Thursday 20th march,2003 11130العدد الخميس 17 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نوافذ نوافذ
منيرة
أميمة الخميس

لم تشوش خريطة دماغ منيرة بنظريات التحرر النسوي، ولم يمر تحت عينها كتاب لنوال السعداوي.
لكنها كانت حرة «كنسرة» وعنيدة كما عز جبل جنوبية، تتواءم مع تلك الجبال الجنوبية التي انحدرت منها باتجاه العاصمة ضمن متاع أب طموح غادر قريته الجنوبية وطعن العاصمة يبحث في شوارعها البراقة عن دروب المغارة السرية، ومنيرة كانت ضمن هذا المتاع الذي احتشد بداخل سيارة نقل كبيرة مع صرر الثياب ولفات فرش قديمة وأكياس بلاستيكية تحوي مقتنياتها الثمينة «كسرة مرآة، ومكحلة، وعقود خرز وحذاء بلاستيكي وضمة ريحان جنوبي من ريحان الجبال».
وقبل أن تلملم منيرة شعثها ووعثاء السفر بعد الوصول إلى العاصمة، بادرها مشروع زواج سريع، وجد أبوها في مهرها الانفراجة السريعة لأزمة استقراره في الرياض والبحث عن منزل ملائم.
كارثة زواجها وفرت لها عددا من الأساور في يديها، ولكن تلك الأساور لم تستدر طويلاً حول معصمها فعندما تلاشى زخرف «الحناء» من يديها طلب منها زوجها ان تنزعها بمساعدة الصابون الذي يسهل خروجها، ومع خروجها خرجت هي إلى بيت أهلها ولم تعد، ساوم زوجها قليلا لاسترداد ماله، ولكن في نهاية العام مل، فعادت منيرة حرة طليقة ولكن بدون غرفة أو حيز في منزل أبيها المزدحم بالنساء والاطفال والأثاث المهلهل.
تراجعت منيرة درجتين في سوق النساء وانخفضت أسعارها فهي قد استعملت وفقدت جدتها فلم يتهيأ لها في زواجها الثاني إلا «شايب» بحاجة إلى امرأة تقوده من فراشه إلى المدخل، بعد أن خلا منزله وغادرت زوجته إلى القبر، وغادر أولاده إلى جهات المدينة الاربع، لم يلبث طويلا.. ولفظ أنفاسه بين يدي منيرة وقبل أن يباشر أبوها إجراءات الزواج الثالث شقت امرأة جبلية عنيدة صدرها «شاهدتها في منامها» ولطمت وجهها بعد أن كانت تسير لفترات طويلة كالمنومة. جارتها أخبرتها أن هناك وظيفة في ادارة تعليمية نسائية قدمت لها والمعبود وحده عضدها ويسر أمورها ونالت وظيفتها، عندها فقط استردت أجنحتها أجنحة النسرة الجنوبية نسرة الجبال الشامخة العصية، ضمنت لقمتها امتلكت هاتفاً تحدث به أمها في الجنوب، امتلكت حيزا وغرفة، شاركت في ميزانية المنزل عندها فقط تسنى لها استرداد عمرها المبعثر في المنازل المؤقتة، دخلت عصراً مدارس لمحو الأمية.
وهي بمساعدة الحروف تنزع عن روحها طبقات الذل والمهانة ولأنها وفرت عن أبيها فواتير الماء والكهرباء، وعاونت أخاها في مهر زوجته أصبحت تصول وتجول في الدار بصوت مرتفع وجسور.
منيرة لم تطالع كتب الثورة النسوية ولم تجالس صالونات النساء الأنيقة اللواتي يلكن الضجر والتبرم على أوضاعهن... منيرة ماعز جبل عنيدة رفضت وحل القاع وشقت طريقها إلى القمة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved