Sunday 30th march,2003 11140العدد الأحد 27 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بلير في مهب الريح بلير في مهب الريح
اندرو ستيفن (*)

  تتوالى استقالات كبار المسئولين في وزارة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير احتجاجا على سياسته تجاه العراق، والحقيقة أن رئيس الوزراء البريطاني يواجه أزمة حقيقية في الداخل في الوقت الذي أصبحت فيه الحرب ضد العراق مؤكدة، فقد قال بلير في قمة جزر الأزور الثلاثية التي ضمته مع الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء الاسباني خوسيه ماريا أثنار في السادس عشر من مارس الجاري أنهم وصلوا إلى وقت اتخاذ القرار، ولكنه كان في الوقت نفسه وقت اتخاذ القرار من جانب واحد من أقدم الوزراء في حكومة بلير العمالية وهو وزير الشئون البرلمانية روبن كوك الذي تقدم باستقالته في السابع عشر من مارس، وتمثل استقالة كوك الذي كان وزيرا سابقا للخارجية وزعيما للأغلبية العمالية في مجلس العموم دليلا على عمق الأزمة الداخلية التي يواجهها بلير.
والآن وقد تخلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية عن الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة العراقية فقد أصبحت الحرب حتمية، وبلير يواجه خروج عدد كبير من أعضاء حكومته احتجاجا على هذه الحرب، وبلير يدرك بالتأكيد حجم المغامرة التي يقبل عليها.
والحقيقة أن حكومة بلير كانت تواجه في الماضي انتقادا بأنها صعبة جدا في الاستجابة للرأي العام، ولكن بلير يؤمن أن موقفه بالنسبة للأزمة العراقية صحيح تماما، وأن دعمه للرئيس الأمريكي جورج بوش غير قابل للمساومة رغم أنه غير مقبول شعبيا، وقد اضطر بلير خلال الفترة الأخيرة إلى الظهور العلني كثيرا بهدف مواجهة منتقديه وإقناع الرأي العام بموقفه، ولكن الرجل واجه في الكثير من اللقاءات التلفزيونية التي شارك فيها جمهورا معاديا بصورة كبيرة، ومع ذلك فإن بعض أشد منتقديه أشاروا إلى جهوده لإيجاد حل جماعي لهذه الأزمة والرغبة الأمريكية في التحرك العسكري، ورغم أن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى احتمالات تحول الرأي العام البريطاني إلى تأييد الموقف الحكومي،فإن الغالبية العظمى من البريطانيين مازالت تعارض الحرب بدون قرار من الأمم المتحدة يسمح باستخدام القوة.
وفي استشارة قانونية علنية نادرة الحدوث قدمها المدعي العام البريطاني لورد جولد سميث في السابع عشر من مارس الحالي قال ان التفويض بهذه الحرب يأتي من القرار رقم 1441 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في نوفمبر الماضي بالإضافة إلى قرارين سابقين صدرا أثناء حرب تحرير الكويت عام 1991، ولكن اللورد جولد سميث لم يوضح ما إذا كان قد نصح بلير بأن الفشل في الحصول على قرار ثان من مجلس الأمن يمكن ان ينسف الموقف الشرعي لهذه القضية.والحقيقة أنه بعيدا عن التكييف القانوني للموقف البريطاني فالمؤكد أن بلير سيدفع ثمنا سياسيا باهظا لهذه التبعية لأمريكا، فكبار مسئولي حكومته يستقيلون والمعارضة له داخل حزبه تتصاعد.
والحقيقة أن بلير يراهن داخل مجلس العموم على تأييد أعضاء حزب المحافظين المعارض وهو أمر غريب يجعل بلير وكأنه ضد مبادئ حزبه، ففي التصويت الماضي على مذكرة حكومية تجعل من الحرب ضد العراق ضرورة عارض 121 من أعضاء حزب العمال المذكرة ولم تمر من المجلس إلا بدعم المحافظين، ولذلك فإن بلير سيواجه مهمة صعبة لاستعادة وحدة حزبه، وربما ما يشجع بلير على موقفه هو تأكده بأنه لا يواجه مصاعب حقيقية على المدى القصير خاصة وأن حزب العمال مازال يحظى بشعبية كبيرة في ضوء استمرار انشغال حزب المحافظين المعارض بمعاركه الداخلية، كما أنه لا يوجد حتى الآن منافسون حقيقيون لبلير من داخل حزبه، فالمنافس الوحيدله داخل الحزب وهو وزير المالية جوردون براون ألقى بثقله كله خلف بلير في هذه القضية.
ولكن مصير بلير على المدى الطويل سيتوقف بصورة كبيرة على تطور الصراع العسكري، فإذا كانت الحرب قصيرة والخسائر قليلة نسبيا ونجحت في الاطاحة بصدام حسين لتحل محله حكومة ديموقراطية نوعا ما فقد يتحسن موقف بلير بصورة كبيرة، ولكن مع ذلك فإن هناك عدداً من القضايا التي ستحتاج إلى تسوية مثل مصير الأمم المتحدة ومستقبل بريطانيا في أوروبا التي تعرضت للانقسام على خلفية الأزمة العراقية.ثم ماذا لو سارت الحرب على غير هوى بلير؟ من المؤكد أن هذا سيكون ضربة قاصمة لقيادة بلير.

(*) عن مجلة «الإيكونوميست »خدمة الجزيرة الصحفية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved