Friday 18th april,2003 11159العدد الجمعة 16 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

جنازته.. ولا جوازته!!؟ جنازته.. ولا جوازته!!؟

تعقيباً على ما ورد على صفحات العزيزة حول موضوع التعدد.. أقول: أيام الإجازة الماضية اكتوى محدثكم بنتائج هذا التعدد عندما رأيت.. انكساراً على محيا ابن المعدد الشاحب الوجه كان هذا الابن في مقتبل عمره.. يبدو لي في العشرين من عمره.. وهو ابن للأولى - ولقد حكى لي قصته والألم والأسى يتبخران من قلبه حنقاً وقهراً مما هو حاصل وجار عليه.. لقد قال لي يوم أن كنا أنا وهو في مخيم بري والمخيم أزف على الانتهاء لقرب مواعيد الدراسة: «يا الله.. لا يكون أبوي راح للرياض وخلاني تراه يسويها دايم» نعم هذا الأب حسب ما ذكره الابن لم يعد يهتم بأبناء الأولى.. ولا بزوجته الأولى.. وضرب بأمر الله تعالى: {فّإنً خٌفًتٍمً أّلاَّ تّعًدٌلٍوا فّوّاحٌدّةْ} عرض الحائط - يا الله إنها والله لمأساة!!
إني لا أتحدث من فراغ أيها الاخوة.. ولكنه من موقف عشته وأحسست به من مشاعر ابن معدد - حقيقة لم لا نلق بنظرة إلى أخطاء بعض الأبناء من أبناء الزوجة الأولى ألا نراهم يرتكبون الأخطاء.. وهم في غمرة القهر لغياب تواجد أبيهم عن ساحتهم.. هم ما عملوا الأخطاء إلا ليلفتوا اهتمام أبيهم لهم ولأمهم المظلومة.. ولكن بعض الآباء.. «لا حس ولا خبر».
حقيقة قضية التعدد.. تلك القضية المتشعبة والتي تعددت فيها الأقاويل وعلى اختلاف المشارب.. بحق أجد كل من كتب عنها أو لنقل بعضهم تحدث عنها بما يوافق رغبته أو نمط حياته.. والجو الذي يعيش فيه هذا التعدد وينمو فيه.. لئلا يجرح بكلامه.. قريبا له تعدد في الزوجات أليس كذلك!!؟
أنا لا أخالف التعدد.. بل أؤيده في حدود الشرع وتطبيق ما شرعه الله من الوفاء بحقوق الزوجة الأولى، والعدل بين الاثنتين. وهناك ضوابط في نظري تجعل التعدد مقبولاً به حتى من قبل الزوجات لم لا!!؟ منها:
1- عدم إهمال الزوجة الأولى وأبنائها..
2- عدم التفريق من قبل الزوج بين الزوجتين أو التفريق في المعاملة بين أبناء الزوجتين.
3- أيضاً عدم إغداق المال على الزوجة الأولى وأبنائها فقط.. ونسيانهم معنوياً.. فهم بحاجة للزوج لا المال فقط!! فهو يغدق المال عليهم لئلا يقال بأنه نسيهم.. أو أهملهم.. وأنا أقول إن الأمر يتطلب المتتابعة والعدل في ذلك..
4- متابعة الزوج لأبنائه من الأولى وعدم إنجرافه للزوجة الثانية.. إذ يتوجب عليه متابعته لهم أيضاً ألا يترك ما أوجبه الله عليه من حقوق المتابعة لرعيته وزوجته الأولى وأبنائها ومراقبة الله عز وجل بمراقبة أبناء زوجاته وأبنائها من حيث الصلاة.. ومتابعتهم في المدرسة ومناقشة معلميهم.. قد لا تصدقون إذا قلت لكم.. أن هذا الابن يقول: «والله إن أبي لا يعلم في أي مرحلة أدرس»؟ يا لله ألهذه الدرجة!!؟
5- على الرغم من أننا مجتمع مسلم ومتعلم ومجتمع يعرف ما له وما عليه.. والزوجة الثانية تعرف ما لها وما عليها.. وبما أنهم أسرة واحدة.. تجدها لا تساعد زوجها على اتباع حقوق الزوجة الأولى.. ووضعت جل همها السيطرة على الرجل.. وارتأت مصالحها وغلبتها على احترام مشاعر الزوجة الأولى.. وأنا هنا لا أعم.. ولا أنكر وجود من أدى حق الله في التعدد وعدل.. بل سمعت عن زوجات يعاتبن أزواجهن لإهمالهن زوجاتهم الأول.. مع أنها هي الضرة!! وهي هنا تحقق مبدأ العدل والذي غفل عنه زوجها ومع الأسف مثل بعض الزوجات واللاتي لا يساعدن أزواجهن لتحقيق العدل أجدهن يغلبن ويمثلن شريحة كبرى من شرائح المجتمع بما يمثل نسبته 70% وهن السبب الرئيس لعدم التعدد على الرغم من أننا مجتمع مسلم وبحاجة للتعدد ولأن ديننا أمر بذلك بناء على ما جاء على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معنى الحديث عندما أمر بالتعدد مع تحقيق العدل وقال: «إني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» ونص على الآية والتي تحض على العدل ولو أن كل من تزوج بثانية عدل لقبلت النساء هذا التعدد.. ولكن!!؟
ولي حول التعدد رؤى ونظرات وملاحظات ودراسة.. واستنتاج لما يحدث على أرض الواقع.. ولألقي نظرتي حول مجتمعنا ونظرة بعض الكتاب وأفراد المجتمع إلى العدل بين الزوجات تنتشر في المجتمع بعض العادات الاجتماعية المخالفة للشرع يظنها بعض الناس أنها من الدين لأنها شاعت في مجتمع محافظ.. ومن ذلك نظرتهم إلى العدل بين الزوجات، فالرجل الذي يبدي محبته للثانية ولو بزيادة بسمة يرون أنه قد مال معها وظلم الأولى مهما كان عادلاً في أموره كافة.. وهذا نابع من تعاطفهم مع الأولى، إذ يرون أن مجرد زواجه عليها ظلم لها.. أما إذا فضل الأولى وظهر ميله لها واضحا وجلياً.. فإنهم لا يلاحظون ذلك ولا يعتبون عليه.. بل يقولون «ما شاء الله تزوج ولم ينس زوجته» إننا لن نسلم من حديث الناس.. ولا من تأويلاتهم.. وتأويلات بعضهم الشريرة!!
فحديث الناس وآراؤهم وظنونهم إنها والله.. لتلقي بآثارها على الزوج بما يعلن فيه عن عدوله عن مخطط سير العدل بين الزوجات من حيث لا يعلم.. وهذه هي الحقيقة والواقع والمشاهد.. وفي نظري أن الأزواج اليوم ثلاثة:
1- صنف يتقي الله ويبذل ما في وسعه من العدل ولا يبالي بكلام الناس.. رضوا أم سخطوا.. وهؤلاء قليل جداً.
2- وصنف يميل مع هواه ولا يبالي لا بشرع ولا بعرف.. فيظلم الأولى ويجور في حقها وينسى نفسه مع الثانية وأهله وأولاده ودينه وهؤلاء كثر.
3- والصنف الآخر يعلم حكم الشرع ويحاول تطبيقه لكنه يريد إرضاء المجتمع فيتظاهر بميله للأولى.. ويعوضها عن الميل القلبي بالميل المادي!!
تجده لا يأخذ إجازة من العمل في بداية الزواج لئلا يقول الناس والزوجة الثانية ألهاه عرسه عن عمله ويجعل الإجازة بعد شهر تقريباً. تجده يذهب للأقارب في دورياتهم ولم يمض على زواجه سوى أيام قلائل.. ويعتذر منها ويقول «أخاف يقول الأقارب.. أنساه زواجه إيانا» تجده يسافر بالثانية مدة يوم وليلة.. ليخفي سفره بها عن الناس.. وبالأولى يسافر بها مدة أسبوع. تجده يحرص على بيت الأولى وعلى تنسيقه ليقول الناس.. «ما شاء الله عليه.. إن زواجه بالثانية لم ينسه الأولى حتى أنه اهتم بتنسيق منزلها».
وإلى الاخوة الذين كتبوا عن قضية التعدد الأخ الحوتان والأخ المطلق والأخ محمد الحمدي.. أقول لتتنبهوا إلى مثل هذه الأمور وتأثير سيرها على المعدد.. قبل الخوض في التعدد من ناحية الظلم من عدمه.. ولندرس الحلول في ذلك.. وهي بالفعل نتاج أولوية التعدد.. فالعنوسة اليوم هي من نتاج هذا التعدد والذي أجهض كثيراً.. ولعله بسبب أقلام ابتعدت في حكمها عن الإنصاف في القضية.
وقد تكون سيطرت عاطفته على كتاباته.. «لو لم يكن تعدد».
أحبتي إن العنوسة تلك التي تتحدثون عنها من نتاج هذا التعدد والذي يلوكه الواحد منا في لسانه عارضاً رأيه بلا اسناد أو براهين ليلقي بتأثيره على المعدد وها هي العنوسة.. تجلو آثارها فها هو اليوم يسجل لنا نسبة النساء أكثر من الرجال بما يفضي إلينا بأسباب واضحة جلية لمثولها لعل منها:
1- تلك النساء واللاتي ليس لهن القدرة على الإنجاب معنى ذلك أن زوجها سيتخلى عنها ويتزوج بثانية والنتيجة «طلاق».
2- النساء المريضات النتيجة «طلاق».
3- النساء بوصولهن سن الأربعين يطلق عليها «عجوز» بينما زوجها يظل شاباً والنتيجة «طلاق» هم يقولون كذلك!!؟
4- الرجل قادر على العطاء بصورة مستمرة بينما المرأة لا تستطيع لأمور فسيولوجية تتعلق بتكوينها.
5- مشكلة الشبق عند الرجال «القدرة الجنسية العالية».
6- وها هي البيوت تكدست بالعوانس من الفتيات..
فالرجال هذه الأيام أقل من النساء.. الحرب العالمية الثانية حصدت 20 مليون رجل.. وها هي حوادث السيارات تسجل 65 ألف حادث سنوياً.
وحول مشكلة العنوسة أرى أنها لا تحل بالرأي.. ولا بكتابة الكلمات تلو الكلمات.. ولم يجد عرض هذه المشاكل صحفياً بالطريقة التي عليها الآن.. إنما تحل في نظري.. بتوفير فرص عمل للشباب مع وضع برامج تعاونية لمساعدتهم على تأمين السكن وتوفير متطلبات الحياة الزوجية.. في نظري لو تم تطبيق ذلك سنحد بمشيئة الله من مشكلة العنوسة!! ولعل التعدد هو أيضاً من ضمن حلول الحد من هذه المشكلة.. وأدرك والله أن هذه الكلمة «التعدد» ثقيلة على النساء.. على كل النساء مهما كانت درجة إيمانهن.. ليس فقط لأن النساء عاطفيات قد يغيب عنهن عن حكم التعدد الكثير ولكن أيضاً لأن كثيراً من المعددين قدموا نتائج ونماذج سيئة للتعدد.. وفي نظري أن الخطاب الإعلامي والذي يتناول تلك الظاهرة تجده دائماً ما يخاطب المرأة فيكشف لها ما خفي عليها من فوائد التعدد الاجتماعية الإيمانية، لكنه نادراً ما يخاطب الرجل في هذا الشأن ليبين له شروط التعدد ومسؤولياته. في كثير من بلدان المسلمين تجد الرجل أبعد ما يكون عن الإسلام في سمته وفي نظام حياته ومع ذلك فهو يأخذ من الإسلام التعدد.. ولكم أن تتخيلوا الصور التي تقدمها نماذج كهذه للتعدد فكثيراً ما نسمع بذلك الرجل والذي هجر زوجته الأولى وهذا يطردها وأولادها من البيت الذي جلب إليه عروساً جديدة وثالث يهرب بعروسه ويختفي عن زوجته وأولاده حتى شاع المثل الشعبي والذي يقول «جنازته ولا جوازته!!؟ أي أن الزوجة ترى في موت زوجها مصيبة أخف من مصيبة زواجه مرة أخرى.. وأشد من ظلم بعض المعددين تسويغ هذا الظلم بحجة رضا الزوجة عنه!! وهو دائاً يستخدم ذلك السلاح البتار في يد المعددين «تنازلي أو أطلقك». ولا أدري قد يكون هدف بعض المعددين.. التفاخر بهذا التعدد بأن لديه زوجتان أو ثلاث أو ليقال بأنه تزوج بكراً.. أو فلانة أو بنت فلان.. أنا هنا لا أقصد كل المعددين بل المعددين للمباهاة.. ولا يريدون العدل أو تحمل مسؤولية بيتين وهنا أقول.. لماذا تتزوج؟.. ومن أجبرك على هذا الزواج!!؟
نعم قال الله تعالى: {فّانكٌحٍوا مّا طّابّ لّكٍم مٌَنّ النٌَسّاءٌ مّثًنّى" وّثٍلاثّ وّرٍبّاعّ} وهذه الآية للقادر فقط.. عندها ستقولون بأن الله تعالى قال: {وّلّن تّسًتّطٌيعٍوا أّن تّعًدٌلٍوا بّيًنّ النَسّاءٌ وّلّوً حّرّصًتٍمً} عندها أقول لكم وقال الله أيضاً {فّإنً خٌفًتٍمً أّلاَّ تّعًدٌلٍوا فّوّاحٌدّةْ} .. وإن العدل المطالب به في ذلك أمر يسير هو في القسمة والنفقة والعشرة.. أما الميل في القلوب فهي ملك لرب العباد.. وقال الله تعالى:{فّلا تّمٌيلٍوا كٍلَّ المّيًلٌ فّتّذّرٍوهّا كّالًمٍعّلَّقّةٌ} وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين نسائكم، فمن مال يأت يوم القيامة وشقه مائل» أتريدون أيها المعددون أن تكونوا كذلك يوم القيامة وعلى رؤوس الأشهاد.. إن أنتم عدلتهم عن العدل.. واعلموا إن أنتم حرصتم على العدل أن الله سيعينكم.. ولكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة الذي قال: «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» وتذكروا قول الله جل وعلا: {وّلا يّجًرٌمّنَّكٍمً شّنّآنٍ قّوًمُ عّلّى" أّلاَّ تّعًدٌلٍوا اعًدٌلٍوا هٍوّ أّقًرّبٍ لٌلتَّقًوّى"..}.. هذا ما لدي حول هذه القضية راجياً منكم الإنصاف في الطرح شاكراً من أجاد طالباً بعض الحلول الناجعة لهذه القضية ودمتم في حفظ الله ورعايته.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved