Thursday 10th april,2003 11151العدد الخميس 8 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من قيظ صدام إلى جحيم أمريكا من قيظ صدام إلى جحيم أمريكا
أحمد سالم

مع تسارع الأحداث في العراق وتضارب الأنباء والمعلومات حول نتائج العمليات العسكرية لقوات التحالف تدور معارك ضارية بين بعض الكتَّاب والمثقفين على أوراق الصحف وفضاءات القنوات بين مؤيِّد للغزو ومعارض، ومنهم المتفنن في اللعب بعقول القراء والمشاهدين من خلال سوق الأدلة واجترار التاريخ والتلاعب بالألفاظ لإثبات الآراء ودحض الحجج.
هناك فئة من المتعاطفين مع الغزو أساليبهم ظاهرة لا تحتاج إلى تأويل فهم أشد ضراوة على العراق من الأمريكان والبريطانيين ولو كانت الأحداث تجري وفقاً لرغباتهم لرأينا فظائع أفدح مما نشاهده حالياً من صور تقشعر لها الأبدان. وهناك معارضون تكاد أفكارهم وعباراتهم تتفلت من محيطها وتنطلق لتنضم إلى صفوف المقاومة، لكن الذي يبعث على الحنق والغيظ هم أولئك الفئة ممن هم في المحصلة مع الهجمة الأمريكية إلا أن هذا الانحياز مغلف بنوع من النصح والشفقة، فهم يظهرون الواقع المؤلم الذي يعيشه الشعب العراقي وكأن قلوبهم تتفطر حزناً لمصابه وأن تأييدهم للقوات المهاجمة ليس حباً فيها وهياماً بديمقراطيتها وحريتها وإنما لإشفاقهم على ذلك الشعب من براثن صدام. إن تلك الفئة ترى أن الحل الوحيد للشعب العراقي للخروج من عذابات صدام المحرقة.
هي القفز في أحضان الأمريكي وكأن قوات التحالف قدمت أبناءها وبناتها إكراماً لشعب الرافدين وصوناً لحضارته من عبث صدام وليس لحاجة في النفوس. أود أن أسجل موقفاً قبل الاسترسال في الحديث وهو معارضتي لتصرفات الرئيس العراقي صدام حسين وجرائمه الخطيرة تجاه شعبه وجيرانه ولذلك رأينا موقف الشعب العراقي في حرب الخليج الثانية أثناء عدوان العراق على دولة الكويت وكيف أن شعب العراق أول من تخلَّى عن نظامه، وكيف يستميتون الآن في الدفاع عنه. السياسيون والقادة الأمريكان صرحوا أكثر من مرة عن أطماعهم في المنطقة ولشدة حرصهم عليها ولضخامتها قدموا وما زالوا يقدمون أبناءهم قرباناً لرفاهية شعوبهم من الثروات والسيطرة القادمة للمنطقة لاسمح الله . نحن نعلم تماماً أنه لو قتل ثلاثة جنود من الأمريكان مقابل ألف قتيل عراقي فإن ذلك يعتبر في موازين القادة والمؤسسات (الديمقراطية) الأمريكية خسارة جسيمة لا يمكن السكوت عليها دون مبررات تقنع الشعب الأمريكي، فكيف إذا كان قتلاهم أكثر بكثير وخسارتهم فادحة، معنى ذلك أن النتائج تستحق تلك التضحيات وليس إنقاذ الشعب العراقي واستقرار المنطقة كما يزعم البعض ممن يصورون الواقع العربي السيىء والتفكك الجلي في المواقف الرسمية العربية لكن تحليلهم المنطقي السوداوي والواقعي في حقيقته لا يهدف للبحث عن الخلاص بقدر ما هو تسويق لما هو قادم ولذلك لا أستطيع وصف توصياتهم سوى بالفادحة.
إن الشعب العراقي بحاجة للمساعدة ولكن لا يعني ذلك الهروب من قيظ صدام إلى أتون الجحيم الأمريكي، ويفترض تسمية الأمور بمسمياتها فإن أمريكا لن تستخسر جندياً من أبنائها بأن يلقى حتفه من أجل سواد العيون العراقية وغير العراقية، فوراء الأحداث ما وراءها واقرؤوا قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي (الديك الهندي والدجاج البلدي) ولكم حرية تغيير جنسية الديك فقط لتتلاءم القصيدة مع الواقع.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved