Saturday 19th april,2003 11160العدد السبت 17 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

السعادة التي نبحث عنها السعادة التي نبحث عنها
عمر بن سليمان الشلاش

السعادة.. كثير منا يتوق الى السعادة ويتطلع اليها وذلك بأن يكون سعيداً في نفسه ومع الآخرين، يبحث عن هذه السعادة دوماً وعلى كل حال وفي كل موقف.
وقد ينجح في تحقيقها والوصول إليها، وقد يجانبه النجاح في ذلك.
إلا ان ما ينبغي ان نقوله هنا وقبل الشروع في عملية تحقيق السعادة بل والتفكير في ذلك ما هي هذه السعادة التي نبحث عنها ونسعى الى تحقيقها؟
وما هي السبل المؤدية للوصول اليها؟
وهل نحن في حياتنا نعيش هذه السعادة أو نسير في الطريق الصحيح والمسلك المناسب المؤدي فعلاً إلى تحقيقها؟ ان البعض منا يعيش في وقتنا الحاضر.. حياة ربما لا يعلم هل هي سعيدة ام لا، وقد يريد ان تكون سعيدة وأن يصل الى هذه السعادة ولكنه لا يعلم السبيل الى ذلك، وقد يعيش حياة حالية سعيدة إلا أن سعادتها وقتية آنية فحسب، لانها لم تبن على أسس متينة، ولم تنطلق من مفاهيم دينية ربانية وإنما قد تكون من نزوات الشهوات أو المظاهر الدنيوية الزائفة والزائلة كذلك.
إن الدين الإسلامي قد كفل لنا هذه السعادة الحقيقية الدائمة بإذن الله، وأبان لنا طرق تحقيقها، وحثنا على إعمال عقولنا التي وهبنا الله إياها في التخطيط والترتيب والتنفيذ للأساليب والاجراءات والطرق المؤدية إليها.
إن رضا الخالق سبحانه وتعالى والتنفيذ الحقيقي والواقعي والفعلي لأوامره والطاعة والانصياع له في ذلك هو المحك الرئيسي في ذلك.
إن ذلك الرضا وتلك الطاعة ومن نعم الله علينا أن تحقيقها في غاية من السهولة وبطرق متعددة لا حصر لها وبأساليب صالحة لكل زمان ومكان، إن فاته شيء منها فليس ذلك مؤشرا على خسارته لفضلها وثمرتها الى الأبد ما دام حياً، ولكن أن يكون ذلك قبل فوات الأوان وقبل أن تبلغ الروح منتهاها.
قد يسأل الانسان نفسه أحياناً عدة تساؤلات من بينها:
أنا إنسان أصلي وأصوم وأزكي وأحج وأعتمر ووو... ولكن السعادة لم تبلغني وأنا لها فما السبب؟
وللرد على ذلك نشير إلى التساؤلين التاليين:
أولاً: هل أخلصت في أعمالك تلك لوجه الله تعالى، وخشعت فيها، وأديتها كما ينبغي؟
ثانيا: ماذا عن أمورك الاجتماعية ومعاملتك للآخرين سواء أقاربك أو من ليس لك بهم قرابة من إخوانك المسلمين؟
إن إخلاص الانسان وخشوعه في أعماله الدينية وابتغاء وجه الله فيها هو الشق الأول المؤدي الى تحقيق السعادة الحقيقية الدنيوية والاخروية بإذن الله تعالى.
الشق الآخر الذي لا غنى لنا عنه هو فلسفة حياة الشخص وسلوكه وطريقته في تعامله مع الآخرين وذلك كجانب مكمل وباعث للسعادة في نفس المؤمن، ويشمل ذلك أموراً ومسالك وجوانب عديدة لا حصر لها في حياتنا، فإذا بحث الانسان عن أسباب وطرق تحقيق السعادة فسيدرك بأنها عديدة، فمن بين تلك الجوانب والمسالك والأعمال التي تضاف الى ما يؤديه العبد من فرائض على سبيل المثال لا الحصر:
1 بر الوالدين الذي هو سبب من أسباب دخول الجنة، وقد كان ذلك واضحاً في مواضع كثيرة في كتاب الله العزيز بالإضافة الى تأكيد المصطفى صلى الله عليه وسلم على برهما في حديث (مَنْ أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال ثم مَنْ؟ قال: أمك، قال ثم مَنْ؟ قال أمك، قال: ثم مَنْ؟ قال: أبوك)، وحديث (بروا آباءكم تبركم أبناؤكم).
2 صلة الأرحام التي هي من أسباب بسط الرزق وطول العمر والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه).
3 كفالة ورعاية اليتيم لقوله تعالى: {فاما اليتيم فلا تقهر} وقوله صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى).
4 الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لقوله تعالى: {كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر و تؤمنون بالله}، وقوله تعالى: {و لتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر و اولئك هم المفلحون}.
5 الإصلاح بين الناس قال تعالى: {لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس ومن يفعل ذللك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه اجراً عظيماً}.
6 الأمانة مع النفس ومع الآخرين قال تعالى: {ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا باعدل ان الله نعما يعظكم به ان الله كان سميعاً بصيراً}.
7 الابتعاد عن أسباب موجبات غضب الله، من أعمال تمس العرض والأخلاق والمروءة واقتداء بأشرف الخلق عليه الصلاة والسلام كما مدحه سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بقوله: {وانك على خلق عظيم}.
8 تنقية وتصفية النفوس وتطهيرها مما قد يغلفها ويحفها ويخدش جمالها وبريقها وروحها من الحقد والحسد والعداوة والبغضاء، لأنه من كان يجد في نفسه شيئا على أخيه أو يحيك ويخطط ضده فإنه في النهاية لن يشعر بأي سعادة أو ارتياح نفسي، كما انه سيغيب ويخسر أخيرا في نيته ومقصده وما يخفيه، لقوله تعالى:{قد افلح من زكاها ، وقد خاب من دساها}.
9 الرضا بما يهبه الخالق جل وعلا من الرزق والنصيب والمال والولد، وعدم الاستغراق في الدنيا والانغماس في شهواتها، والزهد في كثير من ملذاتها طمعاً فيما لديه سبحانه في جنة الخلد التي سيهبها لمن اتقى، قال تعالى: {والعاقبة للمتقين} أي اتخذ وقاية من عذابه بفعل اوامره واجتناب نواهيه.
وقوله: {مثل الجنة التي وعد المتقون فيها انهار من ناء غير آسن وانهار من لبن لم يتغير طعمه وانهار من خمر لذة للشاربين وانها رمن عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغرفة من ربهم ....} إلى آخر الآيات.
وغير ذلك كثير من أساليب الاحسان والتقرب الى الله والطمع فيما لديه أملا في تحقيق السعادتين بإذن الله الدنيوية والاخروية، طلب السعادة هو الإحساس الصادق لدى العبد بأداء ما هو مطلوب منه تجاه ربه والوفاء كذلك بواجباته تجاه الآخرين.
ابتداء بالاقربين وعدم التعدي على الناس باليد أو اللسان ومن ثم الشعور بالسعادة، فكثير ممن اصيبوا بالتوترات والأمراض النفسية، وعدم الاستقرار في حياتهم هو في المقام الأول بسبب تقصيرهم بواجباتهم تجاه ربهم والشعور بعدم قيمة الحياة، وكذلك عدم وضوح الهدف والمراد فيها مما يجعلهم في حالة صراع وقلق دائم والعياذ بالله.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved