Saturday 29th march,2003 11139العدد السبت 26 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آتً لما هو آتً
قراءةٌ جديدةٌ لوجه المدن!
خيريَّة إبراهيم السَّقاف

المسلم يعلم بأن الابتلاء كلَّما امتدَّ واشتدَّ... فإنَّ الرحمة مرتقبة...
وأنَّ الابتلاء محكٌّ، إمَّا للصَّبر، أو التَّطهير، أو الامتحان، وكلُّ ذلك للمسلم خير...،
وإنَّ مؤشرات الذنوب أنواع من الابتلاءات، لعلَّ مثل هذا الذي يحدث تكفيرٌ وتطهيرٌ... لذلك كانت الدعوة: «اللَّهمَّ لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منَّا» ذلك لأنَّ الشرَّ يعمُّ، أمَّا الخير فمحدودٌ محصورٌ...، وتلك البلدة الفاسد أهلها، ونالها نصيبٌ من دعاء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لأنَّ بها «رجالاً رُكَّع ونساءً خُشَّع وأطفالاً رُضَّع».... لذلك فإنَّ الدعاء هو حصانة المدن برحمة اللَّه عند الإجابة، عمَّا ينزل من عقوبات فساد المفسدين فيها... ولكن أيُّ فسادٍ؟... أليس الإنسان المسلم في هذا الزَّمن فرَّط في صغير أموره كما فرَّط في كبيرها؟ فرَّط في ضوابطه القلبيّة والفكريّة والسلوكيّة؟ فاختلطت في صدره نواياه، وفي عقله أفكاره، ولم يعد سلوكه ينمُّ عن «إسلاميَّة» صادقة لا شكلاً ولا جوهراً؟ بما لو أردنا أن نبسطه احتاج إلى أسفار وأسفار؟...
أليس اللَّه تعالى يُمهل ولا يُهمل؟... أليس اللَّه واعداً بالرَّحمة كما هو تعالى واعدٌ بالعذاب؟ أليس العذاب في الدنيا هو دليل لعدم رضاء اللَّه تعالى على تفريط الإنسان؟ بمثل ما سيكون في آخرته؟ وفيما يكون بلاء وابتلاءات الحياة فرصةً للتكفير والعودة للجادَّة يكون في الآخرة حساب ونتائج؟...
فلماذا لا تُقرأ نكبة العراق الآن... ووجه المدن فيها يصطلي ناراً ودماراً... ورعب الفتك يرسم وجوه الناس حسرةً وسؤالاً... بشكل آخر؟ لماذا لا نسترجع أخطاءنا الصغيرة والكبيرة كمسلمين ونسأل اللَّه تعالى أن يجعل من هذه النَّكبة ابتلاءَ صبرٍ للصادقين من المؤمنين، وتكفيرَ ذنوبٍ للخطَّائين منهم، ولا يؤاخذهم بما فعل السَّفهاء منهم؟. ثمَّ ألم تمسّ هذه النّكبة نفوسنا وقلوبنا ونحن المسلمون الذين نُمثِّل الجسد الواحد الذي «إذا شكا فيه عضو تداعت له كافَّة الأعضاء بالسهر والحمَّى» كما قال سيِّد البشر عليه أفضل الصلاة والتسليم؟ فما يكون من أمر هذا الذي نعيشه من القلق والألم بل الحَنَق والغضب سوى جزء ممَّا يعاني منه المسلمون هناك؟ فلماذا لا يكون جزءٌ من الابتلاء لترهيب الضَّال منَّا؟... وتذكير السَّاهي فينا؟.... أفلا يكون وجه المدن في كلِّ بلاد المسلمين المنكوبة بالنار والعذاب والحرب والدمار فرصةً لعودة صادقة لمحاولة تكفير الذنوب...، وتطهير النُّفوس...، وتقويم السلوك؟... فاللَّهمَّ أجعل من كلِّ ابتلاء سانحة توبةٍ للمسلمين ورفع درجات وزيادة في قدرة الصّبر على رَهَق الحياة. وارفع بدعاء كلِّ مؤمنٍ عن العراق وفلسطين وكافَّة ديار المسلمين الظلم والشرَّ والنار والحرب آمين، واحفظ كلَّ من شهد لك بالوحدانية وأناط بك حسن الظنِّ وحرص على مرضاتك يا سبحانك لا إله إلاَّ أنت.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved