Saturday 5th april,2003 11146العدد السبت 3 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

حقيقة الغزو! حقيقة الغزو!
سيدهارث فاراداراجان ( * )

بصرف النظر عن مناظر الانفجارات المرعبة التي نشاهدها في سماء بغداد أو مناظرالوجوه الحزينة للمدنيين الذين يتعرضون للقصف العشوائي بحجة تحريرهم أو حتى المقاومة الباسلة للعراقيين، فإن الصورة التي لفتت انتباهي كثيرا خلال العدوان الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية على العراق ظهرت في أم قصر خلال الايام الاولى، حينما أعلن متحدث باسم القوات الأمريكية بأنه قد تم تأمين هذا الميناء العراقي الهام، وقد ظهرت حقيقة الاجتياح الأمريكي عند إنزال العلم العراقي ورفع العلم الأمريكي مكانه بسرعة، وبما أن الحرب تهدف إلى تحرير العراق وليس إلى احتلاله، فإن رفع العلم الأمريكي يبعث على القلق مما ستخبئه الأيام لهذا البلد ومنطقة الشرق الاوسط بشكل عام، الأمر الذي أثار قلق وزير الدفاع البريطاني جيف هون ودفعه للتشاور مع نظيره الأمريكي لمنع تكرار هذا المشهد ثانية.
إذا تمت الإطاحة بصدام حسين، سيتم إدخال الشركات الأمريكية النفطية لكسب السيطرة على مخزونات النفط العراقي من مرحلة الاستخراج وحتى مرحلة التسويق، ويمكن للولايات المتحدة الأمريكية حينئذ إعاقة استثمارات الشركات النفطية الروسية والفرنسية والصينية.
وأخيرا، فإن السيطرة على تجارة النفط العالمية سيساعد على حماية وضع الدولار المهيمن مقابل العملات المنافسة الأخرى على المدى الطويل كاليورو. ولكن هدف هذه الحرب ليس النفط فحسب، وإنما توطيد دعائم الهيمنة الأمريكية على العالم والتي من المحتمل أنها ستمر بتغيرات اقتصادية واستراتيجية أساسية في العقود القليلة القادمة.
وترجع هذه الاستراتيجية إلى التسعينيات من القرن الماضي حين قامت إدارة كلينتون باعتماد وثيقة أمن قومي مبنية بشكل واضح وصريح على منع ظهور قوى عالمية منافسة للولايات المتحدة.
و سيتم ذلك من خلال سياسةالاحتواء، والتحييد، وباستخدام شروط صندوق النقد الدولي تجاه كل من روسيا والمحور الفرنسي الألماني والهند واليابان وكوريا وإندونيسيا التي وضعت جميعها تحت المراقبة منذ ذلك الوقت، وقد كان الهدف الأساسي لإدارة كلينتون بسبب احتمالات ظهور عالم متعدد الأقطاب أن تبقي الولايات المتحدة الأمريكية في وضع لا يمكن معه أن تستغني أوربا عنها بما يختص القضايا الأمنية.
إن توسيع حلف الناتو شرقا والتدخل في البوسنة عام 1999 كان يهدف بمجموعه إلى تثبيط نوايا أوربا في العمل الانفرادي واحتمالية استغنائها عن الولايات المتحدة، وقد وصلت واشنطن إلى جزء من مبتغاها ذاك وليس كله، واليوم يظهر المحور الفرنسي الألماني المناهض للحرب على العراق، مما يعمق شقة الخلاف بين أوربا والولايات المتحدة، ولم يعد الأمر من قبيل الصدفة المحضة أن قارة آسيا، التي من المتوقع أن ينمو اقتصادها بشكل أسرع من غيره في السنوات القادمة، قد أصبح جميع دولها من «الدول المارقة» أو مكان ظهورهذه الدول هو قارة آسيا، لقد أعطى الإرهابيون الذين قاموا بتنفيذ أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 الفرصة للولايات المتحدة للتدخل العسكري في قلب آسيا الوسطى حيث تنافس احتياطيات النفط والغاز تلك الموجودة في منطقة غرب آسيا.
وتحت نظرية محور الشر والمبادئ غير الشرعية للحرب الوقائية وتغيير الأنظمة الحاكمة، تمهد الولايات المتحدة السبيل للتدخل العسكري في مكان آخر في آسيا، فقد قامت بتحذير كل من إيران وكوريا الشمالية، أما سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في مناطق آسيا الغربية الغنية بالنفط ومناطق آسيا الشرقية والجنوبية الفقيرة بالنفط فتهدف إلى استخدام قوتها العسكرية الجبارة لتتحكم وتدير تدفق مصادر الطاقة.
وهذا كل ما تعنيه «الحرب اللانهائية» ضد الإرهاب وأسلحة الدمارالشامل وفقا لكل من السيد رامسفيلد والسيد ديك تشيني، بالنسبة لبلد مثل الهند، فإن الخيار واضح: ينبغي عليها الانضمام إلى الدول الأخرى في آسيا وباقي العالم لمقاومة التدخل الأمريكي المتنامي.
ولسوء الحظ فإن حكومة فاجبايي قصيرة النظر، فقد أدلى مصدر رفيع في الحكومة الهندية بتصريح غير رسمي بأن السياسة الهندية تقتضي عدم معارضة الولايات المتحدة خشية أن تقوم الأخيرة بفعل شيء يضر بالهند حيال كشمير في الأمم المتحدة .

( * ) «تايمز اوف انديا» الهندية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved