Saturday 22nd march,2003 11132العدد السبت 19 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

18/12/1389هـ - 24/2/1970م العدد 282 18/12/1389هـ - 24/2/1970م العدد 282
ضيف الجزيرة.. عثمان الصالح
حديث شامل مع الرجل الذي قضى ثلث قرن من الزمان في مجال التربية والتعليم

* أعد هذا الحديث - صالح محمد الحمدان:
عثمان الصالح مدير عام معهد العاصمة النموذجي بالرياض واحد من رجالات ورواد التربية البارزين في بلادنا الحبيبة حيث تكتمل فيه كل صفات النضج والثقافة فهو المربي القدير والأديب والكاتب الاجتماعي البارز قرأنا له الشيء الكثير في الصحف والمجلات المحلية واستمعنا له كثيرا من اذاعتنا ورأيناه من خلال الشاشة الفضية، ومع ذلك فهو لا يريد الشهرة أو الأضواء ويبتعد عنهما، وبالرغم من محاولاتي العديدة له والمتكررة في الوقت نفسه فإنني حصلت منه على موافقة حيث تفضل مشكوراً على الأسئلة التي وجهتها إليه، وهي بلاشك ثمار جهد وتحصيل لذيذين من التجربة الطويلة في مجالي التربية والتعليم وغيرهما من مجالات الحياة ودعونا الآن نعيش معه وقتاً ممتعاً في هذا الحديث الشامل الشائق...
* هل لكم أن تعطوا القراء نبذة عن حياتكم العلمية والعملية؟
- ليست لي حياة أكثر من مدرس عاش حياته مدرسا منذ فجر عمره الأول.. فقد كنت مدرسا فمعاوناً لمدرسة المجمعة بدءا من عام 1356 ولظروف الحرب العالمية ألغيت المناوبة فانتدبت مدرسا ومديرا لمدرسة أنجال الأمير عبدالله بن عبدالرحمن في نهاية عام 1359هـ وبقيت عند سموه حتى عام 1365هـ إذ في هذا العام نفسه نقلت الى مدرسة أنجال ولي العهد المعظم وبقيت فيها الى هذا اليوم حيث بدأت المدرسة من 15 طالبا وانتهت بـ1800 طالبا وأربعة أقسام: روضة وابتدائي واعدادي وثانوي في أبنية مستقلة تحت إدارة واحدة.. أما العلمية فلم تزد عن الثانوية العامة من مدرسة عنيزة الأهلية عام 1354هـ ما عدا حلقات العلماء والدراسات الخاصة عند المشايخ.. في المجمعة قاعدة اقليم سدير المصاقب لاقليم (العارض).
* ما رأي سعادتكم في مستوى المملكة التعليمي وما وصلت إليه؟
- رأيي: وقد عاصرت مطلع النهضة وسرت مع القافلتين، قافلة قلة بل عدمه الى قافلة العلم والنهضة العصرية الحالية التي بلغت مبلغا عظيما لا يتصوره من عاش تلك الفترة، فترة العشرين عاماً بين الـ1340هـ والـ1360هـ التي لا تجد في بعض المناطق من يقرأ ولا يكتب.. وأعرف ان في تلك الفترة قل القراء والكتاب حتى ان الخطاب الذي يصل من قريب الى قريبه في احدى القرى والبلدان في تلك المناطق يركب حماره ويذهب الى العاصمة لذلك الاقليم ولتكن «المجمعة» مثلا فيطرق على المعروف بذلك فيقرأ كتابه عليه ويكتب الجواب.. هذه الفترة أعرفها تماما بينما في هذه المدة القصيرة قفزنا الى مصاف الأمم العظيمة وكنا وليس لدينا مدرسة واحدة في أي مدينة أو قرية وأمسينا والمدرسة والمعهد والكلية، والمدرسة العلمية والمهنية والزراعية والتجارية في المدن والقرى والمناطق النائية والقريبة توجد في كل شبر من أرضنا وارتفعت نسبة القراءة والكتابة من الصفر الى نسبة مئوية لم يصل إليها سوانا في أضعاف هذه المدة.. والذي أراه ان مستوانا التعليمي بلغ شأواً بعيداً، أصفه بأنه من خيرة المستويات في عالمنا الحاضر.. في هذا العهد الزاهر..
* ما هي مشاريعكم الجديدة التي تريدون تنفيذها؟
- ليس لدي مشاريع ولست أكثر من مدير مدرسة بمديرية ليأخذ ما يعطي.. والآمال كثيرة ولكن لا ندرك المؤمل وكل ما أريده ان يتحقق كلمة «نموذجي» وما زالت حبرا على ورق.. وغصنا بلا ثمر.
* كم يبلغ عدد طلاب المعهد حتى عامنا الدراسي هذا؟
- بلغ ما يزيد على ألف وثمانمائة طالب في سائر مرافقه الأربع، الروضة، الابتدائي، والاعدادي والثانوية بقسميه العلمي والأدبي.
* ميزانية المعهد كم بلغت لهذا العام؟
- راجع الميزانية العامة لهذا العام عام 1389/ 1390هـ.
* ما مدى رضاكم عن مستوى المعهد في جميع مجالاته؟
- مستوانا صورة من واقعنا والقناعة كنز لا يفنى ولكل مجتهد نصيب ولكل عامل عمل.. وأعمالنا لقاء عملنا.. والنتيجة لا شك مرضية.. تتكافأ مع مجهودنا والجنود العاملون في هذا العهد منتصرون بما لديهم من امكانيات.
* أرجو ان تحدثونا عن النشاطات الثقافية والاجتماعية والرياضية والفنية في المعهد؟
- النشاط الثقافي الاذاعي طيب وأطيب منه انطباعه في نفوس الطلاب فمنهم الآن خطباء يرتجلون ارتجالا مدهشا يلفت النظر، أما المجالات الاجتماعية والندوات الثقافية والرياضية والكشفية فهي في مستواها على العموم أقل من الماضي، وان كان للناحية الرياضية البدنية والكشفية ثبات لقوة المدرس وايمانه بعمله.. ان ضعف الاستاذ يحدث ضعفا في الانتاج.
* ما رأي سعادتكم في أدب القصة في بلادنا وهل يوجد هناك أدب قصصي بالمعنى الحقيقي؟
- لست قصاصاً ولا رغبة لي في القصة ولست من هواتها ولا يمكن أن أبدي رأياً فيما لا مجال لي فيه.. وان كنت فيما مضى يوم كنت طالبا أقرأ ما ترجمه المنفلوطي من قصص.
* هل لكم أن تعطونا رأيكم في الشعر الحر وهل تقرأونه؟
- الشعر الحر جديد علينا وما هو في نظري الا نثر الا ان نثر الآباء كان أقوى سبكا وأرصن لفظا.. والشعر الحر ليس شعراً بالمعنى الصحيح وانما تخلص من القافية.. وعلى أي حال فمن الممكن ان يبدي الحكم في هذا السؤال شاعر زاول الشعر وهضمه مبنى ومعنى ولست بذلك، والشعر الحر اقتداء بشعر الغرب وأدبه.. وان كنت أرى أن أدبنا القديم فيه الغناء والقدرة والتجديد في شعره القديم وسبكه الجميل ووصفه البديع.
* مار رأيكم في المجلات الرياضية وصفحات الرياضة في الصحف وهل تعتقدون انها تخدم الرياضة الخدمة الحقيقية؟
- الرياضة «التربية البدنية» أولا: ان الغاية منها هو بناء الاجسام واستغلال الفراغ.. وأما صفحاتها التي تنشر في الصحف والمجلات المخصصة لها هي من هذا القبيل تخدم الصحة، وتوجه الرياضيين وتخدم اغراضهم في النادي والملعب.. وما من شك انها مفيدة ونافعة إذا استغلت الاستغلال الحسن ووجهت التوجيه الصالح. والتنافس الشريف فيها مما تدعو اليه الرياضة الصحيحة والتربية البدنية التي تربي الجسم ولكن هناك تربيات ورياضيات للآباء والاجداد لم أر الصفحات الرياضية والمجلات المعنية بها تشير اليها الا لمحات خاطفة، وهي العدو وركوب الخيل والسباق في ميادين مخصوصة لهذه الغاية وعلى كل فالمجلات والجرائد تخدم الرياضة والرياضيين.
* ما هي القضايا التي يرى سعادتكم ان من واجب صحفنا المحلية معالجتها باستمرار؟
- طبعا السياسة والأوضاع العالمية الراهنة نسمعها من الراديو والتلفزيون وهذا شيء طبيعي إذا ذكر موجزه في الصفحات الأولى.. ولكن الموضوعات الحية التي أرى أن تكون شيئا منشورا هي أمور كثيرة.. منها معالجة الرد على شبه المغفلين في ديننا الحنيف وشريعتنا الغراء.. ومنها الاكثار من الحديث عن القدوة من المصلحين والعظماء من أمتنا الاسلامية، والاشارة الموجزة المفصلة عن التاريخ الاسلامي والسيرة النبوية ليكون ذلك نبراسا لشبابنا الاسلامي في هذه البلاد والغوص في تاريخنا الحديث لبلادنا والافاضة عن الانجازات التي تمت في بلادنا ومقارنتها بالماضي، ذلك الماضي الذي كنا فيه شيئا معينا ونحن الآن في شيء معين آخر ووضع يختلف كل الاختلاف عن حالتنا الراهنة ونهضتنا المعاصرة.. وأرى ان تفند صحفنا مبادئ الغرب ونهدمها بمحاسننا.. وأرى بغوص شبابنا في مزايا الادب العربي ولغته العربية لغة القرآن هذه اللغة وهذا الأدب الذي كاد يترك على الجانب ويفصل فصلا نهائيا.. يكاد لا يكون له صلة بالادب الحديث الذي يحاول أدباء الغرب وعلماؤه وفلاسفته ان يضعوا حاجزا بين أدب اليوم وأدب الماضي وأن يضعوا برزخا بحيث لا يعرف شباب اليوم الا أدبا لا يمت الى القرآن ولا لغة العرب الفصحى وأدبها القويم بأي صلة من الصلات وأريد من صحفاتنا ان تأخذ من قصص القرآن وغيره قصصا تقف بالمرصاد لقصص الغرب هذه القصص التافهة التي أولع بها شبابنا وغزت مجتمعنا بصورة سافرة.. وأريد من صحافتنا ان تتبنى بكل قوة وشجاعة توجيه الشباب ليستعيد ثقته بنفسه وأن يعرف ان كل أمة لها أدبها وتقاليدها وعاداتها فلا يتجهون الى سواهم ولا يعشقون أدب وتقاليد وعادات أمة كل ما تريده ان تجذب الشباب اليها ليكون تابعا لها وعاشقا لتفاهاتها التي لا حقيقة فيها ولا جدوى من ورائها.. وأريد من الصحافة ان تكون قوية العزيمة والكلمة في توجيه رأس المال والاهابة به ليكون متجها الى التصنيع وايجاد الحركة المهنية لايجاد المصنع للسيارة والورق والسكر والملح والحديد والرصاص بحيث نستغني بخيرات بلادنا عن انتاج الآخرين الذي استولى على أسواقنا وأموالنا وأصبحنا لا نأكل ولا نلبس ولا نركب الا من صنعهم مع أن بلادنا اليوم مال ومادة وامكانيات هائلة تجعلنا امة عظيمهم تستغني بنفسها عن غيرها.. وأريد من الصحافة شيئا كثيرا لا يقدر عليه سواها.
* ما رأيكم في شعراء المملكة وهل تنظمون الشعر ومن ترشحون لإمارة الشعر في المملكة؟
- لست شاعراً ولا أحسن الشعر وان كنت أفهمه كما يفهمه غيري من القراء.
* ما رأيكم في الأدب والأدباء بشكل عام وهل تعتقدون ان أدبنا أقوى وإلى أي مستوى؟
- أدبنا قوى في كلا نوعيه شعراً ونثراً، ولكن حوافزه فاترة ودوافعه غير متهيئة والصحافة ذات امكانيات ضعيفة لا تغري الأديب ولا تمكن من اعتناق الادب والغوص في بحوره.
* ما الذي يعجب في صحافتنا السعودية، وما رأيكم في مستواها؟
- يعجبني من صحافتنا انها تحاول ان تسير الى الأمام، وان كان الخبر الخارجي فيها بارزاً.. فالاستطلاع الخارجي فيها هزيل ومستواها على العموم مشرف بالنسبة لامكانياتها المحدودة، وحبذا لو كانت منتشرة في ارجاء العالم العربي على الأقل.. وليت لصحافتنا مراسلين في الخارج، ومكاتب هناك للتوزيع والنشر.. ولجلب الخبر والصورة وللرد على ما يكتب عنا عداءً وللنقد فيما ينشر لديهم عنا وعنهم.
* ما هي فوائد القراءة والاطلاع في نظركم وكم كتاباً قرأتم وما أفضل الأوقات التي تقرأون فيها؟
- فوائد القراءة هي ان المرء يفهم الحياة فهما حقيقيا.. ومن لا يقرأ فكأنه ليس حيا.. والقراءة هي الزاد للعقل والفكر.. فما قرأته من الكتب فهو قليل وذلك المرهق ووقتي الضيق.. كمدير مدرسة.. أما أفضل الأوقات فهو كل فراغ لا يحيط بك فيه ما يقلق وما يجعل فكرك مشوشا ووقتك مشغولا.. وما من شك أن أنسب الأوقات لمن يسمح له الوقت فهو أول الليل وأول الصباح.
* متى يغضب سعادتكم؟ وما عيوبكم ومحاسنكم؟
- أغضب مع الأسف كثيرا عندما أرى شيئا معوجا يحتاج الى تقويم ولكني لا أصل الى المستوى الذي أفقد عنده شعوري ولا أعرف ما أقول.. وقد أنطق العبارات قاسية وعنيفة ولكنها لا تجرح ولا تؤذي ولكنها تنفذ الى قلب المغضوب عليه.. وقد يكون هذا الشخص صديقا وصاحباً.
أما عيوبي فهي كثيرة لا أحب أن أنشرها، وقد سترها الله، أما محاسني فلا أجد شيئا أفتخر به إلا انني أعترف بتقصيري وأحس بنقصي، والاعتراف بالتقصير والاحساس بالنقص فضيلة هي في نظري أسس المحاسن ورأس الفضائل.
* في ختام هذا اللقاء هل تودون ان توجهوا كلمة لأبنائكم الطلبة من خلال تجاربكم في حقل التربية والتعليم في بلادنا الحبيبة؟
- لا أوصيهم بشيء أكثر من أن يعملوا بدينهم ويعتزوا به ففيه العز والمجد والكرامة وان يقفوا من المبادئ الدخيلة وقفة صامدة تطيح بآراء الاعداء ودعاياتهم الفارغة وأن يكونوا لدولتهم ومعها في اعمالها البناءة وعدالتها الرشيدة، وأن يكون للعلم ومع العلم فمن تعلم ساد وبلغ المراد، وأصبح رجلا كاملا يُعتمدُ عليه في بناء بلده واصلاح مجتمعه وأسرته.
وأوصيكم بأن تستعملوا عقولكم في تدبر أحوال الآخرين وما هم فيه من نكبة ومصيبة ورزية وأن تحللوا هذه الامور وتفكروا فيها جيدا لتعرفوا الأسباب والمسببات التي أوقعتهم في هذه المصائب وأن تحمدوا الله على ما أنتم فيه من نعمة ونعيم، وأمن واستقرار لا يحظى به أحد في هذه المعمورة.
ولا شك اننا محسودون عليه لهذا حافظوا عليه واعملوا الأسباب التي تثبته وترسخه، والله ولي التوفيق.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved