من أفواههم ندينهم.. وبأقلام الصحفيين الأمريكيين والإسرائيليين تأبى الحقيقة إلا أن تعبر عن نفسها متجاوزة كل «ضوابط» الانحياز وحتى الخوف من عدم إرضاء جنرالات أمريكا وإسرائيل وقد أراد صحفي أمريكي أن يستطلع آراء الجنود في مهمتهم بالعراق فاكتشف وكشف مدى رعب قوات المارينز «قوات النخبة الأمريكية» من المقاومة العراقية واستبسالها وصمودها، فلم يتردد في إرسال تقريره الصحفي إلى جريدته، فانزعجت «البنتاجون»، وقررت السبت 29/3/2003م ترحيله من أرض المعركة، وذلك بحجة أنه عرَّض حياة وحدة عسكرية أمريكية للخطر!!
الصحفي هو «فل سموكر» مراسل صحفيتي «كريستين ساينس مونيتور» الأمريكية ومقرها بوسطن، و«دايلي تليجراف» اللندنية.
وقال متحدث باسم البنتاجون - هو القومندان تيم بلير -: إن صحفياً متنقلاً مع المارينز هدد أمن وحدة عسكرية أمريكية بسبب إدلائه بتعليقات لمحطة «سي. إن.إن» صباح الأربعاء الماضي، وتمت إعادته إلى الكويت يوم الخميس 22003/3/7 والمعروف أن «البنتاجون» قد جلبت حوالي 600 مراسل مع الوحداث العسكرية في العراق.
من جانبها قالت صحيفة «كريستين ساينس مونيتور» في تقرير لها السبت 29/3/2003م تحت عنوان «سموكر خارج العراق» : إنها شعرت بخيبة أمل بعد أن تم ابعاد مراسلها، لأن لديه خبرة كبيرة كمراسل عسكري، مشيرة إلى أنه أعطى للجريدة مجموعة اضافية من القراء المتميزين من خلال تغطيته للأحداث، موضحة أن مراسلها يعرض نفسه للخطر طوال الوقت، اضافة إلى أنه كان مراسلهم في كل الحروب السابقة في: أفغانستان، وكوسوفو، والبوسنة، مؤكدة أنه محرر عالمي.
وأشارت الصحيفة نفسها إلى أن مراسلها كان يرافق القوات الأمريكية منذ خروجها من الكويت صوب العراق الخميس 20/3/2003م لكنه لم يكن لديه تصريح من الجهات الأمنية الأمريكية، لكنه هو ومصوره الصحفي آندي نيلسون توجها إلى بغداد بحماية ذاتية، منطلقين من إحساسهما بأهمية عملهما.
وحول إدلاء سموكر بحديث لشبكة «سي.إن.إن» قالت الصحيفة: إن مراسلها لم يقل غير الحقيقة، وهو أن القوات الأمريكية كانت تشعر بالرعب من المقاومة العراقية.
وذكرت الصحيفة أن آخر تقرير تلقته من مراسلها كان صباح الأربعاء 26/3/2003م مرفقاً بالتقرير صورة من رفيقه المصور آندي نيلسون، وهي لبقايا رفات جندي أمريكي قتل في الطريق لبغداد، وهي الصورة التي أدت إلى إبعاد المصور هو الآخر.
وفي شهادة أخرى.. وهذه المرة من كاتب إسرائيلي هو أورلي أزولاي كاتس في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الذي لا يكنّ أي حب أو تأييد لصدام حسين أو تعاطف مع العراق إلا أن الحقيقة لا يمكن تغطيتها.. إذ يقول هذا الكاتب إن المجتمع الأمريكي بدأ يتعب من الحرب، وإذا لم يحدث تغيير دراماتيكي سريع فإنه سيبدأ في مقتها ورفضها.
ففي اليوم الذي بدأت فيه محطات التلفزة ببث صور الأسرى الأمريكيين وجثث المقتولين منهم قام بوش بعقد اجتماع لمستشاريه المقربين لتقييم الوضع، وأدرك البيت الأبيض أن هذا قد يكون نقطة تحول في الرأي العام.
أمريكا أمّلت بخوض حرب قصيرة وبارعة ولامعة وذكية وجميلة، ولكن صور الجثث المقطعة والرعب الذي برز في عيون الأسرى حملت معها الأسئلة، والأسئلة هي مسألة صعبة، فوسائل الإعلام التي كانت منصاعة حتى ذلك الحين واستجابت مثلاً لطلب وزير الدفاع، دونالد رامسفيلد، بعدم بث الصور التي تمس بالمعنويات القومية أفاقت واستيقظت.
صور النساء العراقيات الباكيات على أنقاض البيوت دخلت كل بيت وكل شبكة إعلامية وجاءت في يوم الأربعاء مشاهد السوق الشعبية في بغداد حيث سقط صاروخان على الأقل فقتلا 15 مواطناً جاءوا للتزود بالأغذية بين إنذار وآخر.
تحت كل قنبلة ذكية يوجد بيت، وليس كل بيت متضرر هو موقع عسكري أو حكومي، المواطنون الأبرياء وبينهم الأطفال شرعوا بتعبئة شاشات التلفزة وهم ينزفون في المستشفيات أو يجمعون أغراضهم من بين الأنقاض التي كانت منازل لهم ذات يوم.
رعب الأسرى الأمريكيين وترويع المدنيين العراقيين اختلط واحداً بالآخر وزاد من الهم والغم، المحللون بدأوا يتحدثون عن أعراض فيتنام العائدة، عملية «الصدمة والرعب» تحولت إلى خطة حرب ليوم واحد وأعيدت للجوارير.
الأوامر التي صدرت من البنتاغون في ضوء تعليمات واضحة من البيت الأبيض: القصف ولكن بصورة أقل، والإشعال ولكن بمستوى أقل، وهذا يحدث من قبل أن يصلوا بعد إلى قلب بغداد وإلى بغداد وإلى معارك الشوارع من بيت إلى بيت ومن باب إلى باب، ومن قبل أن يلتقي الجنود الأمريكيون وجهاً لوجه مع الحرس الجمهوري والوحدات العراقية المختارة.عندها ستبين الحقيقة التي لا يستطيع اخفاءها أحد والتي حتماً ستصيب أمريكا بمقتل..
|