التواصل بدلاً من المواجهة

ثمة علامات مشجعة على تراجع اللهجة الأمريكية الحادة تجاه سوريا، فهناك مبادرة من واشنطن أثارت ارتياح دمشق عندما أعلن وزير الخارجية الأمريكي كولن باول أنه قد يزور العاصمة السورية لتسوية الأزمة معها..
ويفيد كثيراً أن تسير الأمور نحو التهدئة حيث إن تواتر الاتهامات الأمريكية لدمشق طوال الأيام الماضية أشاع قدراً كبيراً من التوتر وأوجد حالة من الارتباك إزاء حرب لم تخمد نيرانها بعد وما بدا أنه تحرك آخر لإشعال نيران فتنة جديدة وكأن المنطقة لا يكفيها كل ما يحدث فيها من اضطراب.
التهدئة مطلوبة أيضاً لأنها تتيح تناول الموضوعات مثار الجدل بطريقة موضوعية وتنأى بها عن التأثيرات الخارجية بما في ذلك التأثيرات التي استهدفت تأجيج نيران الصراع وهو بالضبط ما حاولت إسرائيل ولا تزال تحاول أن تفعله.
فإسرائيل التي بادر أعوانها في واشنطن إلى افتعال الأزمة ألقت بثقلها وراء الاتهامات الأمريكية وعملت على زيادتها، بل وتحذير سوريا بطريقة استفزازية من أجل جرِّها إلى حرب أخرى وهي حرب تمثل غاية ما تتمناه إسرائيل، فهي تتطلع إلى ضرب دول المنطقة الواحدة تلو الأخرى..
إن المسؤولية حتمت على الدول العربية جميعها أن تؤكد وقوفها إلى جانب سوريا، فقد بادرت دول مجلس التعاون إلى التأكيد على ذلك وأبدت الدول الأخرى موقفاً مماثلاً، وهذا أمر مطلوب في كل حين ويصبح أكثر إلحاحاً مع الأخطار المحدقة بدول المنطقة.
ويبقى من المهم أن يبدأ عمل حقيقي بين دمشق وواشنطن من خلال زيارة باول المرتقبة لسوريا وفي إطار الجهود الأخرى لترتيب الأوضاع بطريقة تضمن عدم السماح لمجرد الاتهامات التي لا تستند إلى دليل لتفجير الأوضاع..
وينبغي التأكيد على أن الدول العربية أحرص ما تكون على استقرار المنطقة وأن عنصر التوتر الأساسي هو إسرائيل، لسياساتها المتعجرفة، وأنه للتخلص من هذا التوتر ينبغي إيجاد التسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية وهذا أمر يصبح في حيز الإمكان بالضغط على إسرائيل وإجبارها على الرضوخ للعشرات من القرارات الدولية.