Tuesday 15th april,2003 11156العدد الثلاثاء 13 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شيء من المنطق شيء من المنطق
الأسواق النفطية في مواجهة الأحداث السياسية
د.مفرج بن سعد الحقباني

عاشت منطقة الخليج العربية خلال الايام الماضية احداثاً وتقلبات سياسية سريعة انتهت بسقوط النظام العراقي وسيطرة الجيش الامريكي على آبار النفط في جنوب وشمال العراق، ومما لاشك فيه فإن مثل هذه التغيرات السياسية سيكون لها اثر مباشر في مستقبل اسواق البترول العالمية في مستقبل الخطط التنموية في معظم الدول المستهلكة والمصدرة للنفط في العالم، فبعد ان نجحت منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» في تجنيب اسواق النفط آثار الحملة العسكرية على العراق من خلال زيادة انتاجها اليومي بمعدل تجاوز المليون برميل يومياً، تأتي الاحداث لتضع المنظمة على عتبة تاريخية خطيرة تتطلب سياسات انتاجية وتسويقية من نوع مختلف إن هي ارادت الاستمرار كمنظمة فاعلة ومؤثرة في واقع ومستقبل السوق النفطية العالمية، فمن المعلوم ان التغير في النظام السياسي العراقي الذي تحقق تحت مظلة الطائرات الامريكية سيؤثر ليس فقط في كمية الانتاج النفطي ولكن ايضاً في موازين القوى وفي طبيعة التحركات الدولية التي تقودها الدول الأكثر تأثيراً في متغيرات الاسواق النفطية.
فمن المنطقي في ظل التغيرات السياسية الحالية قبول الفرضية القائلة بتنامي الدول المستقبلي للشركات النفطية الامريكية في مجال رسم الخطوط العريضة لحركة متغيرات الاسواق النفطية تحت تأثير النفوذ السياسي القوي للادارة الامريكية.
كما ان من المنطقي قبول فرضية ضعف الدور المستقبلي للدول الاعضاء في منظمة الأوبك تحت تأثير المتغير السيكولوجي الذي احدثه فرض التغيير السياسي في العراق بقوة السلاح وخارج اطار الشرعية والقوانين الدولية.
وبالتالي فإن الدول النفطية مطالبة باتخاذ استراتيجيات جديدة لمواجهة التغيرات السياسية والهيكلية للمحافظة على مستقبلها الاقتصادي خاصة في ظل اعتماد معظم تلك الدول على النفط كمصدر رئيس للدخل، فمن ناحية يتطلب الواقع ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لامتصاص فائض العرض النفطي المتوقع حدوثه في اسواق النفط نتيجة للسياسات الانتاجية الحالية التي اتخذتها الدول الاعضاء في المنظمة للمحافظة على توازن السوق النفطية خلال الحرب ونتيجة للانخفاض المتوقع في الطلب العالمي على النفط خلال الربع الثاني من هذا العام ونتيجة للزيادة المتوقعة في انتاج النفط العالمي من قبل بعض الدول التي ستسعى لزيادة انتاجها لاستغلال السعر المرتفع قبل انخفاضه.
واذا اضفنا الى ذلك احتمال اعادة تشغيل حقول النفط العراقية في فترة زمنية قد لا تتجاوز ثلاثة اشهر، فإن منظمة الأوبك مطالبة بوقفة جادة للمحافظة على الاسعار النفطية في حدود السعر المستهدف «25 دولاراً للبرميل» من خلال اعادة هيكلة سياساتها الانتاجية والتنسيق في ذلك مع الدول المنتجة من خارج المنظمة كروسيا والمكسيك والصين، ومن ناحية اخرى، فإن البعد السياسي لصناعة النفط قد اصبح اكثر وضوحاً وتأثيراً في متغيرات اسواق النفط العالمية مما يتطلب اعادة النظر في استراتيجيات منظمة الاوبك حتى تستطيع تحقيق مصالحها في اطار لايتعارض مع مصالح الشركات النفطية المنتمية للدول ذات النفوذ السياسي القوي وبشكل خاص الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، لابد من الاشارة الى انه من مصلحة الولايات المتحدة الامريكية ان تحافظ على اسعار النفط مرتفعة نسبياً للمحافظة على القيم السوقية لأسهم شركاتها النفطية ولخدمة قدرتها التنافسية في الاقتصاد العالمي في مواجهة المنافسة اليابانية والالمانية الشرسة التي تعتمد على النفط المستورد كمصدر رئيس للطاقة، وبالتالي فإن منظمة الاوبك تستطيع من خلال ادراكها لأهمية البعد السياسي للنفط كسلعة عالمية ومن خلال قدرتها على توسيع دائرة المفاوضات والتنسيق مع الشركات النفطية الكبرى ان تحافظ على الأقل على الحد الأدنى المطلوب لصيانة المكاسب التنموية للدول الاعضاء، وبشكل عام فإن نجاح الاستراتيجيات الجديدة يتوقف على مدى قدرة منظمة الأوبك على مواجهة تداعيات الاحداث السياسية على واقع ومستقبل الاسواق النفطية وعلى مدى ادراكها لخطورة الاستمرار في الاعتماد على النفط كمحرك رئيس للتنمية خاصة بعد ان تجلى البعد السياسي وسطاً على الابعاد الاخرى كافة بما فيها البعدان الانساني والاقتصادي.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved