Saturday 22nd march,2003 11132العدد السبت 19 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رؤى رؤى
تأملات في التعليم الابتدائي من واقع تجربة
عبدالله بن عبدالعزيز البابطين

توطئة:
هذه التصورات المتسلسلة كتبتها قبل اثنين وعشرين سنة كنت وقتها مديراً لمدرسة سنان الأسدي وقد انتقلت للمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني مديراً لمركز الإعداد عام 1401ه وانشغلت بالعمل الجديد ونسيت الموضوع، وبعد طلبي الاحالة على التقاعد المبكر هذا العام والرجوع للأوراق القديمة عثرت على هذه التأملات مصادفة التي لم تنشر في حينها وظلت حبيسة الأدراج حتى التقيتها فأحببت نشرها الآن لنرى ما الجديد الذي طرأ على مسيرة التعليم خلال ربع قرن من الزمن، خاصة مع ما يطرح هذه الأيام عما يراد من التربويين، مع ملاحظة الفارق الزمني بين الحاضر ووقت كتابة هذه التأملات وإن كان الفرق بسيطاً جداً مع طول الزمن حيث ما زال مستوى طلاب اليوم دون المطلوب إن لم نقل أصبح متدنياً بشكل كبير وهذا يتطلب دراسة جادة وعميقة لعلاج هذه المشكلة التي تؤرق الكثيرين سواء كانوا مسؤولين أو أولياء أمور.
***
ينعم التعليم في حاضرنا المعاصر وفي المملكة بالذات بأجواء مهيأة بإمكانيات ضخمة: تجهيزات جيدة وطاقات هائلة وجهود كبيرة كلها تهدف إلى خدمة التعليم في بلدنا وتحقيق مستويات أفضل في التحصيل.. وانتشار التعليم بهذه الشمولية ملاحقاً الأمية في كل مكان وفي كل شبر من مملكتنا الحبيبة ليزرع العلم والمعرفة في عقلية المواطن أينما كان.. وليحصد الجهل والتخلف ويجتث جذوره من هذا التراب الطاهر، ولاتزال الدراسات قائمة في هذا المجال، اما على شكل لجان أو بحوث أو ندوات ساعية إلى كشف الأخطاء والانحرافات في مسيرة العملية التعليمية والنجاة بها إلى شاطئ الأمان أسلوباً وطريقةً وأداء.
والحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان ان التعليم اليوم يملك المؤهلات الحديثة والإمكانيات الكبيرة.. بمعنى ان التعليم اليوم يملك الأرضية الصلبة التي يُبنى عليها الطالب بناءً جيداً في مستواه العلمي والتحصيلي.. إلا أنَّ خللاً ما أصاب هذه المسيرة دون ان نعرف كنهه قلب التوقعات فإذا طالب الأمس وهو الفقير إلى هذه الإمكانات والظروف الحسنة أثبت انه وفي ظل حياة تعليمية كانت على حد الكفاف.
هذا الماضي بسلبياته أفرد نباتاً على قدر من الجودة والعطاء فكانت الحقيقة المرة ان طالب الأمس لا يقارن بطالب اليوم تحصيلاً ومعرفة وتعاملاً وسلوكاً، إلا ان وهذه الحقيقة المرة التي عكست النتائج بالمقلوب تستدعي نظرة ذات عمق تغوص إلى جوهر المشكلة، من خلال دراسات موضوعية واقعية وفعلية تستند إلى الواقع من خلال مكاشفة صريحة لكل العيوب التي رآها الغير ممن يساهمون في العملية من قريب أو بعيد.
وقد تكون الدراسات التجريبية من أهم المنطلقات للوصول إلى الهدف.. وليس تجارب الغير هي ما أعنيه فالبذرة لا تنبت إلا في بيئتها الحقيقية وتجارب الغير ولو كانت ناجحة بالنسبة لهم فليس بالضرورة نتائجها صالحة لبيئتنا لاختلاف المؤثرات البيئية الأخرى.
إن التجارب التي أعنيها ان تكون نابعة من بيئتنا وأفكارها وليدة هذا الوطن والقائمين عليها من أبناء هذه البيئة لأنهم أقدر فهماً واحساساً لهذه المشكلة.
وحتى هذه التجارة لا قيمة لها إذا لم تكن ايجابية النتائج، فالتوصيات إذا لم تلق القبول والتأييد بالمبادرة والاستئناس بها وإجراء التغييرات اللازمة فهي عبث وخسارة وضياع للوقت والجهد،
ولا أقول ان نتقبل نتائج التجرية دون قيد أو شرط ولكن من واقع رؤية واعية مخلصة تستطيع ان تقيم الحلول المفترضة وان تتخذ القرار الرشيد لا ان تظل دائرة جدل ونقاش يطول عليها الأمد فتوأد في مهدها.
ومن واقع تجربتي في هذا المجال سأتطرق لهذه المشكلة من زوايا متعددة كمساهمة متواضعة، آملاً أولاً ان تكون واقعية وموضوعية وثانياً ان تلقى قبولاً من الجهات المسؤولة فهي مجرد رؤية معينة للتعليم الابتدائي همومه ومشاكله من خلال معايشتي لهذا الواقع لفترة من الزمن.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved