الانهيار

عكس الانهيار السريع في بغداد انفراط عقد السلطة السياسية وحقيقة العلاقة بين النظام والشعب العراقي وهي علاقة واهية على الرغم من الدعاية التي تقول عكس ذلك طوال سنوات عديدة.
وقد كان هناك الكثير الذي أذهل المراقبين للتطورات، لعل الأبرز غياب المقاومة للتقدم الأمريكي وعبور الأمريكيين بسهولة إلى شرق بغداد، ومرة أخرى
عكس ذلك أيضاً علاقة ضعيفة بين القيادة والجيش المتمثل بصفة خاصة في الحرس الجمهوري الذي كثر الحديث عنه في الإعلام الدولي باعتبار أنه يضم أفضل الفرق العسكرية والقتالية.
وكان لافتاً قبل هذا الانهيار بأربع وعشرين ساعة ظهور مؤشرات عليه، فقد لاحظ الجميع كيف أن المروحيات من نوع «أباتشي» تحلق في سماء العاصمة بغداد، ومجرد هذا التحليق من قبل المروحيات يشير إلى غياب المضادات الجوية، كما كان هناك تحليق استفزازي للمقاتلات الأمريكية وعلى ارتفاعات منخفضة في مرمى المدفعية.
الانهيار السريع للنظام في بغداد دفع بالعديد من الأسئلة لعل أولها تلك التي طرأت على أذهان العراقيين أنفسهم مَنْ يحكمنا الآن؟!
وبقدر ما يثير السؤال من حيرة فإنه يفجر مخاوف عديدة، وقد رأينا أمس كيف يمكن أن تعم الفوضى في ظل عدم وجود عناصر تحفظ النظام، والأخطر أن تتطور هذه الفوضى إلى تصفية حسابات وأحقاد قديمة، خصوصا أن السلاح موجود في أيدي الجميع وفقا للنظام القبلي الذي يتيح ذلك ولأنه جرى توزيع كميات كبيرة من الأسلحة من قبل النظام على الناس علهم يشاركون في الدفاع عن عاصمة لم تجد من يدافع عنها حتى بين أركان النظام..
المهمات العاجلة في العراق الآن تتمثل في ضرورة إعادة الأمن والنظام، وعلى العراقيين ذاتهم أن يسهموا هم أنفسهم في ذلك من خلال نبذ تلك السلبيات التي غطت على كامل المشهد أمس من نهب وفوضى، وعليهم أن يدركوا أن الواجب يقتضي الحفاظ على مكتسباتهم خصوصاً في ظل وجود القوى الأجنبية العسكرية التي قد ترى في مثل ذلك المسلك ما يغريها على فعل كل ما يعن لها تجاه دولة لا يتورع شعبها في الانقضاض على مكتسباتها.