Saturday 29th march,2003 11139العدد السبت 26 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

اقتصاد الأزمات اقتصاد الأزمات
عبد الرحمن بن علي الجريسي (*)

تمثل الحروب العسكرية والتوترات بجميع أنواعها مناخاً ملائماً تنتكس بسببها برامج النهوض الاقتصادي والاجتماعي والإنساني عموماً، التي يجتهد المخططون وأصحاب الأفكار المبدعة في صياغتها ورسمها، وتسود من تلقائها أيضا حالة من الجمود والركود وتشهد المجتمعات تراجعاً ملحوظاً في جميع أنشطتها، ذلك لأن الحرب تأتي دائماً في موقف الضد لكل نشاط إنساني تنموي. وليس من شك في أن الحرب الدائرة رحاها الآن على مشارف منطقتنا ستؤثر سلباً ليس فقط على مسار خططنا الطموحة في المجالات كافة وإنما أيضا على مسيرة الاقتصاد الإقليمي والدولي إجمالاً بحيث يصعب التعافي من تداعياتها ومآلاتها المؤسفة من دون بذل الجهد الضروري والمضاعف من الجميع .. والشاهد الآن أنه وحتى من دون نشوء هذه الحرب، فإن هناك تراجعاً منظوراً في النشاط الاقتصادي العالمي والإقليمي.
ومن المعلوم أن كل قصور اقتصادي يكون مدعاة لمزيد من الأسى الإنساني الذي يأخذ تعبيرات مختلفة وتتجلى مظاهره للعيان دائماً وبما يكاد يخل بموازين القوى الاقتصادية على كوكب الأرض ومسارات الخطط وبرامج التعاون والتكامل الاقتصادي التي راحت تلوح في الأفق والتي يمكن الإشارة إلى بعضها مثلا بالعولمة الاقتصادية.
والأزمة التي نحن بصددها الآن، وجدت لها في الاقتصاد ملاذاً يحتوي إفرازاتها إذ يسميها البعض ويعنون لها بحرب النفط أو بالحرب من أجل النفط ومن دون أدنى شك فإن لأطراف تلك الحرب حساباتهم الدقيقة والصاخبة وان استترت وراء لافتات أخرى، و هذه الحسابات تفرض بالضرورة القصوى علينا جميعاً التفكير العجل لتغيير، ليس فقط، خططنا الآنية، وإنما ربما تغيير بنية تفكيرنا الاقتصادي من أساسها .. وهنا يكون للمخططين والأكاديميين في الشأن الاقتصادي وغيره دور مهم ورئيس في المرحلة المقبلة.
ونستطيع القول: إن ماكنا نناديها بمرحلة الطفرة والازدهار على مستوى الداخل أو بمرحلة الانتعاش الاقتصادي على المستوى الأوسع قد تراجعت حظوظهما وإن بمستويات متباينة وأن الجميع مقبل على فترة «بيات شتوي» يصعب التكهن بما يمكن أن ينتهي إليه .
صحيح أننا في المملكة نملك اقتصاداً جديراً بالاعتراف بقوته وقدرته على امتصاص الأزمات والعبور فوقها لكن الصحيح أيضاً أن النفط يمثل المكون الرئيسي لهذا الاقتصاد، ولو أننا استشعرنا خطورة ما يمكن أن تقود إليه الأزمة الحالية، وأحطناها بالاكتراث الكافي، حكوميين ومواطنين، لأمكننا تجاوز مأزقها ومن ثم التأسيس لمستقبل أكثر قوة وتمنعاً .

(*)رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved