Saturday 19th april,2003 11160العدد السبت 17 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أجندة الصقور أجندة الصقور
دانيال فوكون ( * )

الصقور في الادارة الامريكية ليسوا أكثر من راديكاليين بأسلوب المحافظين.. يمكن القول ان ظهورهم أول مرة بشكل حقيقي كان إبان حرب فيتنام وكانوا من أكثر الداعين إلى إبادة الشعب الفيتنامي قبل انفجار القنبلة الإعلامية التي أخرجت الجيش الأمريكي خاسرا.. الفيتناميون لم يربحوا الحرب لأنهم كانوا الأقوى، بل لأنهم كانواالضحايا في صور بثها الإعلام وشاهدها الشعب الأمريكي الذي خرج إلى الشوارع للمطالبة برجوع الجنود.. أمريكا يومها كانت محاصرة بأكثر من أزمة داخلية. لهذا لم يكن هنالك ثمة من يمكنه إعلان سياسة الأمر الواقع.. أمريكا لم تعد مجبرة على ارتكاب ذلك الخطأ.
أحداث سبتمبر 2001 شكلت الفرصة الذهبية للأمريكيين كي يضربوا بقوة.
في كل اتجاه.
أمريكا المجروحة في كرامتها قررت الانتقام .. ممن ؟ من الأفغانيين الذين كانت تبحث عن السبب المثالي لضربهم بذلك الشكل فاتحة القنوات الإعلامية لعرض الصور مباشرة أحيانا .. لأول مرة. أراد الأمريكيون أن ينتقموا من خسارتهم الإعلامية في الفيتنام، عبر جعل الحرب على الأفغانيين صورة يومية بحجة إنقاذهم من نظامهم الأمريكيون المجتمعون في العاصمة الأفغانية، وانطلاقا من القاعدةالعسكرية التي يحلو للبعض تسميتها «كيندي» لارتباطها بالحلم الأمريكي القديم.. صنعوا لائحة الحرب القادمة .. لم يكن هنالك أفضل من الحرب لتغيير المنطقة، لأن القضاء على نظام صعب كالنظام العراقي يمكن فتح الشهية للقضاء على أي نظام آخر .. لكن أمريكا لم تكن تريد أي نظام آخر .. كانت تريد رأس صدام حسين..!
الصقور الذين استحوذوا على البيت الأبيض في يناير 2001 قرروا استحداث العالم وفق استراتيجية جديدة تتمحور في :
- القضاء على النظام العراقي المدرج رسميا في قائمة الدول التي تعتبرها أمريكا العدو رقم واحد.. بيد أن القضاء على نظام صدام حسين لم يكن بالأمرالسهل.. كانت إدارة البيت الأبيض تعتمد على مكتب المخابرات للتنسيق معه في مرحلة «التساقط» التي يطلق عليها رامسفيلد عبارة «الانتهاء» ..
- دمقرطة المنطقة العربية التي تعد عدوا رقم واحد للدولة العبرية ..
- تصفية الأنظمة العالمية المعادية للهيمنة الأمريكية الإسرائيلية ..
- إدراج الدول الرافضة للتغيير الجذري في قائمة الإرهاب ..
- الضرب بأسلوب الترهيب والصدمة.
وثيقة «فورس 2001» التي أثارت الكثير من الجدل الإعلامي في الولايات المتحدة كانت تخفي الحقيقة الوحيدة التي لم يتطرق إليها البيت الأبيض بصقوره. وهي أن إسقاط النظام العراقي لن يكون العملية الوحيدة في المنطقة لأن الحرب سوف «تعالج» أنظمة ومنظومات سياسية أخرى.
الأمريكيون لا يمكنهم العثور على أفضل من الشعارات اللامعة كي يمرروا رسائل الحرب إلى الشعب الأمريكي تحديدا.. الديمقراطية التي تعني للأمريكيين أنسب طريقة لشن الحرب.. فعلوا ذلك في أفغانستان. وفعلوا ذلك في العراق.. وسيفعلون نفس الشيء في سورية وإيران.
الحرب على العراق، كانت الضربة الأقوى، لأن السقوط الذي أدى إلى دخول الأمريكيين إلى بغداد كان «تاريخيا» بالنسبة للصقور، وبالتالي سببا في التأكيد على أن خطة التغيير تلك كانت جيدة.. الأمريكيون تجاوزوا في العراق عقدة الإعلام المضاد، وبالتالي استطاعوا استثمار قوة نفوذهم في اختراق ذلك الإعلام. كأن يقولوا للعالم: الديمقراطية تحتاج إلى التضحيات دائما !التضحيات التي ربما ستدفعها امريكا لأنها لم تنتصر على العراقيين بعد.. ثمة أكثر من خمسين بالمئة من العراقيين يرفضون أي حكومة تتشكل من أمريكيين منحازين إلى إسرائيل..
مسألة التحرر لن تكون هينة .. الحرب التي تأخذ شكل «الهدنة» لم تبدأ بعد.. نعرف جيدا أن السلوك العراقي يختلف عن السلوك الأفغاني. العراقيون يعرفون أنهم جزء من أعرق حضارة إنسانية. ولهذا ترويضهم لن يكون متاحا.. مرحلة التعمير سوف تحدد الكثير من الأمور وبالتالي ستكشف عن خطة العمل التي سوف تقود مستقبل العراقيين.. الأمريكيون يعرفون أن المقاومة لن تضع السلاح. قد تذوب وسط الشعب العراقي لكنها ستنتفض لأنها لم تتعود على الاستكانة.

(*) «كورييه انترناسيونال» الفرنسية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved