Saturday 29th march,2003 11139العدد السبت 26 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

ماذا بعد بغداد؟ ماذا بعد بغداد؟
بقلم باتريك بوكانان(*)

صدرت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية وهي تحمل على صدر صفحتها الأولى عنوانا يقول «مفكرو بوش يعيدون تشكيل العالم»، ووصفت القصة تفاصيل الاحتفال بالنصر الذي نظمه معهد «أمريكان إنتربرايز إنستتيوت» الأمريكي للأبحاث صباح انطلاق القوات الأمريكية لاجتياح العراق، وقد كان من بين المشاركين في هذا الافطار الاحتفالي رئيس تحرير مجلة «ويكلي ستاندرد» لسان حال المحافظين الجدد وريتشارد بيرل رئيس مجلس سياسات الدفاع بوزارة الدفاع الأمريكي - الذي استقال يوم أمس - ومايكل ليدين مؤلف كتاب «سادة الإرهاب».
ومن المؤكد أن هؤلاء الحضور قد تحدثوا باستخفاف عما ستقوم به الولايات المتحدة في الأيام القادمة مع الفرنسيين والألمان والإيرانيين والسوريين والأمم المتحدة بعد أن ينتهوا من العراقيين.
وقد ندد كريستول بفشل الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب في الدخول إلى عاصمة العراق بغداد أثناء حرب الخليج الثانية عام 1991، وقال كريستول أن هذا أدى إلى «عدم إصابة العرب بالرعب» بكل أسف.
أما ريتشارد بيرل فقد قال مازحا ان عدد المشاركين في المظاهرات المناهضة للحرب في سان فرانسيسكو بأمريكا تفوق عدد العراقيين الراغبين في الدفاع عن بلادهم! أما ليدين فقال إن ألمانيا وفرنسا قد وصلتا إلى مستوى هابط بدرجة تثير الاشمئزاز بمساندتهما لأنظمة حكم ديكتاتورية.
ثم انتقل الرجل إلى حديثه عن الحاجة إلى «حرب أطول». وقال كريستول أنه يجب فصل ألمانيا عن فرنسا ولكن هذه المهمة تحتاج إلى ذكاء دبلوماسي يفوق ما يمكن أن نتوقعه من جانب وزارة الخارجية الأمريكية. وعندما قال بيرل إن أمريكا لا تنتقم ولا تتحرك بنزعات ثأرية رد عليه ليدين قائلا: إنه فيما يخص فرنسا يتمنى لو انتقمت أمريكا منها فعلا. فماذا قال بروك عن هذا؟. قال إن هناك إمبراطوريات عظيمة تحكمها عقول صغيرة.
ولكن من كل هذا تثور أسئلة مهمة على الرئيس بوش أن يجيب عليها على الفور، إلى أين ستذهب أمريكا بعد العراق؟ إيران هي الهدف المفضل لرئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون الذي يبدو أنه يشعر بقدر من الإحباط لأنه لم توجه إليه الدعوة في تحديد أهداف الضربة الجوية الأمريكية ضد العراق.
ورغم كل شيء، فإنه بمجرد تنصيب حاكم أمريكي في بغداد فإن إيران ستكون قد وقعت تحت حصار عسكري أمريكي من كل الجهات تقريبا. من سيكون حليف أمريكا في الحرب المنتظرة القادمة بعد العراق ؟ هل هو توني بلير الذي شارف على الموت السياسي بسبب تحالفه مع أمريكا في الحرب ضد العراق؟ وهل بوش مستعد لمواجهة كل هذا في الوقت الذي أدت حربه ضد العراق إلى انتشار مشاعر العداء لأمريكا في كل أنحاء العالم؟ المرشح الاخر للحرب الوقائية الأمريكية التالية هي كوريا الشمالية. ولكن مقارنة بيونج يانج عاصمة كوريا الشمالية بطهران تجعل طهران مجرد حديقة غناء والحرب ضدها نزهة، ولكن المشكلات مع كوريا الشمالية صعبة ومدمرة فعلى الرغم من أن كوريا الشمالية قد لا تمتلك أسلحة نووية ولكنها تمتلك بالتأكيد مئات الصواريخ التي تستطيع حمل الموت والخراب إلى كوريا الجنوبية واليابان ولديها 11 ألف قطعة مدفعية تستطيع أن تصب نيرانها على عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين المتمركزين في كوريا الجنوبية فتحولهم إلى أشلاء في يوم واحد.
بالإضافة إلى ذلك فإنه لا يوجد أي تأييد سياسي للمواجهة مع كوريا الشمالية من جانب روسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية. وما يواجهه الرئيس بوش حاليا أشبه ما يكون بلعبة شطرنج على الكمبيوتر. فقد تمكن بوش من الإطاحة بنظام حكم حركة طالبان بدون خسائر تقريبا. وانتقل إلى الإطاحة بصدام حسين بعد حشد ربع مليون جندي لتحقيق هذا الهدف. فماذا سيحتاج بوش لكي يطيح بحكام كوريا الشمالية وإيران أو بكليهما؟ هل يمكن أن يقتنع الأمريكيون بأن هذه الدول لها أي علاقة أو دور في هجمات الحادي عشر من سبتمبر حتى يمكن الإطاحة بهم لكي يعيشون في أمان؟ وهناك أيضا تعهد من جانب بوش لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير بإجبار رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون على خريطة الطريق لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. فهل يستطيع بوش احترام هذا التعهد إذا ما رفض شارون؟ وماذا سيفعل بوش وإدارته إذا ما قرر الأتراك أن مصالحهم الحيوية تتطلب عدم قيام دولةكردية مستقلة في شمال العراق وهو ما يتطلب تواجد عسكري تركي دائم في هذه المنطقة؟ إذاً فالقرارات الأشد صعوبة سوف تأتي بعد سقوط بغداد - هذا إن سقطت- إذن فالسيناريوهات التي وضعها رجال معهد «أمريكان إنتربرايز انستتيوت» وهم يتناولون إفطارهم لم تنضج بعد.

(*) مرشح رئاسي سابق وأحد أشد منتقدي معسكر المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية - المصدر: «وورلد نت ديلي»

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved