Thursday 20th march,2003 11130العدد الخميس 17 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنطق الذي لم يستوعبه الأمريكيون بعد ! المنطق الذي لم يستوعبه الأمريكيون بعد !
جاك جوليارد (*)

لنتكلم بعقل! هيا ! لتكن لنا الشجاعة على قول الحقيقة ولو في مقال! كأن نسأل بصراحة شديدة: ماذا لو شنت الولايات الأمريكية الحرب على العراق من دون موافقة الأمم المتحدة؟
ما الذي سيحصل وقتها؟ قطعا سوف يدخل الغرب في صدام حقيقي ناهيك عن ما سوف تضطر إلى دفعه الولايات الأمريكية المتحدة نفسها لن يكون من السهل بعدئذ الحديث عن شيء آخر غير الكارثة والعار! حسنا ! سنفترض ذلك حقا.
أي احتمال شن الحرب على العراق .. سيكون من حقنا أن نطرح البديهيات التالية :
1 حق التدخل في شئون الآخرين: لماذا تعطي الولايات الأمريكية المتحدة القوة العظمى أول قوة عسكرية وتدميرية في العالم لنفسها الحق في امتلاك ما تمنعه على دول أخرى؟ لأن أمريكا تعتبر نفسها راعية الدول الأخرى حامية الأرض وزعيمة الشعوب في القارات الخمس بينما العراق مجرد دولة مزعجة وخارجة عن القانون يقول الرئيس الأمريكي ولكن .. إن كانت الدولة العظمى تلك زعيمة الشعوب في القارات الخمس ستنحرف إن كانت ستصبح بدورها دولة خارجة عن القانون بهذا الشكل تفقد كل صلاحياتها بأن تكون مسيطرة و بأن تشن حروبها العادلة على البشر كيفما تشاء ووقتما تشاء !
2 الفرصة الأخيرة : والحال أن الولايات الأمريكية التي ساهمت في صناعة الحق المدني الدولي باقتراحها سنة 1918 من بين عشر نقاط أعلنها الرئيس «ويلسون» نجد تأسيس مؤسسة الأمم ثم في إعلان آخر في سنة 1941 وفق الميثاق الأطلنطي الموقع بين روزفلت و تشرشل والداعي إلى منظمة الأمم المتحدة التي تأسست سنة 1945 في مدينة سان فرانسيسكو .
لقد صنعوا القانون الدولي الذي تعايشنا معه إلى حد الآن .. مع ذلك الولايات الأمريكية المتحدة نفسها وبريطانيا عملتا على حل ما كان يعرف آنذاك ب« عصبة الأمم» سنة 1919.
هاهي اليوم تريد أن تكرر نفس السيناريو القديم بإعلانها أنها ستتدخل عسكريا في العراق سواء وافقت الأمم المتحدة أو لم توافق لقد عبرت الولايات الأمريكية المتحدة صراحة أنها لا تعترف بالسلطة الأممية، جورج بوش ذهب إلى حد اعتبارأن القرار الثاني الذي يقترحه على الأمم المتحدة بمثابة الفرصة الأخيرة مهلة أمريكية لصدام حسين ؟ لا ! بل مهلة أمريكية للأمم المتحدة نفسها!
3 تناقض : لا ندري هل من الأفضل أن نكون دولة حق في السياسة الداخلية أو دولة خارجة عن القانون في السياسة الخارجية إن شنت الولايات الأمريكية الحرب على العراق من دون موافقة الأمم المتحدة فلن يكون هنالك فرق بين الجاني والإرهابي.. بين القاتل والمجرم الذي يريد قتله بيد أن الخسارة الأكبر سوف تكون لكل المؤسسات القانونية في العالم وبالطبع في الدول الغربية التي طالما أدت أغنية أنا القانون الشهيرة !! وسوف يقول المؤرخون غدا : كانت تلك جريمة حرب وبلا شك جريمة ضد الأمم المتحدة وأكثر يقينا جريمة ضدالولايات الأمريكية المتحدة نفسها.
4 تغيير العالم: الحرب على العراق سوف تفتح شهية جورج بوش إلى شن حرب أخرى على ما يسميهم «التنظيمات الإرهابية» في الشرق الأوسط لأجل تغيير في خريطة العالم.
من منطلق ما يريده بوش وما يسعى إليه الإسرائيليون أيضا (قتل المقاومة الفلسطينية ووأد كل محاولة للثورة على الأوضاع الجديدة).
الاعتداء سيكون أبشع:
لأنه يأتي من دول تصف نفسها «بالقوة العظمى» على دول أخرى أضعف منها وبالتالي سيكون الأمر اغتصابا حقيقيا لحقوق كثيرة من جهات تدعي أنها تمارس الحق في العالم. سابقة خطيرة كهذه سوف تساهم في زلزلة العالم بلا شك بحيث سيكون من حق الجميع الدفاع عن نفسه و لم لا ؟! . أمريكا لن تسمح بالعصيان المدني عليها لو نجحت في ضرب العراق.
جورج بوش يقول : سنغيرالعالم ربما يقصد أنه سيعيد العالم إلى زمن الانحطاط !
5 بيت من زجاج : الذي يبدو أكثر من أمر عجيب أن الولايات الأمريكية المتحدة تريد اغتصاب تلك الشرعية الدولية الممثلة في الأمم المتحدة من خلال إعطاء درس للعراق كي يحترم تلك الهيئة الدولية ؟. أليس الأمر مضحكا ؟ والمحزن أن أمريكا تتمسك بقشة الحق لتقزيمه وتضرب بالحجر على العالم مع أن بيوت الأمريكيين مصنوعة من زجاج !
6 الدفاع عن النفس: لأن العالم فهم أن الطموح الأمريكي لا يقتصر على ضرب العراق فقط إنما على الهيمنة على العالم والتحكم في مصادره الحيوية العالم عرف أن ما يريده الرئيس الأمريكي ليس فقط إسقاط النظام العراقي لأن الحرب بدت وكأنها تأخذ شكلا شخصيا الأمريكيون يتكلمون عن الدفاع عن النفس ! ضد من ؟ ضد الإرهابيين ؟ أليست الولايات المتحدة تريد أن تصنع بقرارها نوعا آخر من الإرهاب ؟ العالم عارض الرئيس الأمريكي معتبرا أن حربه ليست مقنعة ولأن العالم يعرف أنه لو شنت الولايات المتحدة حربا في الخليج فسوف يكون من حق الجميع خوض حربه على أمريكا ذلك هو المنطق الذي لا يستوعبه الأمريكيون بعد !

(*) عن «لوفيجارو» الفرنسية (خدمة الجزيرة الصحفية)

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved