Wednesday 16th april,2003 11157العدد الاربعاء 14 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يحدث في العراق يحدث في العراق
نيقولاس كريستوفر( * )

تجمع حشد من العراقيين الغاضبين في ميدان بوسط مدينة البصرة العراقية في مواجهة القوات البريطانية المتوترة التي تدعمها الدبابات والأسلحة الثقيلة. سألت أفراد هذا الحشد العراقي عما يريدون فرد أحدهم بهدوء: نحن هنا لكي نسرق البنوك وبسبب دهشتي من هذا الرد تطوع أحد العراقيين ليشرح لي الموقف قائلا ان هذه العصابات العراقية استخدمت بالفعل القذائف الصاروخية والمتفجرات لتحطيم العديد من البنوك واقتحامها ولكن الخزائن مازالت بالداخل لذلك فقدجئنا إلى هنا لكي نأخذها ولكن الجنود البريطانيون لم يتركونا نكمل المهمة.
وأضاف بمنتهى الاعتداد بالنفس أن العراقيين غاضبون فالعراق اليوم يعاني من القلاقل والغضب وغياب السلطة والحقيقة أن الأمريكيين والبريطانيين نجحوا في الإطاحة بالرئيس العراقي الديكتاتور صدام حسين ولكن التحدي الحقيقي الذي يواجههم هو التحرك بسرعة لملء الفراغ واستعادة النظام.
وأثناء مروري بشوارع البصرة وجدت حشدا من الغاضبين يحطمون تماثيل صدام حسين في مختلف الشوارع وعندما يشاهدني الناس وأنا أحاول تصوير هذه المشاهد فإن حماسهم لضرب تماثيل صدام حسين يزداد وهتف أحد العراقيين باللغة الإنجليزية «شكرا يا سيد بوش» .
وقد كان المنظر مبهجا وانت تشاهد الاحتفال بالحرية بهذه الطريقة ولكن ما ان انتهى هؤلاء المحيطون بالبنك باحتفالهم برحيل صدام حسين على طريقتهم حتى اندفعوا ناحية سيارتي ليكملوا حديثهم الغاضب عن انقطاع الكهرباء والمياه النقية ولمدة دقائق قليلة شعرت بالخوف من أن يعبر هؤلاء العراقيين عن غضبهم بقذف سيارتي بالطوب وتحطيمها.
وقد لا يكون من المناسب الاعتراف بأن الأمريكيين والبريطانيين قد أساءوا تقدير حجم الفوضى التي ستجتاح العراق بعد الحرب خاصة وأنه لم يمض سوى وقت قليل على تحقيق الانتصارالعسكري.
ولكن هذه هي الحقيقة الواضحة للعيان في كل مكان تتواجد فيه القوات الانجلوامريكية بالعراق.
يقول محمد جاسم ان اللصوص يأتون في مجموعات تضم كل مجموعة ما بين عشرين وثلاثين شخصا حيث يقومون بإلقاء المتفجرات على المنازل الخاصة والمؤسسات الحكومية كما أنهم يهاجمون البيوت ويطلبون من الناس الأموال وإلا فإنهم يطلقون النارعلى هؤلاء الناس في الحال.
وأضاف جاسم قائلا: ان سكان المدينة ذهبوا إلى القوات البريطانية التي تحتل البصرة التي تعد ثاني أكبر مدن العراق ليطلبوا منها المساعدة ولكن هذه القوات تقول أنها ليست قوة شرطة والواقع أن تجارب ألبانيا وطاجيكستان ويوغوسلافيا تؤكد حقيقة أن الأوضاع تنفجر عقب سقوط الحكام المستبدين والحقيقة أن رئيس أركان الجيش الأمريكي الجنرال إريك شانيسكي يثير غضب القيادة المدنية لوزارة الدفاع الأمريكية عندما يؤكد أن أمريكا تحتاج إلى مئات الالاف من الجنود لحفظ الأمن في العراق بعد الحرب.
والحقيقة أن شانيسكي يدرك جيدا هذه الأمور حيث خاض تجربة حفظ السلام في البوسنة والهرسك بعد حرب البلقان خلال التسعينيات.
يقول عماد صالح وهو من سكان البصرة ويبلغ من العمر ثلاثين عاما وهو يشعر بالسعادة بعد رحيل صدام حسين يقول: الآن ذهب صدام ولكن ما يحدث حاليا هو ضرب من الجنون.
فقد أصبح القتل والثأر مشهدا سائدا في البصرة ويحظى بدعم ومساندة السكان.
وقد فتشت في كل أنحاء البصرة بحثا عن عضو حزب البعث العراقي الذي قابلته من قبل وهو محمد النعمي وسألت الناس عما إذا كانوا يعرفون مكانه ورد أحدالأشخاص بمرارة أنه هرب وإذا ما عثرنا عليه فسوف نقتله ووسط هذه الاضطرابات التقيت مع مندوب لجنة الصليب الأحمر في مدينة البصرة السويسري الشجاع أندريس كروسي، يحاول هذا الرجل من خلال مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مدينة البصرة بذل جهود جبارة من أجل إعادة توفير الخدمات الأساسية في هذه المدينة المنفلتة الخارجة عن كل قانون. وقال أندريس بصوت مملوء بالإحباط أنه لكي تعيد الكهرباء والمياه النقية تحتاج إلى توفير الأمن ويضيف أنه عندما ذهبت سيارة الصليب الأحمر وسيارة إدارةالخدمات العراقية من أجل إعادة التيار الكهربي للمدينة فإن حشد من العراقيين سمح لسيارة الصليب الأحمر بالمرور وأوقفوا سيارة الإدارة حيث قاموا بسرقة محركها وإطاراتها وبسبب هذه الفوضى فأنا أتفق مع الرئيس جورج بوش على ضرورة أن تتولى الولايات المتحدة الأمريكية السلطة في العراق لفترة قصيرة وليس الأمم المتحدة. ولكن يجب ألا يتجاوز دور الولايات المتحدة في هذه الحالة المساعدة في توفير الأمن وإعادة تشغيل الخدمات الأساسية للعراقيين ثم تتولى الأمم المتحدة العملية السياسية بعد ذلك حتى لا يتحول أي نظام عراقي جديد إلى دمية في يد أمريكا ولو من وجهة نظر العالم.

(* )«نيويورك تايمز»

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved