Monday 10th march,2003 11120العدد الأثنين 7 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بعد مرور شهر على قرار تعويم الجنيه في مصر: بعد مرور شهر على قرار تعويم الجنيه في مصر:
ركود حاد يصيب الأسواق بسبب زيادة الأسعار بنسبة 30%

* القاهرة - مكتب الجزيرة - عبد الله الحصري:
مر شهر كامل على قرار الحكومة المصرية بتحرير سعر الصرف الذي عرف بتعويم الجنيه.. و حتى الآن لم يتسبب القرار في تحقيق الأهداف التي أعلنتها الحكومة من وراء القرار، بل على العكس تسبب في تدهور الجنيه أمام جميع العملات الأجنبية والعربية وفي مقدمتها الدولار الأمريكي والريال السعودي، كما ارتفعت أسعار كافة السلع بشكل لم تعد الحكومة معه تسيطر على انفلات الأسعار التي ارتفعت بنسب تتراوح بين 30 % و 50 % وكان آخرها زيادة أسعار تذاكر الطيران والسيارات وغيرها. وقد عقد الدكتور بطرس غالي اجتماعا مع المصدرين في اتحاد الغرف التجارية تم فيه الاتفاق على أن يتنازل المصدرون عن حصيلتهم بالدولار مقابل التزام البنوك بتوفير متطلباتهم من الدولار عند استيراد مستلزمات الإنتاج الداخلة في منتجاتهم .. وكان الهدف من هذا القرار إيجاد عملة في السوق ولإضفاء شرعية على قرار تعويم الجنيه.
الدولار الجمركي
وبعد أن زاد سعر الدولار الجمركي من 460 قرشا إلى 582 قرشا زادت فاتورة استيراد البضائع والمواد الخام من الخارج بنسبة 27% ، فعقدت الشعبة العامة للمستوردين اجتماعا أول امس مع مسئولين من وزارة المالية تم منع الصحفيين من حضوره، تم الاتفاق خلاله على استخدام مايسمى بالسعر المرجح للدولار شهريا أي ثبات سعر صرف الدولار كل شهر وهو ما قررته وزارة المالية استجابة لطلب كثير من المستوردين حيث يساعد كثيرا على حل شكل عدم ضبط التكاليف والموازنات حيث أبدى المستوردون تخوفهم من عدم امكان ضبط موازناتهم وتحديد قيمة الرسوم الجمركية وغيرها عند حساب قيمة الواردات يوميا تبعا لاختلاف سعر الدولار يوما بعد آخر.
البنوك تمتنع عن توفير الدولار
ورغم أن قرار تعويم الجنيه كان الهدف منه توفير الدولار في المقام الأول طبقا للعرض والطلب إلا أن البنوك لاتزال تمتنع عن تلبية طلبات الأفراد و فتح الاعتمادات المستندية للمستوردين، على الرغم من أنها كانت تقبل الشراء من أي راغب في البيع للنقد الأجنبي، وعلى الرغم أيضاً من قيام البنك المركزي المصري بتغطية «العجز» الموجود لديها أو ما يسمى بالمراكز المكشوفة من النقد الأجنبي قبل سريان النظام الجديد لسوق الصرف، كما أن المعاملات التي تركزت في شركات الصرافة في الأسبوع الأول للتعامل لم يورد منها شيء للبنوك كما كان متوقعاً.وبعد مرور شهر على القرار لايزال حائزو الدولار من الأفراد مترددين في طرحها في السوق تحسبا لسعر أعلى، والبنوك تشتري ولا تبيع، و بعض شركات الصرافة تبيع ما تشتريه من دولارات لنفسها أو للغير بأسعار مغايرة للمعلن لديها، وزاد التعامل في السوق السوداء حتى وصل إلى 660 قرشا وهو ما لم يكن قائماً يوماً في ظل نظام الصرف السابق، وانفلتت أسعار السلع والخدمات بما في ذلك التي لا تدخلها مكونات أجنبية. والمشكلة أن كل بنك يضع تسعيرته ليس طبقا للعرض والطلب ولكن كما يتراءى له، بحيث يحدد بنك معين سعر صرف الدولار 550 قرشا للشراء، و551 قرشا للبيع، فيما يحدد بنك آخر 554 و 555، بينما تعجز شركات الصرافة في مثل هذه الظروف عن إعطاء عملائها أسعارا مميزة لأنها مرتبطة بالبنوك حيث تحدد كل شركة بنكا تضع على اساسه أسعار التعامل.
فتح الاعتمادات المستندية
وتسعى الحكومة إلى تدارك الأمر قبل أن تفقد سيطرتها الكاملة على السوق فأصدر البنك المركزي توجيهات للبنوك بفتح الاعتمادات المستندية المطلوبة للمستوردين، بلغت نحو 200 مليون دولار، مع تقييد الفارق بين سعري الشراء والبيع في البنوك بما لا يتجاوز ثلاثة قروش بدلا من عشرين قرشاً وفرض عقوبة على البنك المخالف، بتعليق عضويته في اتحاد البنوك وعدم التعامل معه إقراضاً أو إيداعاً.
قانون الطوارئ
وحتى تبث الحكومة المصرية الثقة في نفوس المواطنين بعد الارتفاع المفاجئ والمتزايد في أسعار كافة السلع، هددت على لسان الدكتور حسن خضر وزير التموين والتجارة الداخلية باستخدام قانون الطوارئ ضد من يرفعون الأسعار وأنذر التجار بعواقب وخيمة اذا استمرت هذه الظاهرة مع إلغاء السجل التجاري للمخالفين، وقال خضر ان هناك سلعا لا علاقة لها بارتفاع سعر الدولار ولا مبرر لزيادتها، وأن هناك فارقا كبيرا ما بين حرية السوق وفوضى السوق، كما تعهد اتحاد الغرف التجارية بإعلان قائمة سوداء بالتجار المخالفين ليكونوا عبرة لغيرهم. وحول ما أثير من ارتفاع أسعار السلع بحجة ارتفاع سعرالدولار بعد تحرير سعر الصرف أوضح وزير التموين انه بمجرد صدور قرار تحرير سعر الصرف ارتفعت أسعار كل السلع بنسبة 10 %، بل وصلت احيانا إلى 50% بحجة تعويم العملة !
ارتفاع ديون مصر الخارجية
وترتيبا على قرار تعويم الجنيه طالب بعض نواب مجلس الشعب باجراء تحقيقات مع د. عاطف عبيد رئيس الوزراء المصري واعضاء حكومته لتسببهم في ارتفاع ديون مصر الخارجية إلى 35 مليار دولار بخلاف أعباء خدمة الدين بسبب قرار التعويم، وكذلك لعدم اتخاذها أية إجراءات لمواجهة الارتفاع العشوائي لأسعار كافة السلع.
ظاهرة «الدولرة»
وبسبب قرار التعويم عادت مرة أخرى ظاهرة «الدولرة» إلى السوق المصرية بعد ان كانت قد اختفت على مدى السنوات العشر الأخيرة، وأصبح اكتناز الدولار هو البديل للذهب الذي ارتفعت أسعاره بصورة جنونية.
زيادة أسعار تذاكر الطيران
ومن جانبها بدأت شركة مصر للطيران التعامل بالزيادة الجديدة على أسعار تذاكر السفر لرحلاتها الخارجية من مصر بمقدار 10% بدءاً من أول مارس الحالي كنتيجة لتحرير أسعار صرف العملات الأجنبية وتحرير الجنيه المصري الذي انخفض أمام الدولار بنحو 30 % من قيمته، وكذلك رفعت شركات الطيران الأجنبية العاملة في مصر أسعار تذاكر رحلاتها من القاهرة بمقدار 20%.
توقف مشروع كمبيوتر لكل بيت
وفي مجال الكمبيوتر والبرمجيات ارتفعت أسعار أجهزة ومكونات الكمبيوتر بنحو 30%، الأمر الذي انعكس بالسلب على مشروعي «كمبيوتر لكل بيت» التابع لوزارة الاتصالات و «كمبيوتر لكل طالب» التابع لوزارة التعليم حيث أوقفت بعض الشركات المنفذة حجز وتوريد الأجهزة إلى ان تستقر الأوضاع، فيما طالبت شركات أخرى بإلغاء العقود لأنها في ظل الظروف الحالية لن تستطيع الوفاء بالعروض المطلوبة.
وأكد العديد من شركات الكمبيوتر أن خسائرها المبدئية من قرار التعويم لاتقل عن 200 جنيه في كل جهاز لان الشاشة وحدها شهدت زيادة بلغت 115 جنيها بالإضافة لباقي مكونات الجهاز، وقد أدى قرار التعويم إلى تضخم كبير في الأسعار نتج عنه بطء في حركة المبيعات وتعرض الكثير من الشركات لشبح الإفلاس، خاصة و أن 90% من مكونات الكمبيوتر يتم استيرادها من الخارج.
ركود في سوق السيارات
وشهد سوق السيارات ركودا حادا بعد قرار التعويم لارتفاع الأسعار بنسبة 3% وندرة السيولة وكثرة الشيكات المرتدة وامتد الأمر إلى نظام التقسيط الذي تم تغييره طبقا للأسعار الجديدة.
ومن جانبها أوقفت شركات تجميع السيارات الكبرى التعامل تماما بالبيع أو الشراء لحين وضوح مدى تأثير قرار التعويم خشية تعرضها لخسائر كبيرة، لأن نسبة كبيرة من الشركات اقترضت من البنوك بالدولار لشراء المكونات الرئيسية للصناعة والآن مطالبة بالسداد بالسعر الجديد مما يعرضها لخسائر كبيرة إذا لم ترفع الأسعار. وأكدت الشعبة العامة للسيارات في اتحاد الغرف أن زيادة تكاليف الإنتاج وعدم وضوح رؤية الجمارك والضرائب على المبيعات خاصة المحاسبة الضريبية في بيع أو استيراد مكونات السيارات وراء التجميد الحالي، حيث كانت مصلحة الجمارك تقوم بحساب الضرائب وفقا لسعر الدولار الثابت بالبنوك 4 ،64 جنيه، أما الآن فلا يمكن حساب قيمة الضرائب في ظل سعر الدولار المتغير.وفي سوق الدواء حذرت لجنة الصحة بمجلس الشعب من مخاطر المنافسة العالمية لصناعة الدواء المحلي في ظل تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار واقتراب التطبيق الكامل لاتفاقيتي الجات والتربس، حيث ارتفعت أسعار الخامات المستوردة بمعدلات تتراوح بين 25 % إلى 30% مما عرض صناعة الدواء المصرية لخسارة ميزتها التنافسية امام الشركات متعددة الجنسيات.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved