|
|
منذ حوالي السنتين والمشاكل الجيوسياسية تلقي بظلالها السلبية على الاقتصاد العالمي، حيث أثرت بشكل كبير على كل من ثقة المستهلك وأداء الشركات، وبينما يرى بعض من أنصار بوش أن غزو العراق والإطاحة بصدام، قد يكون المنقذ الوحيد للاقتصاد العالمي، وحافز جيد لإعادة انتعاشه، يرى البعض الآخر، أن تحقيق المطامح الأمريكية في العراق، قد لا يكون ذا إيجابيات كثيرة إذا ما تم حساب تكلفة الحرب العسكرية، وتوابعها السلبية، ومن هذا المنطلق فإن أكثر ما يأمله السياسيون الأمريكيون حرباً سريعة وبأقل التكاليف، وتعاوناً كبيراً من قبل حلفائها بالمنطقة، فكما لاحظنا في حرب الخليج السابقة سنة 1991، التي استمرت ستة أسابيع، وبلغت تكلفتها العسكرية حوالي 80 مليار دولار، قام بدفع الجزء الأكبر منها حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، ولكن تكلفة الحرب القادمة المتوقعة لن تكون عند هذا الحد فقط، وذلك لاختلاف دوافع الحرب ومبرراتها، وكذلك اختلاف الموقف الدولي والعربي منها، ولهذا السبب تختلف الآراء في أن يكون سقوط نظام صدام حسين واحتلال الولايات المتحدة للعراق منقذاً للاقتصاد العالمي، أو أنه سيكون الطريق السريع الذي ستسلكه الولايات المتحدة لتقود اقتصادها بجانب الاقتصاد العالمي نحو كساد كبير وحرب عالمية جديدة، ومع ذلك يعتقد المحللون أن انتهاء الترقب والتخوف أفضل بالنسبة للاقتصاد العالمي من استمراره، مهما بلغت تكلفة الحرب الإجمالية التي يعتقد بعض الخبراء أنها ستكلف الولايات المتحدة ما بين 100 مليار دولار و 1 ،9 ترليون دولار خلال عشر سنوات بعد الحرب، وهو ما يعادل 2% من الناتج المحلي الأمريكي سنوياً، ويرى رئيس المجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي (آلان جرينسبان)، حسبما ورد في تصريحاته في أحد المجلات البريطانية خلال هذا الأسبوع، أن المخاوف المتزايدة من نشوب حرب أمريكية ضد العراق، والاضطرابات السياسية عموماً، أدت إلى تراجع الدولار وانكماش ثقة المستهلكين وأداء الشركات، وبالتالي إلى تدهور الاقتصاد عموماً، وبدا تخوف جرينسبان من أن يكون انتصار الولايات المتحدة في حربها على العراق غير كافٍ لإعادة الثقة ونمو الاقتصاد العالمي موضحاً حين قال في تصريحه إن حرباً قصيرة ناجحة (تنتهي لصالح الولايات المتحدة)، قد تنعش أسواق الأسهم وتعيد الحياة مرة أخرى إلى الاقتصاد العالمي، ولكنها (الأزمة العراقية)، مجرد عائق من العوائق الكثيرة التي تعوق نمو الاقتصاد العالمي، وبالتالي لن تتوقف هذه المشاكل حتى بعد انتهاء الحرب، ولكن يبقى اندثار الغموض أفضل من استمراره بالنسبة للاقتصاد العالمي، حيث يجمع معظم المحللين والشركات أن ارتفاع أسعار النفط واستمرار الضبابية ليست من صالح الاقتصاد العالمي، وتجعل اتخاذ القرارات بالنسبة لصناع القرارين الاقتصادي والسياسي صعباً للغاية. |
![]()
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |