Saturday 5th april,2003 11146العدد السبت 3 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الجماعة والأنصار والسنّة والشيعة في الحرب الأمريكية الجماعة والأنصار والسنّة والشيعة في الحرب الأمريكية
عبدالعزيز المهنا

دخلت الولايات المتحدة الأمريكية قضايا الشرق المعقدة في عام 1942م وعندما انتقلت مكاتب الحركة الصهيونية إليها - ولم يكن هناك تلمذة سياسية كافية للتعرف على حقيقة الوضع في الشرق وأين تقع المصلحة الأمريكية فيه. فكان اليهود هم الذين تولوا عبء التدريس والتوجيه في الوقت نفسه ورفضت الرجالات الأمريكية التي تم تصنيعها للقيادة في الحزبين الكبيرين أية مشورة من المستعمر السابق.. بريطانيا..
في الحرب الأمريكية ضد العراق بانت إمارات الجهل وعلاماته في المفاهيم الأمريكية للشرق.. ففي كردستان العراق هناك فئتان، الجماعة الإسلامية، وجماعة أنصار الإسلام وقد أوصى الحزب الوطني الكردستاني القوات الأمريكية بأن تثأر له من خصمه اللدود - أنصار الإسلام فلم يكن لدى الأمريكيين أدنى معرفة بالأكراد فوجدوا أن هناك جماعتين تتفقان في الاسم وكان الحل اتخاذ قرار سريع دون الحاجة إلى البحث والتنقيب، لذا تم قصف الجماعتين وإبادتهما، ولم يجد الأكراد بداً من التسليم لهذا القضاء المحتوم فاتجهت فرق الحزب الكردستاني لاحتلال التلال والقضاء على ما تبقى من الأنصار ولم يعد هناك داعٍ من الاعتذار في الأصل.
أما السنّة والشيعة والأمريكيون سبق أن عرفوا من رؤساء الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من شمعون بيريز وبنيامين نتنياهو.. ويهود باراك وأيريل شارون.. إن الشيعة هم تلك الفئة الاعتقادية المشابهة لحزب الله في جنوب لبنان.. فهم على حسب التعريف الإسرائيلي يمجدون آل البيت العلوي ويقيمون على الأضرحة والمزارات.. وكان هذا التعريف كافياً بالنسبة للجيش الأمريكي الذي سيضرب الشيعة ثأراً للقتلى اليهود في جنوب لبنان، وقضاء لحاجة في نفس جورج بوش أيضاً.. ذلك أن الشيعة لهم صلة بإيران الضحية القادمة.
ضربت الطائرات منطقة الأعظمية في بغداد واستمرت في قصف أحياء البصرة.. ولكن كانت المفاجأة أن قصف بغداد نال أحياء سنية لذا سارع سلاح الطيران الأمريكي لقصف منطقة الكاظمية الشيعية لكي تكتمل أركان معادلة الموت.
لقد ضمنت الولايات المتحدة عداء أزلياً في الشرق العربي والعالم الإسلامي كله بفضل التلمذة التي لم تكن مكتملة من حيث المعلومة القادرة على تأصيل حب الدولة الأعظم، فكل دول الشرق الأوسط تسعى لامتلاك التقنية العسكرية ليس فقط للدفاع عن نفسها ولكن لتصفية ذلك الحساب الذي بدأ منذ الآن.
لقد كان من الأصلح للأمريكيين لو وضعوا قوتهم العسكرية الهائلة تحت تصرف بريطانيا في أثناء إدارة الحروب في المناطق العربية فلدى بريطانيا في معرفة كاملة بالخريطة الجغرافية والتوزيع السكاني العشائري في سائر أقاليم الوطن العربي ولهم معرفة أساسية باليهود ومطالبهم وطريقة التعامل معهم.. كما أن لدى بريطانيا في شبه القارة الهندية ومنطقة فارس الكثير من وسائل المعرفة وطرق التعامل.
لقد نمت القوة الأمريكية بسرعة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ودخلت في قضايا شعوب لا تعرف عنهم أي معلومات تؤهلها من رسم استراتيجية تخدم السياسة الأمريكية على مر القرون.. كما هو الحال بالنسبة لبريطانيا التي عاشت امبراطوريتها زمناً طويلاً يقاس بالقرون وما زال للإنجليز ولاء في الكثير من مناطق آسيا.
إن التفوق العسكري والتقني وامتلاك أسلحة التدمير لم تساعد اليابان ولا الهولنديين من قبل لبناء امبراطوريات أو ولاءات في الشرق، كما أن العنف والقتل والحرق لم يساعد البرتغاليين في بسط النفوذ على مناطق صغيرة في الخليج العربي.. ليس هناك من رابح في سياق بناء الأمبراطوريات سوى العرب والعثمانيين والإنجليز، إضافة إلى عامل الفرس واليونان والروم قبل الميلاد أما الأمم الإخرى فقد كانت متبلدة في فهم ما حولها من أحداث.
إن القوة الأمريكية لن تدوم طويلاً إذا استمرت في هذا المسار فالعمر الزمني للإمبراطوريات يعد بالقرون الا بالعقود وحيال هذا التصرف الأمريكي في منطقتنا فإن القوة الأمريكية لن تدوم أكثر من عشر سنوات عندئذ سوف ينتهي نفوذها من الشرق للكامل إذ ستقرر الكثير من الدول شبه الصناعية أن تعيش وسط الحقائق، فهاهي كوريا الشمالية تقرر من الآن لن تستقبل فرقة التفتيش وأكدت في بيان رسمي أن سبب خسارة العراق سماحه للمفتشين بدخول أراضيه ذلك أن أسرار الدول يجب أن تكون حكراً للقادة والنخبة دون العامة فكيف بالأجانب.
الولايات المتحدة تتجه لفشل أكبر من السنوات القادمة بالرغم من أننا في منطقة الخليج.
كنا ننظر فيهم الحليف الأوحد والآن وقد فرقوا بين دول الخليج وأزاحوا عن وجه جديد من التعامل ظهر من خلاله تسلط الصغير على الكبير في منطقة الخليج فكيف تأمن دول المنطقة على مسقبلها في ظل هذا التعامل وأين هي الشراكة الحالمة في المستقبل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وكيف يستطيع القطاع الخاص السعودي والأمريكي النمو في ظل النوايا الضبابية في السياسة الأمريكية.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved