Thursday 1st may,2003 11172العدد الخميس 29 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تخفيض معدلات الإنفاق العسكري في السنوات الماضية تخفيض معدلات الإنفاق العسكري في السنوات الماضية
أوروبا تتطلع لسياسة دفاعية جديدة لكسر الهيمنة الأمريكية

* برلين أ ش أ:
أجبرت الازمة العراقية أوروبا على إعادة النظر في الاسس التي بنيت عليها سياستها الخارجية والدفاعية لاسيما في اعقاب الخلافات التي ضربت اوروبا قبل الحرب الانجلوأمريكية على العراق حيث انقسمت الدول الاوروبية الى فريقين الاول مؤيد للحرب (كبريطانيا ودول شرق ووسط أوروبا) والثاني معارض لها كفرنسا والمانيا.
ويرى محللون استراتيجيون اوروبيون مثل براندون ميتشنر ان الازمة العراقية كشفت النقاب عن هشاشة الارضية التي تستند عليها أوروبا في مساعيها لتشكيل قوة عالمية مؤثرة سياسياً واقتصادياً في مجريات الاحداث ويمكنها في الوقت نفسه ان تقف على قدم المساواة مع الولايات المتحدة ولاسيما بعد انجاز عملية توسيع الاتحاد الاوروبي.
وقال ميتشنر ان الاتحاد الاوروبي الذي طالما وصف بأنه عملاق اقتصادي وقزم سياسي يفكر جديا في اعادة النظر في سياساته الخارجية والدفاعية بعد انتهاء الحرب العراقية في ضوء المتغيرات الدولية والخطط الامريكية للهيمنة على الشئون العالمية لضمان قرن أمريكى جديد.
وأكد ان الانقسامات التي شهدها الاتحاد الاوروبي قبل واثناء الحرب الانجلوأمريكية على العراق حدثت نتيجة غياب آلية التعامل مع الازمات داخل الاتحاد الاوروبي وعدم وجود رؤية واضحة المعالم لقيادة الاتحاد ولاسيما في ظل رفض دول شرق ووسط اوروبا لقيادة المانيا وفرنسا للاتحاد واصرارها على الاحتفاظ بعلاقات خاصة وقوية مع الولايات المتحدة.وتسعى بلجيكا والمانيا وفرنسا ولوكسمبورج الى تدعيم الخطط الاوروبية الرامية الى صياغة سياسة خارجية ودفاعية موحدة للاتحاد الاوروبي في محاولة لابعاد الاتحاد عن شبح الخلافات وترميم البيت الاوروبي من الشقوق التي ألمت به نتيجة المواقف المتناقضة من الحرب الامريكية على العراق.
ويرى المنتقدون للخطط الاوروبية ان العديد من الدول تؤيد الخطط مدفوعة بضغوط انتخابية مثل بلجيكا التي سوف تشهد انتخابات برلمانية في الثامن عشر من مايو المقبل مشيرين الى أن صياغة استراتيجية دفاعية أوروبية بدون بريطانيا سوف تفقدها المصداقية ولن تحقق الهدف المطلوب.
ويقول ميشيل بارنيه المحلل الاستراتيجي الفرنسي ان الجدل الدائر حالياً بشأن صياغة خطط اوروبية موحدة للسياسة الخارجية والدفاعية تعكس ادراكا متزايدا في اوساط الحكومات الاوروبية بضرورة تجاوز القصور في السياسات والاسباب التي ادت الى الانقسامات بين الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي خلال الازمة العراقية.
وأضاف ان الاشكالية تكمن في كيفية تحقيق التوازن بين الامكانيات الحالية والطموحات السياسية في ظل المتغيرات الدولية الحالية وتوجهات الدول الاعضاء بالاتحاد الاوروبي.
واوضح أن جهود بروكسل وبرلين لدفع خطط السياسات الخارجية والدفاعية الاوروبية الموحدة للامام (رغم عدم كفايتها لان الدولتين تصنفان بانهما قزمان في شئون السياسة الخارجية) يمكن أن تسهم في وضع الاتحاد الاوروبي على بداية الطريق لانجاز ذلك الهدف.
ورغم الخلافات بين الدول الاوروبية من الازمة العراقية اظهرت استطلاعات الرأي ان غالبية الشعوب الاوروبية تؤيد تدعيم التعاون في الشئون الخارجية والامنية والدفاعية بين الدول الاعضاء بالاتحاد الاوروبي.
وفي السياق نفسه يرى براندون ميتشنر المحلل الاستراتيجي ان صياغة سياسة خارجية فعالة على المستوى العالمي يستلزم بروز الاتحاد الاوروبي كقوة اقتصادية مؤثرة وزيادة معدلات الانفاق العسكرى.
ويرى مسؤولو الصناعات العسكرية الاوروبية ان التعاون العسكري المشترك وتنسيق الخطط الامنية والدفاعية تدعم أوروبا ككيان قوي ومؤثر في الشؤون الخارجية والدفاعية حتى دون اللجوء الى زيادة معدلات الانفاق العسكري.
وتشير الاحصائيات الرسمية الى ان عددا من الدول الاوروبية خفضت معدلات الانفاق العسكرى في السنوات الماضية.. ففي بلجيكا بلغ معدل الانفاق العسكرى 3 ،1 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي عام 2001 مقابل 4 ،1 في المائة عام 2000.
وفي فرنسا بلغ معدل الانفاق العسكرى 6 ،2 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي عام 2001 مقابل 7 ،2 في المائة عام 1999 بينما بلغ الانفاق العسكري في المانيا 5 ،1 في المائة من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي عام 2001 وهو نفس المعدل عامي 2000 و 1999.
وبلغ معدل الانفاق العسكري في لوكسمبورج 8 ،0 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي عام 2001 مقابل 7ر0 في المائة عام 2000 بينما بلغ الانفاق العسكري في المملكة المتحدة 5 ،2 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي عام 2001 مقابل 6 ،2 في لمائة عام 2000.
وتشير احصائيات وزارة الدفاع الامريكية بنتاجون الى أن اجمالي الانفاق العسكري للولايات المتحدة بلغ 3 في المائة عام 2001 من الناتج المحلي الاجمالي االذي يبلغ حجمه 10 تريليونات دولار مقابل 1 ،3 في المائة عام 2000 بينما بلغ اجمالي الانفاق العسكري لحلف شمال الاطلسي الناتو 5 ،2 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي للدول الاعضاء.
ومن جانبه أكد ادموند ليبنسكى (الذي يعمل أستاذاً للعلوم السياسية بأكاديمية وارسو للعلوم) ان الحديث عن قدرة فرنسا والمانيا على قيادة الاتحاد الأوروبي االذي سوف يضم 25 دولة في المستقبل بناتج محلي اجمالي يصل الى 9 مليارات دولار أمر مبالغ فيه.
وفي المقابل تحرص فرنسا والمانيا على تدعيم التحرك المشترك لقيادة أوروبا حيث اكد المستشار الألماني جيرهارد شرودر أن بلاده حريصة على التنسيق مع فرنسا وعدم عزلها.
وتزايدت دعوات الخبراء السياسيين والاقتصاديين الأوروبيين بضرورة التوصل الى تفاهم مشترك والتخلص من التعصب والنزعات القومية التي تجهض المحاولات الرامية الى اقامة الكيان الأوروبي الموحد واالذي يمكنه ان يكون لاعبا رئيسيا على الساحتين الاقتصادية والسياسية بالعالم.
ومن ناحية أخرى تزايدت نبرة السياسات الحمائية بالاتحاد الأوروبي خلال العام الماضي االذي شهد استمرار القوانين الصارمة التي تحكم وتحمي سوق العمالة في غالبية دول منطقة اليورو الرئيسية ولاسيما ألمانيا وفرنسا اضافة الى الضرائب العالية ومعدل الفائدة المرتفع االذي يحجم البنك المركزي الأوروبي عن تخفيضه.
وترى مؤسسات أوروبية اقتصادية أن اقتصاديات دول اليورو تواجهها تحديات قوية تتمثل في الدعوات السائدة في عدد من الدول الأوروبية الرئيسية الى تطبيق ما يسمى بالسياسات الحمائية الجديدة أو ما يطلق عليه البعض القومية الجديدة والتي تعرقل المنافسة الحرة في مجال التجارة.
وقال ماريو مونتو مفوض شؤون المنافسة بالاتحاد الأوروبي ان تيارات القومية والحماية الجديدة يعتنقها عدد كبير من السياسيين والاقتصاديين الأوروبيين.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved