الحلول خلاف الحرب تعتمد مباشرة على صدام حسين، والذي أظهر القليل من الإشارات التي تشير إلى أنه قد غير من سلوكه المعاند تجاه خداع المجتمع الدولي.
ثانيا: لا يزال من بين الأهداف الأمريكية تغيير النظام العراقي نفسه، وليس مجرد نزع أسلحة الدمار الشامل.
ثالثا: لأن الرئيس بوش قد فشل مبكرا في الانتصار على الدول العظمى التي كان يمكن أن تساعد في الوصول إلى حل خلاف الحرب.
وقد صرح هنري باركلي المحلل السابق بوزارة الخارجية الأمريكية لشؤون العراق، والذي يعمل الآن أستاذا لشؤون الشرق الأوسط في جامعة ليخ في بيتلهم بولاية بنسلفانيا قائلا: «إن الطريق الوحيدة التي أراها كحل بالنسبة للولايات المتحدة خلاف الحرب هو أن تتوصل إلى اتفاق صلب راسخ بشأن صدام حسين لكي يدمر أسلحته وجميع مخزونه من أسلحته الكيماوية وكل الأسلحة الأخرى وبسرعة، على سبيل المثال في غضون أسبوعين. إما ذاك. أو أن يرحل صدام حسين».
وهناك حالات سابقة في تاريخ الولايات المتحدة وصلت فيها إلى شفا الحرب ربما حرب نووية أيضا وقد تراجعت بدون أن تتخلى عن هدفها الرئيسي في تلك الأزمات، ففي أثناء المواجهة الحالية مع العراق سرد المعلقون مواقف مشابهة مع الرئيس كينيدي وكيفية معالجته لأزمة الصواريخ الكوبية.
في حين أشار خبراء آخرون إلى الإدارة التي سبقت كينيدي وهي إدارة الرئيس أيزنهاور وكيفية حلها للصراع مع الصين بشأن تايوان بدون اللجوء إلى المواجهة.
ففي مارس من عام 1955 ألقى أيزنهاور الرعب في قلوب الأمريكيين وسبب ضجة عالمية في أثناء الصراع مع الصين بقوله ان «الولايات المتحدة يمكن أن تستخدم القنابل النووية كما تستطيع استخدام الرصاص» وعندها تنبأ القادة العسكريون أنها الحرب.
وقالوا ان الرئيس يخطط «لتدمير القدرات العسكرية للجيش الأحمر الصيني»، ولاتزال نية أيزنهاور بشأن استخدامه أسلحته النووية محل تساؤل حتى الآن، ولكن ما حدث هو أن الصين توقفت عن مهاجمة تايوان في خلال شهر واحد، وأعلنت عن رغبتها في المفاوضات.
وبالمثل فإن موقف الرئيس بوش غير القابل للتهاون فيما يتعلق بالعراق وتهديده المتواصل باستخدام القوة العسكرية أصبح له مصداقية كبيرة الآن، حتى من مفتشي الأمم المتحدة، باعتباره الحل الوحيد لتفتيش العراق بتلك الدقة كما هوالحال اليوم.
تحالف اللارغبة
ولكن في المقابل يقول بعض الخبراء أن العلاقة الهشة بين الولايات المتحدة وأهم شركائها على مستوى العالم تجعل التحول من حافة الحرب إلى الوصول إلى حل سلمي أقل احتمالا.
ويقول بروس جينتيلسون مدير معهد تيري سانفورد بجامعة ديوك في نيويورك: «هناك مفتاحان لحل أزمة العراق خلاف الحرب: أن تكون الصيغة السياسية قوية وقاسية، وأن يتحرك المجتمع الدولي في إطار واحد، وقد مارست إدارة بوش السياسة القاسية، ولكن ليس في إطار المجتمع الدولي».
والسيد جينتيلسون يقول ان «اتفاقا» بين القادة الدوليين على المساعدة في دعم سياسة الولايات المتحدة القاسية والوصول إلى أهدافها بدون حرب لا يزال احتمالا قائما. ولكن ينبغي أن تكون عن طريق وساطة «على مستوى رؤساء الدول».
فالعلاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن والرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشارالألماني جيرهارد شرودر لم تكن مرتبطة ببعضها البعض بالمستوى المطلوب والكثافة التي يمكن أن تسهل مثل هذا الاتفاق.
ولا تزال هناك قنوات مفتوحة للوصول إلى الحل الذي دعا إليه السيد باركي بوصفه «اتفاق صلب راسخ». وقد أشار الخبراء الروس إلى أن البيت الأبيض استقبل مبعوثا رفيع المستوى من الرئيس بوتن.
فقد قال فلاديمير فولوشين لمستشارة الأمن القومي كونداليزا رايس والرئيس بوش في محادثة استغرقت عدة دقائق أن روسيا تضع في اعتبارها أنه لا يزال هناك طريقة للتوصل إلى تسوية بشأن هذا التضارب في الرؤى في مجلس الأمن.
كما زعم الروس أيضا أنهم لديهم تعهد من صدام حسين بأن يتعاون «تعاونا كاملا» مع مفتشي الأمم المتحدة.
وقال باركي ان صدام حسين ينبغي عليه أن يتصرف «بسرعة وبصورة عاجلة» لكي يتجنب أي عقوبات من الولايات المتحدة، وأضاف: وفي الوقت ذاته، سوف يكون من الصعب على الولايات المتحدة أن تذهب إلى الحرب إذا ما امتلأت المحطات التليفزيونية حول العالم بمشاهد تتعلق بتدمير النظام العراقي لصواريخه وأطنانه من غاز الأنثراكس.
مخرج وحيد
وفكرة أن الانتشار المكثف للقوات العسكرية الأمريكية في منطقة الخليج والخطب الحماسية منذ عدة أشهر والتي تدعو إلى الحرب من إدارة الرئيس بوش قد جعلت من الصعب عليه أن يتراجع الآن تناقضها وجهات نظر أولئك الذين يقولون انه في المقابل سوف تعلو وتتحسن صورة الولايات المتحدة في العالم إذا ما استطاعت أن تتوصل إلى سلام عن طريق مجرد التلويح بالقوة، وأضاف باركي: «إن الولايات المتحدة لن تفقد ماء وجهها إذا ما قررت عدم الذهاب إلى الحرب بعد ذلك السيناريو المفعم بالدمار الشامل للعراق الذي كانت تدعو إليه.. ولكن في المقابل فإن الهيبة الأمريكية سوف تزداد وتتحسن صورتها».
وهناك خدعة قد تقوم بها الولايات المتحدة والتي قد تبدو أنه تراجع عن الهجوم، وهو أنها بتراجعها ربما تشجع صدام حسين على التجرؤ بالتصريح بعدم نزع أسلحته.
وكما يقول ستيفن باكر، وهو أدميرال متقاعد ويعمل كبير محللين في مركز معلومات الدفاع في واشنطن: «إننا بالفعل الآن نرى تلك المظاهرات الحاشدة حول العالم المناهضة للحرب والتي لها تأثيرها على مسألة العراق، وربما يؤدي ذلك في النهاية إلى أن تقرر الولايات المتحدة أن تنفض يدها وترى أنه لا بديل عن الحرب».
ومن المعلوم أنه حتى إذا ما تم نزع أسلحة صدام حسين للدمار الشامل بصورة كاملة فإن ذلك لن يفي بطلبات بوش بشأن تغيير النظام في العراق، فقد تبنى بوش رؤية كبار مساعديه فيما يتعلق بوجود عراق ديموقراطي ربما يصبح أنموذجا يحتذى في منطقة الشرق الأوسط لإحداث موجة من التغيرات، تلك الرؤية التي أشارإليها بوش في خطبته بالبيت الأبيض قبل فترة قصيرة، وربما إذا ما قبل بوش أي خيار فيما عدا الحرب مع العراق الآن فسوف يحسن ذلك من صورته أمام الكثيرين في الداخل والخارج، ولكن من المؤكد أن ذلك سوف يخدش مصداقيته مع أولئك الذين ينتظرون تلك الحرب من أجل ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.

(*) خدمة كريستيان ساينس مونيتور- خاص ب«الجزيرة»

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved