|
|
استهلالا من البدهي القول إنه كان بوسع الحياة أن تكون شجرة خضراء وارفة الظلال لولا أن قدر الإنسان فيها قد منح منشار القلق كافة حقوق العبث بفروع وأوراق وأغصان هذه الشجرة. إن للقلق منشاراً هوايته القضم جيئة وذهابا.. (رايح جاي) تماماً كما تبدو حقيقته اللغوية المنشارية حين تقرأ كلمة (قلق) معكوسة. أما الحقيقة الثانية فتتمثل في أنه لا جدال في قدرة القلق غير المحسوس على إحداث الضرر الجسدي المحسوس. ومن أدلة ذلك الأمراض ذات الجذور النفسية فالإنسان وجود نفسي قبل أن يكون وجودا جسديا، ومن ضمن الأدلة (العديدة) على ذلك اثبات العلم الحديث حقيقة تقاطع المرض الجسدي (Disease) مع المرض النفسي (illeness) بل إثبات العلم أيضا حقيقة تحول الأمراض النفسية إلى أمراض عضوية/ جسدية، كمرض «الهستيريا التحولية» الذي هو مرض نفسي في الأساس غير أنه قد يتحول بمضي الزمن الى امراض جسدية عديدة من ضمنها الشلل والصمم وفقدان القدرة على النطق وما شابه ذلك. بالإضافة فهناك ما يعرف بمرض «ضغط الدم الجوهري» الذي أثبتت التجارب العلمية بأنه ينجم في الأساس عن شدة وطأة الحزن.. أو الغضب أو الغيظ ولا سيما حين يلجأ الإنسان إلى التعامل معها بالكتمان. في ضوء ما سبق استعراضه من حقائق (مضغوطة!) يتوجب الإشارة إلى أن العلم الحديث وفق النظرية المعروفة بنظرية (القلق الأساسي) يؤكد بأن القلق هو أنسب مقياس لمعرفة (من تكون).. بصيغة أخرى القلق هو المفتاح السحري لفهم وتحليل شخصيات البشر، والتطورات العلمية هذه قد تبدو غريبة بل هي بالفعل غريبة من حيث كون أنها تمنح أبغض ما لدينا: (القلق) القدرة على فك طلاسم أبهم وأغمض ما فينا: (شخصياتنا). |
![]()
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |