Saturday 29th march,2003 11139العدد السبت 26 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
أمريكا الجميلة «2/2»
رقية الهويريني

لقد فتنتنا حضارة أمريكا سحر الغرب بشعبها المتحضر بمحافظته على وقته ونظامه وابتسامته حتى كدنا نقول انهم مسلمون دون إسلام! وأصبح الحصول على عقد وظيفي معهم مكسباً فضلاً عن انه يشعرنا بالفخر والزهو! هذا عدا منتجاتها التي نبرر لأنفسنا شراءها بأغلى الأثمان لجودتها، فيكفي ان تكون «made in U.S.A» لنقبل على شرائها. وحين لمست حاجة العرب لمنتجاتها أغرقت أسواقنا حتى أصبحت حالياً موئلاً لنفاياتها من السيارات المستعملة ومنتجاتها الخاوية وما سواها، وما زلنا نتهافت على شرائها إلى أن كشّرت لنا عن أنيابها المفترسة فتقهقرنا للخلف وأعدنا حساباتنا. فما تمويل هذه الجيوش والمعدات العسكرية إلا من استهلاكنا نحن العرب، فنحن أصبحنا ننتمي لثقافة أمريكا التي تمجد الاستهلاك!!
إن عظمة أمريكا، والإنجاز الذي حققته في المجال التكنولوجي والمعرفي من تفوق صناعي وازدهار اقتصادي وقوة عسكرية جبارة لا يبرر لها زرع الخوف في قلوب الشعوب المستضعفة وإلقاء القنابل المحرقة على أراضيها، واستنزاف قدراتها، مهما كانت المبررات، التي لا تعدو كونها تلذذاً بالانتقام فحسب لعدم مشروعية ما تقوم به من حشد لجيوشها على بوابات دول العالم في توطئة صريحة و«سمجة» لغزوٍ استعماري صارخ بدعاوى واهية لم ولن تنطلي على شعوب العالم بفئاته الجغرافية والاقتصادية.نحن حقيقة لا نكره أمريكا «الأرض» ولا أمريكا «الشعب» ولكننا نرفض التصرفات السياسية الظالمة التي تتنافى مع أبسط الحقوق الإنسانية والأنظمة الدولية، وانفرادها بتوصيف الشعوب وتصنيفها حسب الكاتلوج الأمريكي وإصدارها حكم التبرئة والإدانة حسب منظورها الخاص وإلا فبأي لغة يمكن أن يفهم أن الشعب الفلسطيني «إرهابي»؟! وتدفع المليارات لاسرائيل لمساعدتها على قمع الانتفاضة؟؟!! إلا أننا ما زلنا عرباً ومسلمين نرتئي من الشعب الأمريكي «بالذات» الضغط على قيادته بالتوقف عن السعي لتفتيت الأمة الإسلامية، وتقويض أمنها، وإدخال الرعب في قلوب أبنائها، بما سيعود بالكراهية ومطالب الانتقام بكل ما هو أمريكي، لأننا نعلم ان الشعب الأمريكي منفتح ويتقبل الحقائق الموضوعية، لاستناده إلى ثقافة لا تشجع العنف، كما انه يرفض الحروب النفسية وقهر الشعوب وإذلالها، فهو ينتقد بشدة سياسة بلاده المعتمدة على الصلف العسكري، ورصدها الميزانيات للتجهيزات العسكرية التي أثبتت قصورها عندما لم تستطع توفير الأمن للشعب الأمريكي حينما استهدف برجا التجارة! برغم وصول المخصصات لقوات المارينز «5 ،1» بليون دولار، وسلاح البحرية «20» بليون دولار، فيما بلغت ميزانية الجيش «30» بليون دولار، و«30» بليوناً أخرى للقوات البحرية! وأفراد الجيش يتدربون على «3000» هدف عسكري حول العالم! أليس الشعب الأمريكي أولى بهذه الأموال بدلاً من رفع الضرائب؟!إننا بحق لا نطمح لحضارة تؤدي إلى نكسة، والأنموذج الأمريكي بات آيلاً للسقوط بين لحظة وأخرى!! ومهما كانت أمريكا تمثل لدينا جمال الطبيعة، وبهاء الحضارة، ومهما فتنتنا بسحرها وإغراءاتها، وبهرتنا بتقنياتها، وبشعبها الذي يرمز لحسن التعامل ودقة النظام، فإنها أصبحت تمثل لنا على جانب آخر الوحشية، والجبروت.

ص ب 260564 الرياض 11342

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved