Thursday 10th april,2003 11151العدد الخميس 8 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

خلافات خفية بين المعتدلين والمتشددين حول المرشحين للحكومة المؤقتة خلافات خفية بين المعتدلين والمتشددين حول المرشحين للحكومة المؤقتة
حرب الأفكار بالإدارة الأمريكية تهدد مستقبل العراق

  *واشنطن القاهرة أ ش أ:
حرب الافكار داخل الادارة الامريكية تهدد مستقبل العراق في مرحلة ما بعد الحرب حيث يقف الصراع الخفي بين تياري المعتدلين ويمثله وزير الخارجية كولن باول والعسكريين المتشددين الذين يمثلهم وزير الدفاع دونالد رامسفيلد حجر عثرة أمام تبني الخيار الملائم لتلك الدولة التي انهكتها الحروب والنزاعات طيلة العقدين الماضيين.
ورغم التصريحات المشتركة للتيارين التي اكدا من خلالها حرصهما على مستقبل العراق وان الخطط المتعلقة بعراق ما بعد الحرب سوف تسهم الى حد كبير في صياغة نظام جديد بمنطقة الشرق الاوسط بدأت الخلافات الخفية بين الطرفين تطفو على السطح خاصة مع تردد الانباء عن التقدم الذي تحرزه القوات الانجلو أمريكية في المعارك مع القوات العراقية ببغداد.
واعطت الادارة الامريكية طيلة شهور عديدة الانطباع بأن الخطة التي سوف تطبق بالعراق بعد الاطاحة بالرئيس صدام حسين سوف تحظى بالاجماع من جانب جميع المسؤولين بالبيت الابيض وانها لن تسمح بوجود خلاف علني بشأن الخطط المتعلقة بمستقبل العراق واعادة الاعمار.
ويرى محللون استراتيجيون امريكيون مثل مايكل دوفي ان الخلاف بين رامسفيلد وباول أو بين التيارين المعتدلين والمتشددين ترجع بوادره الى جورج بوش الاب حيث شغل باول منصب رئيس الاركان في ادارته وكان من الاشخاص المقربين في تلك الفترة.
واشاروا الى ان رامسفيلد نبذ الاستراتيجية العسكرية التي سارت عليها الولايات المتحدة طيلة السنوات الاثنتي عشرة الاخيرة والتي ارتكزت على تحديد الاهداف بدقة واستخدام الهجوم الكاسح لتحقيق ذلك الهدف مع اضفاء شرعية دولية عليه.
وقال المحلل الاستراتيجي ماسيمو كالابريسي ان دونالد رامسفيلد من خلال اصراره على اعطاء البنتاجون دوراً اكبر في عراق ما بعد صدام حسين يستهدف ان يلعب دور وزير خارجية الولايات المتحدة اضافة الى كونه وزيراً للدفاع.
واضاف ان رامسفيلد الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة في حلف شمال الاطلنطي في عهد الرئيس الامريكي الراحل ريتشارد نيكسون اصبح يلعب دور المحارب المدني في سن السبعين بالادارة الامريكية الحالية والتي يسيطر عليها الصقور.
ومما يعزز الخلافات بين باول ورامسفيلد ان كلاً من الطرفين يعتبر نفسه خبيراً في مجاله اضافة الى انهما يحتفظان بوجهة نظر متعارضة لخريطة العالم.
ويؤيد رامسفيلد والصقور المنتمون لتيار المحافظين الجدد التحركات المنفردة التي لايشترط ان تتم وفق اطار شرعي دولي للحفاظ على المصالح الامريكية في جميع انحاء العالم بينما يرى باول ان المصالح الامريكية تتشابك مع مصالح دول اخرى ولذلك ينبغي العمل في اطار التحالفات مع اضفاء شرعية دولية على التحركات بدلاً من التحرك المنفرد الذي يمكن ان يعرّض المصالح الامريكية للخطر ويضر بصورة الولايات المتحدة والاستقرار العالمي.ويبدو الخلاف بين التيارين المعتدل الذي يؤيد مذهب الدولية والمتشدد الذي يتبنى مذهب الانفرادية داخل الحزب الجمهوري الامريكي ليس بالامر الجديد لأنه يعود الى سنوات عديدة ماضية.وطفا الخلاف بين التيارين للسطح نتيجة لسعي كليهما الى فرض وجهة نظره على ارض الواقع فيما يتعلق في عراق ما بعد الحرب.
ويسعى الطرفان الى الاحتفاظ باليد العليا في السلطة المناط بها ادارة العراق بعد الاطاحة بالرئيس صدام حسين وبدء عمليات الاعمار وصياغة الدستور الجديد للعراق.
وأكد نائب وزير الدفاع الامريكي بول ولفويتز ان تنفيذ خطط صياغة مستقبل العراق لن تكون قاصرة على فريق واحد فقط بل ان جميع الاطراف بالادارة الامريكية لديها الفرصة للمشاركة.
وأشار الى أن وزير الدفاع الامريكي لا يدعم مشاركة اشخاص بعينها بالادارة المؤقتة التي سوف تتولى زمام الامور بالعراق بعد الحرب.
ويدعم مستشارو وزير الدفاع الامريكي عدداً من المعارضين العراقيين بالمنفى الذين يترأسهم أحمد شلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي المعارض ورجل الأعمال البالغ من العمر 58 سنة.
ويصف مستشارو البنتاجون أحمد شلبي بأنه رجل يتبنى مبادئ الديموقراطية ويمكن الوثوق به. الا ان عدداً من المسؤولين بالادارة الامريكية ووكالة الاستخبارات الامريكية يرون ان شلبي لا يصلح لرئاسة الحكومة المؤقتة المناط بها ادارة العراق لانه يعيش بالخارج منذ عام 1958. ويرى محللون استراتيجيون امريكيون ان وزير الدفاع الامريكي اعترض على قائمة اسماء الامريكيين المرشحين للحكومة المؤقتة في عراق ما بعد صدام حسين التي ارسلها له كولن باول منذ حوالي أسبوعين.
وقام رامسفيلد (في المقابل) باعداد قائمة ضمت مجموعة من المتشددين الامريكيين مثل رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية السابق جيمس وولسي الذي رشحه لمنصب وزير الاعلام في الحكومة المؤقتة في عراق ما بعد الحرب.
وقال المحلل الاستراتيجي دان مورجان ان ادارة الرئيس بوش ينبغي عليها ان تقيم مدى الشرعية التي سوف تتمتع بها الحكومة التي سوف تتولى زمام الحكم في مرحلة ما بعد صدام حسين سواء في داخل العراق أو خارجها.
ومن جانبها اكدت الادارة الامريكية حرصها على اشراك اطراف دولية عديدة في مرحلة اعمار العراق وتشكيل حكومة لا تقتصر على العسكريين فقط في محاولة لاعادة الاستقرار في تلك الدولة.
إلا أن الايام القليلة الماضية شهدت ضغوطاً متزايدة من جانب بعض الاطراف كالبنتاجون لدفع خطط ما بعد صدام حسين الى اتجاه لايتفق مع المواقف المعلنة للادارة الامريكية بشأن تشكيل حكومة موسعة مع اضفاء الشرعية عليها سواء داخل العراق أو خارجه.
ونتيجة لذلك اجرى مجلس الشيوخ الامريكي تعديلا على طلب الرئيس جورج بوش بشأن تخصيص 2 ،5 مليارات دولار للمساهمة في اعادة اعمار العراق بحيث اشترط منع العسكريين من التصرف في ذلك المبلغ في الوقت الذي طالب فيه مجلس النواب الامريكي بتسليم تلك الاموال الى الادارات المعنية بشؤون المساعدات والاغاثة بوزارة الخارجية الامريكية.
وقال جيم كولبي العضو الجمهوري بمجلس النواب الامريكي ان وزير الخارجية هو الشخص المناسب المعني بتوجيه تلك المعونات في مرحلة مابعد الحرب الحالية.
ورغم عدم تعليق وزير الخارجية الامريكي كولن باول على الترتيبات المالية بشأن مرحلة ما بعد الحرب بالعراق تصاعدت حدة الخلافات الخفية بين عدد من اعضاء الكونجرس بمجلسيه النواب والشيوخ بشأن خطط ادارة عراق ما بعد صدام حسين.
ومن جانبهم أبدى مسؤولون بوزارة الخارجية الامريكية قلقهم من الدور المقترح للبنتاجون في ادارة شؤون العراق في مرحلة ما بعد الحرب مشيرين الى ان جنرالات البنتاجون قد يلجؤون الى اختيار عدد من زعماء المعارضة العراقية المنفين ضمن الفريق الذي سوف يدير شؤون العراق وتجاهل الشخصيات التي تحظى بقبول ملحوظ داخل العراق.
وفي المقابل يطالب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير (الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في حربها الحالية على العراق التي تشن خارج نطاق الشرعية الدولية) بدور أكبر للولايات المتحدة في مرحلة ما بعد صدام حسين.
ويشير مسؤولون بالامم المتحدة إلى أن مجلس الامن لن يصدق على الخطط المتعلقة بادارة البنتاجون للعراق أو تنصيب الولايات المتحدة لادارة معينة بعد الحرب الحالية.
وفي السياق نفسه اكد مسؤولو الاتحاد الاوروبي انهم لن يشاركوا في خطط ما بعد الحرب دون وجود قرار دولي من جانب مجلس الامن الدولي.
وفي محاولة لطمأنة الاوروبيين قالت مستشارة الامن القومي الامريكي كوندوليزا رايس ان واشنطن تسعى الى تحرير العراقيين ونشر مفاهيم الديموقراطية ونزع سلاح العراق واعادة تعمير تلك الدولة بالتعاون مع العراقيين وحلفاء الولايات المتحدة والمنظمات الدولية.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved