رحلة الحياة لا تجمل إلاَّ بمن تكون له نفس ذكيَّة، وحسُّ يقظٌ، وقُدرةٌ على اقتناص استثناءاتها...
الاعتيادية، والتسطُّح، وقبولُ كلّ ما يمرُّ دون يقظة، ووعي به يُفقِد الإنسان فرصة الاقتناص للاستثنائي...
والاستثنائي ليس على الدَّوام مشرقاً، إضافياً، نافعاً...، فهناك من الاستثنائي ما هو معتمٌ... سالبٌ، ضارٌ...
وليس الاستثنائي حدثاً فقط، أو موقفاً، ولا هو كلامٌ، أو عملٌ...،
الاستثنائي قد يكون وغالباً ما يكون إنساناً... تقابله ضمن من تقابل دوماً، أو أحياناً، أو نادراً... تلتقيه في رحلة الحياة، قريباً تعيش معه من الزمن أكثره...، أو بعيداً تمارس معه الحياة في مواقف، أو طائفاً من الوقت يحتويك به زمانٌ أو مكانٌ... كلُّ أولئك قد يأتي منهم الاستثنائي...
فهو من يعيش معك لحظةً، ولكنَّه يغور في جوف جوفك، ويُبحر في آماد حسِّك... وهو من يلتقطك من بين أكوام التراكمات بفعل رحلة الحياة المتضاربة، المتداخلة، المكتظَّة، والمزدحمة....
وهو من تجد ذاته كمينة في ذاتك...
تتشابه معه وكأنَّما أنت معه العمر كلّه...
لا يظلمك، ولا يسلبك، ولكنَّه يضيفُ إليكَ، ذلك لأنَّ الاستثنائي من الناس هو إنسان يعيدك في لحظةٍ كي تقف أمام مرآتك وترى ما لم تره منك في معمعة الحياة... فتكتشف ذاتك...
هذا الاستثنائي... يشرق، فتشرق من حولك الحياة، ويضيف فتجمل لك الحياة، وينفع فتصلح به الحياة، كيف يكون شعورك به...؟
وأنت فجأة تكتشف أنَّ هناك من كان يعرفك ولا تعرفه، ويعيش معك وأنت لا تدري عنه... ثمَّ فجأة كالمحارة تلفظ باللُّؤلؤة يمنحك شاطئ الحياة هذا الاستثنائي فتجد نفسك؟... ألا تحلو وتصفو رحلة الحياة به؟
| 
