Friday 18th april,2003 11159العدد الجمعة 16 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الخطوة الأولى الخطوة الأولى
هكذا تعلمت
نجود أحمد

الحياة مدرسة.. ومن لم يتعلم من الحياة سيتجرع المرارة ويقبع في زوايا العزلة ويظل جاثماً على ركبتيه ينظر إلى من بعده من الأجيال..
علمتني الحياة أن أقف مكاني لأستشرف الطريق كلما قطعت شوطاً من الرحلة، فمن خلال الرؤية تتحرك قدماي على أرض صلبة.. فالأرض الهشة استنزاف للمقدرة إنها تراجع للأسفل لا اندفاع للأمام.
علمتني الحياة أن من لا يعرف قدر نفسه لا يعرف قدر الآخرين فبقدر ما تحترم نفسك تحترم الآخرين.
علمتني الحياة ألا أحاول تزيين نفسي لتتوافق مع رغبة الآخرين وأن مسعاي لإرضائهم اعتراف ضمني بخطئي.
فتزييف النفس من أعظم الأخطاء في تاريخ الإنسان لقد تعلمت من الحياة أن أكون أنا ليكون الآخرون هم.
علمتني الحياة أن أمد يدي لكل من استطيع عونه ومساعدته.
علمتني الحياة أن قدري وحياتي محفوفة بالمخاطر والمصائب بقدر ما هي مملوءة بالمسرات..
علمتني الحياة أن العثرات علامات يهتدي بها الإنسان المتميز لكنها في ذات الوقت مقبرة للواهمين فعثرة صغيرة من حفر الطريق لا يتجاوز عمقها شبرين قادرة على احتواء قزم وإن رأى نفسه عملاقاً.
علمتني الحياة أن أمد يدي مبتسماً لإنسانة لا ترتاح لي فأجعلها تخجل من نفسها وتحترم صفاء قلبي.
علمتني الحياة أن أرى القبيح قبيحاً والجميل جميلاً من خلال حدقة العين التي لا تقيدها الظروف ولا تحركها الأهواء والرغبات.
علمتني الحياة أن السكوت لا يعني الرضا وأن الكلام لا يمثل الحقيقة غالباً.. فسكوت الرياح ليس دليلاً على تلاشيها.. كما أن المطر في شهور الصيف لا يعني الربيع.
علمتني الحياة الأصالة فلا انحراف وراء الأهواء ولا أتشبث بمظهر وأزن الأمور بعقلانية أجد نفسي في قمة نجاحها..
علمتني الحياة أن أقرأ في دفاتر الآخرين ما يطرحونه للعامة فإن رأيت فيه ما يجرح حدقة عيني أغمضتها لا خوفاً، بل جزعاً من أن تلتقط الذاكرة تشوهات خطوط القلم فينعكس ذلك في ذاكرتي هروباً وخوفاً يقيد المتمرد في نفسي.. علمتني الحياة.. أن أشفق على الآخرين ولا أخسر من العاجزين ولا أهزأ من المعاقين ولا أتنابز بالألقاب..
علمتني الحياة ألا أسخر من قدرة الآخرين على الإيذاء.. فما تسببه بعوضة حقيرة يفوق أحياناً مواجهة أسد الغاب. فالأولى تصيبك في العمق حيلة وغدراً.. والثانية ففي مواجهته تتجلى القدرة ووضوح الصراع.
علمتني الحياة ألا التقط السيف وعيني عليه عندما أريد أن أدافع عن نفسي فنظرة كهذه قد يدفع الإنسان ثمنها غالياً.. فقد تعلمت أن اخترق عين الخصم فأقاتله بحدة البصر قبل نصل السيف.. فعين ترمش خوفاً وهلعاً لا تستطيع أبداً أن تحدد المقتل في خصم تعود ألا ترمش عيناه.. علمتني الحياة أن أغض بصري عن الإساءة وأقابلها بالإحسان أعمر فيها مثالية المسلك.. وصدق النوايا..
هكذا تعلمت من الحياة ويظل المرء في حاجة دوماً للمعرفة من خلال التجارب.. فالحياة بحر لا يحسن مصارعة أمواجه إلا الذين يتعظون..

الرياض

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved